تحقيقات

يصب في النيل مباشرة : "مصرف الكلاكلة"… تلوث مع سبق الإصرار والترصد!

مصرف الكلاكلة، صمم منذ أكثر من ثماني سنوات بغرض تصريف مياه الأمطار إلى النيل، إلا أن المصرف أصبح مجرى دائماً لا يحمل مياه الأمطار فقط، بل ما تدفع به (التناكر) التي تحمل مياه الصرف الصحي ومخلفات المصانع بما فيها المدابغ ليدفع بها إلى النيل مباشرة، وعند تدفقها إلى النيل تموت الحياة فيه وتنفق الأسماك. المواطنون هناك أكدوا لـ”المجهر” أن أطفالاً متسولين يقتاتون تلك الأسماك النافقة! وقالوا اعتدنا على رؤية (التناكر) التي تحمل مياه الصرف الصحي وهي تفرغ شحناتها هنالك في النيل تحت سمع وبصر جهات الاختصاص التي لم يحركها ساكن!!   
  
مدخل
ربما توقع الرجوع إلى عهود الماضي، حيث عاش الإنسان في الغابات الاستوائية والإفريقية جنباً إلى جنب مع الحيوانات في الغابات، بل ونذهب إلى أبعد من ذلك فيما يعاني منه سكان منطقة الكلاكلة القلعة شمال، واقع تعجز الكلمات عن وصفه، قبل الخوض في تفاصيل تلك المعاناة دعونا نسرد توصيفاً للمنطقة..  
تقع منطقة الكلاكلة في الجزء الجنوبي الغربي لمدينة الخرطوم، وتتبع إدارياً إلى محلية جبل أولياء، وهي أقرب المناطق السكانية التي يمر بها كبري الدباسيين، وعدد المنازل الموجودة بالكلاكلة القلعة مربع( 1) فقط تقدر بحوالي( 500 ) منزلاً يحدها من الناحية الشمالية مدخل الكبري، ومن الناحية الشمالية الشرقية بالتحديد عند مدخل الحلة يوجد مصرف كبير تنبعث منه روائح تنفث بنتانتها على كل من حولها، فيستنشقها العابر للطريق ويدمنها الساكن داخل منطقة الكلاكلة القلعة شمال، أما منظر المياه التي تتدفق داخل المصرف فقد يحسبها البعض مواداً كيميائية أو مخلفات لا شكلها ولا لونها ولا رائحتها توحي أن ما هو موجود داخل “الخور” يمكن أن يكون ماء شرب صالحة للاستخدام البشري والآدمي، وقد قدرت مساحة هذا المصرف بمئات الكيلومترات، وهو يعبر عدداً من المناطق ليصب ويتدفق في النيل.
سكان المنطقة الذين التقتهم (المجهر) أكدوا أن مياه هذا المصرف استغلت من قبل أصحاب المصانع والشركات العاملة في مجال الصرف الصحي التي تستغل المصرف لتفريغ (التناكر) التي تحمل مخلفات الصرف الصحي داخل هذا المصرف، الأمر الذي يؤدي إلى تلوث المياه الذي يتسبب في ظهور الأمراض وتوالد الحشرات على مدار العام والذي أكده سكان المنطقة، وأصبح المصرف مورداً نشطاً لمختلف أنواع الحشرات والآفات الضارة، بالإضافة إلى أن المجرى يصب في نهايته على النيل مباشرة، وهنا يؤدي إلى نفوق الأسماك  في المنطقة التي تنزل إليها المياه ليلتقطها المتسولون وبعض ضعاف النفوس ويقومون ببيعها في الأسواق العامة. ويقول قاطنو المنطقة إن هذا الحديث أكدته النتائج المعملية التي أجريت على المياه بعد أخذ عينات عشوائية منها وإرسالها إلى المعمل، إذ أكدت النتائج تلوث المياه بنسبة عالية وعدم صلاحيتها للاستخدام البشري، وفي هذا الخصوص سبق وأن أكد لنا مختصون وجود مادة “الكروم السداسي” عند أخذ عينات عشوائية من مياه النيل عند منطقة (اللاماب)، ورجح المصدر أن تلك المادة توجد في مخلفات المدابغ! 
ومن جهة أخرى التقت (المجهر) العم (شمس الدين) وهو من قدامى  سكان (الكلاكلة القلعة) ويجاور منزله مدخل كبرى الدباسيين وهو من أكثر السكان تحملاً لهموم المنطقة والماماً بما يحدث داخلها، وقد بدأ في سرد الإشكاليات التي تعاني منها المنطقة، بالإضافة إلى ما تسبب في حدوثه المصرف من تلوث عام في المنطقة، والمشاكل التي يعاني منها سكان المنطقة بسبب وجود ترعتين قرب مدخل الكبري تم حفرهما بغرض نقل الأتربة، ولكن مع هطول الأمطار تسببت هذه الترعة بدورها في تجميع المياه والباعوض ومختلف الآفات الحشرية الضارة بالصحة، الأمر الذي فاقم من حدوث التلوث بالمنطقة، وربما جعلها تتخطى أرقاماً خيالية قد تؤهلها إلى الانضمام إلى موسوعة “غينيس” الأعلى في معدلات وجود الحشرات الضارة بالصحة والمسببة للأمراض!
داخل منطقة الكلاكلة القلعة إلى جانب الإشكاليات الصحية التي يعاني منها تضاعف سيناريو الابتلاءات بسبب عدم وجود مركز مؤهل طبياً لاستقبال وإسعاف المرضى، إذ أن المركز الوحيد الموجود بالمنطقة يقع في أطراف الكلاكلة، ويفتقد إلى أدنى المقومات الطبية والاسعافية، إذ أن بعد المستشفيات العامة المتخصصة في إسعاف المرضى من شأنه أن يضاعف خطر الإصابة بالحوادث، وعلمنا أن أقرب مستشفى للمنطقة هو (إبراهيم مالك).
ليس المصرف وحده
مخاطر أخرى تضرب بسهامها وتؤثر سلباً على المنطقة – هكذا قال السكان لـ( المجهر) ليس المصرف وحده، منها تلاعب بعض السماسرة في ملفات الأراضي واستغلال البيوت وإخراج سكانها باستغلال ثغرات في القانون لتحويل ملكيتها وتحويلها إلى أراضٍ زراعية ونسب ملكيتها إلى بعض الأسر في شكل سواقي زراعية وذلك لاستغلال ارتفاع أسعار المنطقة التي يتوقع بعد افتتاح كبري الدباسيين خاصة وأن غالبية بيوت هذه المنطقة كانت أراضيها زراعية وتم تحويلها لاحقاً بعد أن قننت إلى أراضٍ سكنية واستخرجت لها شهادات بحث وسجلت بالأراضي.
          الأمر الآخر الذي يؤرق مضاجع سكان مدينة ( الكلاكلة القلعة) شمال هو انعدام الأمن المتمثل في استغلال المجرمين للمنطقة في الترويج لتجارة المخدرات والكحول، وشباب المنطقة للترويج لهذه التجارة مستغلين كثافة الأشجار ووقوع المنطقة على حدود النيل وعدم وجود الارتكاز الشرطي على حدود المنطقة مع النيل، وابتعاد موقع نقطة وقسم الشرطة نسبياً عن حدود المناطق الخطرة الأمر الذي يؤكده جميع سكان المنطقة، والحوادث التي وقعت أخرها إلقاء القبض على ثلاثة من مروجي المخدرات في حالة تلبس تام داخل المنطقة وفي مدخل الكبري، كذلك فإن حركة النشاط الإجرامي أدت إلى سرقة الحديد المستخدم في صناعة الكبري أكثر من مرة، وقد ساعد في تنشيط حركة الجريمة بالمنطقة عدم توصيل الكهرباء والإضاءة إلى أعمدة الإنارة رغم مطالبة السكان مراراً وتكراراً وإبلاغ إدارة الكهرباء بأهمية توصيل أعمدة الإنارة على مداخل الكبري، إلا أن ذلك ووجه بعدم استجابة الإدارة إلى طلباتهم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية