أخبار

لم الخوف؟؟

كتب “صديق محمد عثمان” وهو مثقف وكاتب عميق الرؤية، ثاقب البصر، وكان أشد المعارضين شراسة لحزب المؤتمر الوطني حتى قبل وفاة الشيخ “الترابي” بقليل، لكنه مع تقارب الوطني والشعبي بات أكثر اعتدالاً في نقده للمؤتمر الوطني، وفي بعض الكتابات يرى في الوطني بعض الشيء الجميل والحسن، وكان حتى عهدٍ قريب لا يرى في الوطني إلا صورة حمل الدكتور “الترابي” على صندوق بوكس إلى السجن “وإبراهيم السنوسي” غارق في أحزانه يقاسم عتاة المجرمين في سجن دبك.. كتب “صديق محمد عثمان” (الأحد) الماضي في مدونته مقالاً نقتبس منه (في الأسبوع الماضي نشرت وحدة التوقعات بصحيفة “إيكونوميست” البريطانية تحليلاً عن الشأن السوداني رجح أن الرئيس “البشير” وحزبه يمضون نحو الفوز بارتياح في أي انتخابات قد تجري في عام 2020م، وهو تحليل قد يغضب بعض نرجسيي المعارضة، لكنه أقرب للواقع من بدائل التمني وأتباع هوى النفس).. انتهت الفقرة التي أثارت انتباه الكثير في سياق مقالة “صديق محمد عثمان” عن مخاطر الصراعات الداخلية في حزب المؤتمر الوطني التي مثلت قضية نائب رئيس المؤتمر الوطني “محمد حاتم سليمان” نموذجاً لها.. وكذلك قضية د.”أزهري التجاني عوض السيد” الذي ذهب للحاكم وحده لتبرئة نفسه وارتاح بعض المناوئين له في مفاصل الحزب الذي أصبح كبيراً وله قاعدة عريضة من المؤيدين ذوي المشارب والخلفيات الاجتماعية والسياسية والفكرية المتباينة.. وحزب المؤتمر الوطني الذي يضم صفوة النخبة من خريجي الجامعات العريقة المنتسبين للتيار الإسلامي منذ الصغر.. يضم أيضاً القادمين من أحزاب عقائدية كالشيوعي وحزب البعث، وطائفية سياسية.. وفسيفساء الوطني هي “الشريف أحمد عمر” و”أمين حسن عمر” و”علي أبرسي” الاتحادي الديمقراطي الذي بح صوته وهو ينادي (بعسكرة) الحكم وإلغاء الديمقراطية، وهي الشموليون المايويون من “بدرية سليمان” ود.”إسماعيل الحاج موسى” و”عبد الباسط سبدرات”، وهي “علي أبو توب” و”صديق أبو جبة”.. و”أبو سروال”.. والقبطي “فيلوثاوس  فرج” والقبطية الجميلة “ماريا”.. وأشتات من حزب الأمة، وحزب قومي، واتحاد الفونج وجبهة نهضة دارفور.. إلا أن حزب المؤتمر الوطني لا يثق في كل هذه الحشود من الجماهير التي تسانده وتؤازره، ومستعدة للتضحية في سبيله، ويخشى من منافسة “ياسر عرمان” وقطاع الشمال الذي لن ينافس إلا في أقل من (30) دائرة بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.. ويرتعد البعض في المؤتمر الوطني خوفاً من الإمام “الصادق المهدي” الذي لو عاد لدائرة ربك الجزيرة أبا التي اختارته في عام 1986م بأكبر عدد من الأصوات حينذاك (30) ألفاً، ربما أطاح بـه “بشار شوقار” أو “عبد الحفيظ الصادق عبد الرحيم”.. وإذا كان مولانا “حسن أبو سبيب” قد هزم الجبهة الإسلامية عام 1986م، فإن الاتحادي الديمقراطي اليوم بات ينتظر المؤتمر الوطني أن يهزم له نفسه ويمنحه مقعداً مجانياً في البرلمان.. فهل نتوقع من مثل هذا الحزب أن يشكل خطراً على الوطني في أية تجربة ديمقراطية مفتوحة نزيهة ونظيفة يحرس صناديقها الشرطيون القوميون، وحكام الملعب نزيهون غير  مرتشين؟!
خطأ المؤتمر الوطني في تقديره السياسي أن الديمقراطية قد تزيحه من السلطة أو تبعده من الملعب نهائياً، ومثل هذا التقدير هو ما يجعل مستقبل المؤتمر الوطني في خطر ماحق إن هو أذعن للقراءة الخاطئة، ولأن السلطة إما أن يتداولها الناس بالحسنى والرضا وإما أن تنزع منك بمشيئة القادر الجبار.. والمؤتمر الوطني برصيده الشعبي الحالي يستطيع التنفس طبيعياً، والبقاء في قمة الهرم الحزبي في السودان لفترة أقلها (10) سنوات قادمة.. فماذا يريد الوطني من نفسه؟؟ الحكم برضا الشعب وحريته وإراداته؟ أم تنزع منه نزعاً وبالتالي يجتث مثلما اجتث الإسلام من أراضي الأندلس؟!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية