تحقيقات

تردٍ واضح رصدته (المجهر): القمامة تحاصر أحياء الخرطوم وشوارعها..!

 هذا هو واقع الصورة الآن، الخرطوم مدينة تعج بالأوساخ، هكذا يقول واقع ما نراه رغم تصريحات المسؤولين وتأكيدهم أداء واجبهم على أكمل وجه.. المواطنون قالوا لا نرى سوى موظفي التحصيل الذين لا يتوانون في أداء مهامهم والتحصيل من المواطن الذي أثقلت كاهله الأعباء..
 بيئة صحية متردية تعاني منها أنحاء عديدة في العاصمة.. في شوارع وأحياء وأسواق.. والمسؤولون يلقون اللوم على المواطن الذي بدوره يسخط ليل نهار بسبب تردي الخدمة وتوالد الذباب والباعوض اللذي وجدا مرتعاً خصباً للتوالد نتيجة تراكم أكوام القمامة وسط أحياء الخرطوم القريبة منها والبعيد..!
{ سخط تذمر
 مع نزول الأمطار ازداد الأمر سوءاً، ففي فصل الخريف تسوء الأوضاع ويصعب على آليات النظافة الدخول إلى الشوارع الداخلية.. تظل القمامة قابعة في مكانها تبحث عن من يأخذها.. فتصير الطرقات والمساحات أمام المنازل أشبه بالمزابل.. والقذارة عنوانها.. أما داخل الأسواق فحدث ولا حرج..!
مواطنون بحي (أبو آدم) وأحياء أخرى بالولاية، أكدوا لـ (المجهر) تردي الأحوال البيئية هناك بسبب تراكم النفايات التي أدت إلى توالد الذباب في ظل تقصير لهيئة نظافة ولاية الخرطوم.. وأبدوا سخطاً وتذمراً واضحين.
{ أزمة سلوك..! 
هيئة النظافة بمحلية الخرطوم قالت إن المواطنين لا يتعاونون في إخراج نفاياتهم في الوقت المحدد لقدوم العربة.. بينما أكد المواطنون التزامهم بإخراجها في موعدها..!
 (المجهر) اتجهت صوب هيئة النظافة والتقت المدير العام  اللواء معاش “حسن عبد الرؤوف” الذي أكد أن الهيئة تدير ثلاثة قطاعات إدارية من أصل خمسة تابعة لمحلية الخرطوم، تتمثل القطاعات الثلاث في منطقة الخرطوم وسط، الخرطوم شمال، والخرطوم شرق، وهناك مناطق تضم الأجانب والسياسيين والواجهة السيادية، مشيراً إلى أن أحد  المعوقات التي تواجه الهيئة هي سلوك المواطن نفسه، وقال إن المواطن لا يلتزم ببرنامج العربة، وغالبية الأسر لا تلتزم بإخراج نفاياتها بنفسها وتوكل الأمر إلى العامل في المنزل الذي لا يعلم مواعيد العربة.. وهنالك أسر تخرج نفاياتها بعد ذهاب العربة.. مما يجعل بيئة الشارع غير لائقة..
وأضاف مدير هيئة النظافة: هذا بالنسبة لسلوك المواطن في المنازل، وهناك أيضاً سلوك غير حضاري في الأماكن العامة والشوارع يمارسه سائقو المركبات العامة والخاصة.. متناسين أن تعاون المواطن يسهم في نظافة البلاد.. مؤكداً سعي الهيئة لمعالجة السلوك من خلال (اسكتشات) درامية، ولكنه استطرد: نحن لا نملك عصا موسى ويمكن أن تحدث أعطاب لآلياتنا التي يبلغ عددها (80) عربة.. (60) منها تعمل و(20) تحت الصيانة، لذا أدخلنا عربات (طوارئ) بغرض التدخل السريع.. وهي عربة بها صندوق يحمل طناً من النفايات تتدخل في حالة تعطل عربة النفايات.. وعاد اللواء معاش “حسن عبد الرؤوف” مؤكداً حرصهم في الهيئة، مدللاً بالقول: حذرنا محصلي النفايات من التحصيل من منزل أمامه أكياس نفايات.
{ النفايات الطبية
حسناً.. ماذا عن النفايات الطبية؟ سؤال وجهناه للمدير العام لهيئة النظافة بمحلية الخرطوم فأكد تحرير خطابات إلى جميع المستشفيات التابعة للمحلية، الخاصة منها والعامة، وقال: أوضحنا من خلالها عدم تعامل الهيئة مع النفايات الطبية إلا بعد فرزها، لأنه لا يمكن تعريض العامل الخطر، وللأسف المستشفيات لم تتعامل معنا عدا مستشفى واحد، ولذلك وجهنا العمال حال عثورهم على  قطعة واحدة منها ترك النفايات في موقعها.
{ حي نموذجي..!
