عز الكلام
بالمنطق كده!!
أم وضاح
كثير من أدبائنا وعلمائنا وحتى ساستنا ظلمهم تواضعهم، وظنهم أن حديثهم عن أنفسهم وأعمالهم فيها شيء من التباهي والتسويق لذاتهم، مما لا تألفه وتقبله نفوسهم، فظلوا في دائرة الجهل بهم؛ إلا لمن بحث ونقَّب وتبرَّع بأن يلح عليهم بالتعريف للحقيقة والتاريخ. وكثير أيضاً من المسؤولين والوزراء ظلمهم إعلامهم، لأنه يحجب المعلومة ويتردد في النفي أو الإثبات لتغيب كل الحقيقة وليس جزءًا منها. وواحد من هؤلاء المظاليم هو الأخ الدكتور “أحمد صادق الكاروري” وزير المعادن الذي ظل يدفع ولوحده فاتورة السؤال الصعب (أنتو قروش الدهب دي بتمشي وين)؟. رغم أن الرجل، هو صحيح، فعلياً الممسك بالملف إنتاجاً، لكنه ليس معنياً بتقسيم الثروة وأوجه صرفها، وهي معلومة غائبة عن الكثيرين، وأنا منهم. والاعتراف بغياب المعلومة ليس خطأ، ولكنه أبسط أبجديات الشجاعة الأدبية لنملِّك الشارع السوداني المعلومة كاملة للحق والتاريخ. والرجل منذ أن جاء الوزارة يعمل في صمت الصابرين، يؤسس لدولة ولإستراتيجية اعتبرها أفضل ألف مرة من اكتشافات عابرة، لو أنها تمت في عهد غيره لملأ الدنيا تهليلاً وتمجيداً للذات وللاكتشاف، وكأن مشاكل السودان جميعها حُلت على يديه، لكن الرجل ظل يعمل في هدوء، هو جزء من شخصيته التي تركن لهذا الطبع، وهي ملاحظة لاحظتها في المرة الوحيدة التي قابلت فيها الرجل من غير تنسيق ولا ترتيب ولا حتى سابق موعد، وهي المرة (الأولى والأخيرة) طوال عهده بالوزارة المهمة، وما بين القوسين مهم جداً في زماننا هذا.
المهم أن وزارة المعادن في عهد “الكاروري” أكملت مجهوداً مهماً في تطوير قطاع التعدين التقليدي وتحويله إلى قطاع منظَّم، وهو بلا شك يزيد من عملية الإنتاج وتطويرها، إضافة لتجويد وتطوير أساليب الرقابة على الإنتاج بإدخال شركات مقتدرة للعمل في هذا المجال، ولم تغفل الوزارة الجانب الفني المهم لتوفد وفودها الفنية والعلمية في الطواف على ربوع الوطن بغرض التطوير والبحث والاستكشاف، وهي برأيي الخطوات المهمة، بل والأهم لتأسيس هذا العمل الإستراتيجي الكبير، لكن كمان لا بد أن نقف على واحدة من أهم إنجازات “الكاروري” ووزارته، وأعني إنشاء المجلس الأعلى للتعدين الذي يختص بإجازة السياسات العامة، ولأهمية دوره، يترأسه السيد رئيس الجمهورية شخصياً، إضافة إلى إنشاء المجلس الاستشاري المتخصص في تقديم الاستشارات للوزارة، ويرأسه وزير المعادن، ولم يسقط عن حسابات هذه الإستراتيجية قيام المجلس القومي للتنسيق الذي يضم الوزراء المختصين بالتعدين في الولايات التي تحوي هذا النشاط الاقتصادي الكبير الذي كان يحتاج إلى ثوابت القانون والتشريع الذي هو الأساس والمدماك الأول، لتقوم عليه هذه النشاطات المتعددة ذات الأيدي المنتشرة في كافة ربوع السودان، فأجيزت لوائح وقوانين مفسرة ومكملة للقانون متعدد النقاط، أهمها على الإطلاق برأيي قانون تنظيم تجارة المعادن ومكافحة تهريبها، خاصة وقد ارتفعت وتيرة إنتاج الذهب والمعادن الأخرى، وإقبال المستثمرين على هذا المجال، لكن للأسف أن كثيراً من هذا الإنتاج يضل طريقه إلى خارج البلاد من غير الأطر الرسمية التي تحفظ للبلد حقوقها (وده بيت القصيد)، وسبب من أسباب هذا التسرب للثروة التي يفترض أن توجَّه إلى خير البلاد ونفع العباد. ولعل كل ما تحقق من جهد جعلني أسأل عن ملامح خطة الوزارة للعام 2017م، والإجابة على سؤالي جعلتني أبذل براحات التفاؤل بلا حدود، والخطة أن يرتفع الإنتاج فيما يلي الذهب فقط، إلى (100) طن، إضافة للدخول في استثمارات كبيرة مع شركات دولية مقتدرة واستحداث المعامل المتطورة، خاصة والوزارة تتأهب للاستثمار في المعادن النادرة مثل: اليورانيوم إضافة للسماع للشركات المتجه بالتصوير إلى جانب القطاع الخاص والبنك المركزي.
(الدايرة أقوله) إن هذه المعلومات جميعها استخلصتها في لقاء عابر بالسيد الوزير الذي (تحسس) من طرحها في هذا التوقيت لاعتبارات قدَّرها بتوقيت الزمان والظروف، لم اتفق معه فيها وقلت له: إن الشارع العام والمواطن السوداني الذي ظل بعيداً عن هذا الحراك، من حقه أن يعرف تفاصيل التفاصيل، خاصة ونحن الآن في مرحلة التقييم الحقيقي لأداء المسؤولين لمعرفة من يستحق أن يبقى، ومن عليه أن يغادر غير مأسوف عليه، وطالما “الكاروري” قد بدأ في وضع هذه اللبنات الحقيقية، فإن استمرار “الكاروري” أصبح ضرورياً.
{ كلمة عزيزة
ما عندنا اعتراض أن تصبح بلادنا ملجأ وملاذاً للملهوف، نطعم غاشي الدرب وننجد المغدور، لكن كمان هذا ليس معناه أن تصبح حدودنا (سداح مداح)، بلا ضابط ولا رابط ولا احترام لهيبتها وقدسيتها، وحتى من سمحت له السلطات أن يدخل بلا تأشيرة للظروف المحيطة به، فإن تأشيرة التقيُّد بالأدب والتقاليد يجب أن تسري عليه فرضاً وطوعاً، ومراجعة هذا الوضع الاستثنائي ضرورة بعد كل فترة وأخرى للتقييم وتصحيح الأوضاع.
{ كلمة أعز