المشهد السياسي
الأمير “محمد الفيصل” التجربة والرحيل
موسى يعقوب
صباح السبت 16/ربيع الثاني 1437ه الموافق 14/يناير 2017 رحل عنا بعد عمر ناهز الثمانين عاماً.. رحل عنا الموطأ أكنافاً وصاحب الخلق الحسن والإنجاز.. تقبله الله وتقبل منه الأمير “محمد الفيصل آل سعود” وهو رمز اقتصادي إسلامي وصاحب تجربة ومبادرة يشار إليها بالبنان وقد أخذ عن والده الراحل الملك “فيصل” الكثير في ذلك الجانب.
الراحل “محمد الفيصل” عرفناه وعرف السودان عن قرب منذ النصف الثاني من عقد الستين عندما زار البلاد ضيفاً على منظمة الشباب الوطني التي كان رئيسها ومؤسسها الأستاذ “علي عبد الله يعقوب” حيث أتاحت له الزيارة مقابلة الرئيس “الأزهري” وقضاء ثلاثة أيام في حظيرة الدندر وقد رافقته في ذلك وأنا الأمين العام للشباب الوطني.
وبعد ذلك بعشر سنوات تقريباً كان حضوره للاستثمار وتأسيس أول مصرف إسلامي وشركة تأمين إسلامية التجربة التي كانت لها ظلالها وامتداداتها ليس في السودان وحسب.. وإنما في مصر وتركيا وغرب أفريقيا وجزر البهاما والباكستان ودار المال الإسلامي في جنيف.
وقد كان بنك فيصل الإسلامي الذي تأسس وافتتح في عام 1978م.. هو الرائد سودانياً وقد تبعه بعد ذلك ما عرف بالأسلمة المصرفية تبعاً لفقه المعاملات الشرعية التي أصبح لها بعدها وتأثير إقليمياً ودولياً تقريباً وكما سلفت الإشارة.
الأمير الراحل تقبله الله وأحسن إليه.. كنت قد عمدت إلى توثيق تجربته في عقديها الأولين 1978-1998 في كتاب بعنوان:
(محمد الفيصل آل سعود
ملامح من تجربته الاقتصادية الإسلامية).. وهو النص الذي قبل فكرته بعد لأي.. إذ أن الأمير رحمه الله.. كان على قدر كبير من التواضع وعدم (تفخيم) الذات.. وإن كان الأمر في جملته نوعاً من التوثيق للتجربة وليس بسيرة ذاتية.. الشيء الذي أمّن عليه الأستاذ “عبد الرحيم حمدي” الذي وضع مقدمة الكتاب وكان ممن رافقوا الأمير “محمد الفيصل” في تجربته التي بدأت بشركة الدمازين للاستثمار ثم بنك فيصل الإسلامي.
إن الكتاب المذكور مرجعية يمكن الرجوع إليها.. إلا أنها كانت قد طبعت طبعة واحدة وبكميات حرصت عليها البنوك ومراكز البحوث داخلياً وخارجياً.. فللأمير وتجربته صيتهما تقبل الله منه.. فلنعبر من هذه النقطة إلى نقطة أخرى لها دورها الكبير في نجاح التجربة وهي:
} حرص سمو الأمير على حسن الإدارة ونزاهتها وكسب رضا المساهمين والعاملين.. بل والمتعاملين بشكل عام.
} وأكثر من هذا حرصه الكبير والأكثر على سلامة المعاملات والعمليات من الناحية الشرعية.. إذ كان لبنك فيصل منذ اليوم الأول هيئته الرقابية الشرعية.
والشهادة لله وقد رحل الرجل فإن الأمير “محمد الفيصل” كان قد كرس ماله ووقته وجهده وفكره.. بل وحسن تعامله للتجربة التي ورثها عن والده الملك “فيصل” مؤسس بنك التنمية الإسلامي.. وكانت داره بجدة مفتوحة للضيوف والأصدقاء والمعارف.. ألا رحمه الله وألزم آله وذويه وأسرته ومن رافقوه في تجربته وغيرها الصبر وبخاصة ابنه الأمير “عمرو” وشقيقاته الذين رحلت والدتهم ولحق بها والدهم وكلنا لها.. فالموت حق.