من ناحية أخرى أكدت هيئة نظافة الخرطوم تعاملها مع جميع الأحياء تعاملاً عادلاً، ونفت إهمالها الأحياء الطرفية، لافتة إلى أن (حي الزهور) يعتبر الحي النموذجي وذلك من خلال تطبيق الخطة الجديدة، وهي نظام توفير الحاويات.. بوضع حاوية في كل مربع، وتقوم كل أسرة بوضع نفاياتها داخل الحاوية من أجل ضمان المحافظة على النظافة خارج المنازل، وتم تخصيص جائزة الحي المثالي وهي عبارة عن لافتة نحاسية (استاند) توضع على مدخل الحي.. وأكدت الهيئة أن المواطنين التزموا وقاموا بالنظافة أمام منازلهم ولم يتبق غير الشوارع، كاشفة عن نهج الجديد انتهجته بالنسبة للمناسبات بأن يخطرهم صاحب المناسبة قبلها بيوم لكي تأتي العربة لأخذ النفايات بدلاً من تركها في الطريق.
{ مشاكل وتحديات
من جانبه كشف خبير صحة – فضَّل حجب اسمه – عن تدني مستوى الأداء في النظافة داخل المدن الثلاثة، وأرجع المسؤولية إلى المحليات، وقال: هناك خلل كبير في إدارة وصيانة الآليات وقصور من المحليات في تقديم الدعم المالي لمشاريع النظافة مما أدى إلى تعطيل كثير من الآليات وتقليص العمالة والخدمة، مشيراً إلى أن انفصال الجنوب كان له أثر كبير في نقص العمالة والموجودة الآن غير مدربة، والعائد المالي غير مشجع، والعدد الموجود من الآليات بالمحليات إذا تمت صيانته ووضع ميزانية محددة له يعتبر كافياً لتقديم خدمة جيدة، وقال: هناك مشكلة في التحصيل وخاصة من المنازل التي يبلغ معدل نفاياتها 65%، بينما يبلغ معدل التجاري والصناعي 35% ولكن ما يتم تحصيله من القطاع السكني ضعيف، لأن المواطن يرى أن هذا هو دور الدولة، لذلك فإن وعي المواطنين يمثل نصف النجاح، والعملية مشتركة بين المواطن والدولة، ولكن سلوك المواطن مشكلة، وأضاف محدثنا: هنالك 3500 طن يومياً من النفايات تذهب إلى (المردم)، أي ما يفوق أكثر من مليون طن في السنة، وقال: النظافة لن تنجح إذا لم يتكاتف المجتمع.. أما الهيئة الإشرافية فهي تقوم برفع تقرير كامل للمعتمد، ولا بد أن يكون هناك جسم مشترك في العمل، ولابد من توحيد مبدأ وحدة الإدارة.
{ إشراف وتفتيش
القائمون على أمر الهيئة الإشرافية أكدوا أن دورهم يتمثل في الرقابة والتفتيش الدوري لعمال النظافة بالمحليات بواسطة فرق فنية متخصصة تقوم بتوجيه وتنبيه المحليات الثلاثة لمواقع الخلل لرفع الأمر إلى قيادة المحلية التنفيذية والجهات الأخرى بالولاية، وقالوا إن أهم المعوقات التي تواجه الهيئة الإشرافية هو السلوك السالب لكثير من المواطنين تجاه النظافة وعدم تجاوبهم مع الإرشادات، بالإضافة إلى زيادة أسعار المحروقات والاسبيرات والصيانة وكلفة التشغيل، كما اعتبروا ضعف البنية التحتية واتساع الرقعة الجغرافية للولاية أحد معوقات العمل إلى جانب ضعف الموارد المالية وعدم تفعيل قوانين المخالفات.
وأكدت الهيئة الإشرافية أن المواطن هو (رأس الرمح) في عملية النظافة من حيث الرقابة والالتزام بالموجهات، كما كشفت عن خطة شاملة تتمثل في عدة محاور تشمل:
 محور الخدمة السيادية وهو حسب المعايير المعمول بها عالمياً لنظافة المدن والأحياء والأسواق والمناطق الصناعية والشوارع والساحات والميادين، ومحور التوعية البيئية وتشمل الجانب الحكومي والمجتمع كشريك أصيل وصاحب حق وقضية في الشأن، ويتم هذا المحور بمشاركة منظمات المجتمع المدني.
ومحور القوانين وتفعيلها للحد من المخالفات البيئية، بالإضافة إلى محور الإعلام وتسليط الضوء على أداء المحليات، بالإضافة إلى دور السلطة الرابعة لترقية العمل والأداء.
{ عود هلى بدء..
وبعد.. الاتهامات مبتبادلة بين المواطنين وهيئة النظافة.. والصور تشي بأن البيئة تعاني في العديد من الأماكن الحيوية.. فمتى تختفي هذه المشاهد المخجلة؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية