رفع العقوبات الامريكية يشيع حالة من الفرح والتفاؤل في الشارع
خسائر فادحة لتجار العملات الأجنبية بوسط السوق العربي عقب هبوطه إلى (13) جنيهاً
الخرطوم ـ سيف جامع –
حالة استياء عامة أمس سيطرت على سماسرة العملات الأجنبية بوسط السوق العربي بالخرطوم على إثر استجابة السوق الموازية سريعاً إلى قرار الرئيس الأمريكي، “باراك أوباما”، بإلغاء الأوامر التنفيذية التي فُرضت بموجبها عقوبات اقتصادية على السودان، وبالتالي انعكس ذلك على أسعار الدولار حيث هبط أمس إلى (13) جنيهاً فقط للشراء مقابل أسعار تتراوح بين (16ـ 17) للبيع، مقارنة بـ(19.2) للشراء (الخميس) الماضي، وتسبب ذلك في خسائر فادحة لمحتكري عملة الدولار الذي لطالما قفز خلال الفترة الماضية إلى مستويات غير مسبوقة. وشهدت منطقة برج البركة بوسط الخرطوم أمس نشاطاً وانتشاراً مكثفاً لتجار العملات وهم يعرضون البيع والشراء للمواطنين، وكان التخوف والترقب للمستجدات والمتغيرات ملحوظاً على ملامحهم.
وفي بداية الأمر استفسرنا عن سعر الدولار كمواطنين وقام السماسرة بمدنا بالأسعار الحقيقية لكن فور شروعنا في التقاط صورة لمنطقة انتشارهم، التفوا حولنا محتجين على تصويرهم وهدد أحدهم بتهشيم الكاميرا والاعتداء على شخصي حال لم (تمسح) صورته من الكاميرا، وبادر أحدهم باستلام الكاميرا في يده فيما شن الآخرون السباب للصحافة والصحفيين. وقال أحدهم لن نسمح بنشر صورنا في الصحف كما فعلت قناة الجزيرة أمس، وقال آخر (لن ينزل الدولار وما نمتلكه نحن يفوق الكمية التي تمتلكها الحكومة، والغريب في الأمر أن المشاجرة استمرت لأكثر من عشر دقائق دون تدخل السلطات، لكن في اثناء تلك المشاجرة، تدخل احد المواطنين ونصحنا بصعود السيارة التي كان يستقلها .
عدد من سماسرة الدولار الذين تحدثوا لـ(المجهر) أكدوا أن سعره سيوالي الانخفاض خلال الأيام القادمة، مشيرين إلى أنه ربما يصل إلى (9) جنيهات في غضون الأيام المقبلة. وأكدوا أن العملة الشهيرة بـ(أبو صلعة) متوفر بكثرة في السوق السوداء، بسبب القرار الأخير.
وبعيداً عن منطقة السوق السوداء للعملات استقبل الشارع السوداني قرار الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته “باراك أوباما” ،برفع الحظر الاقتصادي بموجة فرح عامرة ، غمرت أجواء البلاد عامة، وانعكس القرار سريعاً على المواطن حيث عاد الأمل والتفاؤل يرسم صورة زاهية على مستقبل السودان ، عقب الصورة القاتمة التي سيطرت عليه طوال السنوات الماضية. ويبدو أن مقولة تفاءلوا خيراً تجدوه لم تكن عبثاً ، حيث بدأ السودانيون العام 2017م ، وهم أكثر تفاؤلاً وترقباً لحدوث انفراج كبير يحدث تغييرات كبيرة في نمط حياتهم، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية ، وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.
(المجهر) رصدت ردود أفعال عدد من القطاعات أمس حول القرار فوجدت أن الفرح والبهجة هما سيدا الموقف ولذلك تبادل العديد من السودانيين، التهاني فيما بينهم لصدور القرار التاريخي والمفصلي، بينما كتب بعض الناشطين المعارضين مهنئين ومهللين بالقرار.
بداية ذهبنا إلى أكبر معاقل سماسرة الدولار بالسوق العربي لتقصي مدى أثر القرار على انهيار أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه.
الترحيب بالقرار لم يكن على مستوى المواطن فحسب، إذ استقبله قطاع الأعمال والمنتجين بالسعادة والسرور، حيث اعتبر رئيس غرفة المستوردين رجل الأعمال المعروف “سمير أحمد قاسم”، بأن القرار نزل برداً وسلاماً على الشعب السوداني عامة والاقتصاد خاصة. وقال إن قرار المقاطعة الذي صدر من عام 1997 واستمر لمدة عشرين عاماً دمر الاقتصاد وأثر على الإنتاج والإنتاجية والبنى التحتية، من طرق وسكة حديد وغيرها، وكذلك أثرت هذه العقوبات على مشروع الجزيرة وقطاع الزراعة عامة الذي يعمل فيه أكثر من (3) ملايين سوداني. وأضاف “سمير” أن تأثير القرار انعكس – أيضا ً- على قطاع الثروة الحيوانية والسكة الحديد وهيئة الموانئ البحرية والخطوط الجوية السودانية، فضلاً عن حرمان السودان من استيراد التقانة الحديثة لقطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والصادرات، مما أدى إلى تصدير السودان للحوم الحية التي كان بإمكانه تصديرها مصنعة، وكذلك تصدير الصمغ العربي والقطن خاماً. كل ذلك ساهم في زيادة أعداد البطالة والعطالة ونسبة الفقر ، وانخفضت صادرات السودان إلى (3) مليارات دولار فقط، بينما بلغت الواردات (6.5) مليارات دولار وارتفع عجز الميزان الداخلي إلى (6) مليارات سنوياً.
وتوقع “سمير قاسم” أن يفي السودان باشتراطات الإدارة الأمريكية خلال الستة أشهر القادمة ، وتتحسن – بالتالي – العلاقات مع “واشنطن”، ومع الدول الأخرى ويلغى القرار نهائياً بعد الفترة المشروطة.
أما قطاعات العمال الذين كانوا أكثر المتأثرين بالعقوبات الأمريكية ، فقد رحب رئيس اتحاد عام نقابات السودان المهندس “يوسف علي عبد الكريم” بالقرار الأمريكي، الذي طال انتظاره طويلاً وعبر عن فرحته بالقرار. وقال إن كافة قطاعات العمال بالبلاد استقبلت الخبر بفرحة وسرور ، لأننا الفئة الأكثر تضرراً من المقاطعة والعقوبات الأمريكية، حيث انعكس القرار خلال السنوات الماضية سلباً على كثير من القطاعات الإنتاجية والتعليم وكانت مشكلة كبيرة عانى منها الاقتصاد.
وقال “يوسف عبد الكريم” إنهم في اتحاد العمال يعتبرون أن رفع الحصار الاقتصادي هو الأهم. وأشار إلى أن اتحاد العمال متفائل بالقرار، لافتاً إلى أنه اختراق كبير للدبلوماسية السودانية. وهنأ رئيس اتحاد العمال رئاسة الجمهورية والخارجية الأمريكية وجهاز الأمن والمخابرات الوطني والشعب السوداني بالقرار لدوهم الكبير في إصداره، مشيراً إلى أن اتحاد العمال أيضاً قاد مساعيه طوال السنوات الماضية ومندداً بالعقوبات الأمريكية في كافة المحافل الدولية وعبر منظماته الإقليمية، مطالباً برفع الحصار الاقتصادي عن السودان.
ورأى “يوسف عبد الكريم” بأن موازنة 2017 ستكون بها بشريات كبيرة، قال :نتوقع تحسن الحالة الاقتصادية للمواطنين والعمال باستقرار الأسعار.