رأي

بعد ومسافة

من خارج الاجتماع الرسمي لمجلس الوزراء
مصطفى أبو العزائم
من أبرز ميزات اجتماعات مجلس الوزراء التي تتم خارج الخرطوم المقر الرسمي للمجلس الموقر، القرب المباشر والوقت الممتد نسبياً بين بعض الوزراء وبين الصحفيين وأهل الإعلام الذين تتم دعوتهم لحضور تلك الجلسات، التي تكون غالباً جلسات استثنائية لمناقشة قضايا كبيرة، أو لتقييم مشروعات تم إنجازها ضمن الخطة العامة للتنمية، وهو ما حدث يوم (الخميس) الماضي بموقع مجمع سدي أعالي عطبرة وستيت في ولاية القضارف قريباً من حدودها مع ولاية كسلا.
ما دار في المجلس من عرض للخطة الوطنية لكفاءة الطاقة الكهربائية بالسودان، وتدشين عمل أول توربينة لتوليد الكهرباء من بحيرة السدين، ومناقشة قضايا الري، كل ذلك تم نقله وعرضه لكل السودانيين من خلال الفضائيات وأجهزة الإعلام المختلفة إلى جانب التغطيات الصحفية من خلال الرصد والتعليق والرأي، لكن هناك ما لم يتم نقله، وهو الحوارات الخاصة بين الصحافة والتنفيذيين والوزراء، ومراسم مجلس الوزراء وبقية الفريق الفني والإداري الذي يقوم عليه دائماً نجاح هذه الاجتماع التي تنعقد خارج الخرطوم.
قبيل انعقاد الاجتماع الخامس لمجلس الوزراء بمجمع السدين ظهر (الخميس) الماضي، قمنا بجولة شملت محطات تنقية المياه التي أنشئت هناك، مع مرور سريع على إحدى المدن الجديدة التي بنيت على أحدث الطرز المعمارية، وهي في مجملها إحدى عشرة مدينة أنشئت لإعادة توطين قرابة الثلاثين ألف مواطن من أهالي المنطقة، منها ثماني مدن بولاية القضارف وثلاث بولاية كسلا مع كامل مرافقها ومدارسها ومساجدها وأنديتها الاجتماعية. وشملت الجولة وقفة عند الخزان (مجمع سدي أعالي عطبرة وستيت) للتعرف على جسم السد وتوربينات التوليد الأربع، وقد بدأت الأولى عملها يوم وصولنا لإنتاج ثمانين ميقاواط، لتنضم لها الأخريات تدريجياً حتى يرتفع الإنتاج الكلي إلى ثلاثمائة وعشرين ميقاواط أواخر أغسطس القادم.
هذه التحولات الكبيرة التي تشهدها المنطقة كانت جزءاً من نقاشنا العام داخل البص الكبير الذي تنقلنا به من مكان إلى آخر، وقد ذكرت لزملاء الرحلة من السادة الوزراء ووزراء الدولة، أن أحداً في السودان لا يعرف حجم الذي حدث هنا، وربما حتى في عواصم ولايات الشرق، وحتى نحن لو لم نر رأي العين ما كان لأحد منا أن يصدق حجم الإعمار الذي تم في المنطقة، وقد أثار لاحقاً زميلنا الأستاذ “فتح الرحمن شبارقة” هذا الموضوع داخل جلسة مجلس الوزراء عندما منحت له الفرصة للحديث ضمن الصحفيين والإعلاميين المشاركين في تلك الجلسة.
ونحن داخل البص أعجبني الفهم الإعلامي المتقدم للأخ الدكتور “محمد يوسف” الذي أشار إلى أهمية الدراما المرئية في نقل صورة التغيير المجتمعي الايجابي وترسيخها في ذهن المشاهد، وقد كنت أول مؤيد لهذه الفكرة، واستشهدت على أهمية الدراما بما طرحته خلال اجتماع إحدى اللجان المختصة داخل الصندوق القومي لرعاية الطلاب، كان يوم (الثلاثاء) الماضي، وأعرب كثيرون عن أمنيتهم أن تهتم وحدة تنفيذ السدود بهذا الأمر لإنتاج عمل درامي طويل على حلقات – مسلسل – تدور أحداثه ويتحرك شخوصه بين هذه المعالم الجديدة والحديثة التي نشأت وغيرت نمط العيش والحياة هناك.
خلال ذات الرحلة سعدنا بحديث ومداخلات الأخ الكريم الأستاذ “أبو عبيدة محمد دج”، المدير التنفيذي لصندوق إعادة بناء وتنمية الشرق، ودوره الكبير في التحولات الكبرى من خلال المشروعات الضخمة التي تم تنفيذها فأصبحت مدخلاً جديداً للتنمية البشرية والمجتمعية والزراعية والخدمية في هذا الإقليم الكبير – الشرق – الذي عانى كثيراً من خلال معاناة مواطنيه.
جملة المشروعات التي تم تنفيذها خلال سنوات السلام العشر الممتدة من العام 2006 وحتى العام 2016م بلغت (1001) مشروع في مجالات المياه والصحة والتعليم وترقية الاقتصاد، إضافة للطرق والكهرباء والتنمية المجتمعية والبشرية في ولايات الشرق الثلاث.
قلت للأستاذ “أبو عبيدة دج” إن صندوق إعادة بناء وتنمية الشرق هو أحوج ما يكون الآن لتكثيف الإعلام حول إنجازاته وتعريف المواطن بها.. أطرق الرجل ونظر بعيداً، لكنه لم يقل شيئاً.. ربما كان يفكر في الكيفية التي يمكن أن يطلق بها مارد الإنجاز من داخل الصندوق.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية