مسالة مستعجلة
تولعها “جوبا” تتحملا “الخرطوم”!!
نجل الدين ادم
أخبار محزنة ومؤسفة حملتها وكالات الأنباء عن تفاقم الأزمة في جنوب السودان، وفرار الآلاف بعد الاعتداءات التي طالت مناطق بأعالي النيل، والنتيجة المباشرة كانت تدفق الآلاف صوب السودان وهم يعانون أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد.
سيستمر الحال على هذا المنوال، فكلما اشتدت الأهوال في جنوب السودان تتحمل الخرطوم التداعيات، وتدفع فاتورة الحرب الدائرة هناك والتي غالباً ما تكون نتاجاً لصراعات سلطة، تصرف الحكومة من خزينتها لإغاثة المتدفقين إليها عبر الولايات الحدودية، ويشارك اللاجئون الجنوبيون إخوانهم السودانيين الخدمات بينما تتفرج دولتهم التي تسببت في هذه الأوضاع الإنسانية، المواطنون السودانيون بحكم أواصر الصلة لا ينتظرون الحكومة لإغاثة أهلهم الجنوبيين، والسلطة عندما تصطدم بالواقع تتعامل معه لا تترد في عون كل الفارين إليها.
السؤال الذي يفرض نفسه إلى متى ستتحمل جمهورية السودان علل وأمراض الدولة الوليدة التي اختار أهلها طوعاً هذا الانقسام الروحي؟
معروف أن واحدة من المطالب والشروط التي دفعت بها الولايات المتحدة الأمريكية للحكومة السودانية بغية رفع العقوبات الاقتصادية، كان مساهمة الخرطوم في حل مشكلة جنوب السودان، الآن فقط وبعد توالي هذه الأوضاع وتفاقمها بالنحو المزعج ينبغي علينا أن نسارع في مساعدة دولة الجنوب في حل مشاكلهم، واشنطن تعلم جيداً قدرة الخرطوم بعد أن فشلت هي في احتواء الأوضاع في جنوب السودان، والتي سعت جاهدة لفصله من الدولة الأم، ولكن انقلب السحر على الساحر فلم تستطع السيطرة عليها.
استقرار جنوب السودان هو من استقرار السودان، لذلك، مطلوب من الخرطوم أن تتدخل خصوصاً بعد فشل كل الوساطات الإقليمية والدولية، الخرطوم تملك من المقومات ما يؤهلها للعب دور الوسيط المقبول بين فرقاء الجنوب من السياسيين والعسكريين، الخرطوم تعرف جيداً العقليات الجنوبية التي تتحكم في مصائر الضعفاء من عامة الشعب، لذلك ينبغي أن تسبق خطاوينا هذا الأمر لنكون حائط صد للصراعات المتشعبة في دولة الجنوب.
مسألة ثانية .. اهتمت صحف الأمس بتصريحات وزير الدولة بالخارجية البريطانية وطلبها من الحكومة العمل على وقف العدائيات، والسماح لوصول المساعدات الإنسانية بغية رفع العقوبات الأمريكية كاملة. فيما يتعلق بوقف العدائيات فإن الحكومة سارعت وبعد بضعة أيام إلى تمديد وقف إطلاق النار مع قطاع الشمال، الأمر الذي يجعل من حديث الوزيرة البريطانية هو مجرد تحصيل حاصل، أما بالنسبة للمساعدات الإنسانية فإن واشنطن تقدمت بمبادرة وجدت القبول من الحكومة لإيصال المساعدات والحكومة في ذلك تقدمت خطوات وخطوات، لذا تصبح النصائح البريطانية للعلاج مجرد جسد شفي من المرض، فإن كان من دور فعليهم أن يدفعوا في اتجاه تأكيد ما هو مؤكد من حقائق بشأن ملف السودان، لأن شهادتهم ستجد الاعتبار والله المستعان.