ضحكوا علينا.. وخدوا "المهندسين"..!!
{ أينما حدقت في شوارع.. وعمارات.. وعيادات.. ومستشفيات.. ومطاعم وكافيهات “القاهرة” ستجد سودانيين..!
{ الآلاف من سكان عمارات مدينة “المهندسين” الراقية بالعاصمة المصرية من السودانيين.. ليس كمستأجرين فقط.. بل كملاك أصحاب حقوق في الأرض ولديهم عقود ملكية من (الشهر العقاري)، ولأن السودانيين (احتلوا) هذا الحي المميز في القاهرة، فقد أطلق المصريون نكتة جديدة متداولة هذه الأيام تقول: (السودانيون ضحكوا علينا.. سابوا لنا “حلايب”.. وخدوا “المهندسين”)!!
{ بصراحة.. الدولة المصرية تحترم السودان والسودانيين.. نحن في مصر (أسياد بلد) نتملك ونستأجر ونجلس بالسنوات الطوال بدون (إقامات)، ولا أحد يسألنا إلا في حالات نادرة مرتبطة بحوادث جنايات، ولهذا ليس من العدالة أن تحتفي الصحف السودانية بحادثة توقيف (عشرة معدنين) عبروا الحدود، وتنسى أو تتناسى أن هناك عشرات الآلاف من السودانيين (المخالفين) مقيمين في مصر بينما الجالية المصرية في السودان لا تتجاوز بضع مئات!! لابد أن نكون عادلين.. مئات الآلاف من أهلنا يقيمون حالياً في “القاهرة”، وبعيداً عن مماحكات الحكومتين حول تنفيذ اتفاق (الحريات الأربع).. أو عدم تنفيذه..
{ لماذا؟ لأن المزاج الشعبي العام في مصر متعاطف مع السودان، مهما ارتفعت درجة حرارة التوترات بين الحكومات هنا أو هناك.
{ ولأدلل على ذلك بالمشاهدات.. قدمت للقاهرة قبل أسبوع قادماً من “دبي”.. الفرق بالنسبة لي في حركة ووجود السودانيين بين البلدين، رغم تقدير واحترام شعب وحكومة الإمارات للسودان، أنك تشعر أن السودانيين في “دبي” (على هامش) الفعل وبعيداً عن ماكينة (البزنس) الجبارة، مع أنهم من مؤسسي النهضة هناك وأوائل رؤساء البلديات في “أبو ظبي” و”دبي” منذ الستينيات.
{ الغلبة (البشرية) و(المهنية) في الخليج- الآن- للسادة “الهنود” وأولاد أعمامهم من شرق آسيا “البنغال” و”الفلبين” و”الأفغان”.. فضلاً عن النفوذ الاقتصادي “الإيراني” الذي لا تخطئه العين!!
{ ولو أردت أن تجري معاملة مصرفية في “دبي” مثلاً، فالأفضل أن تعرف موظفاً “هندياً” من “دلهي” أو “مومباي”، فالموظف السوداني أو المصري قد لا يكون مفيداً!! الهنود أصحاب عقول جبارة، ولهذا فإنهم شركاء في نهضة “دبي” الوثابة، ويكفي أن (25%) من العاملين بشركة “ميكروسوفت” الأمريكية العملاقة من أصول “هندية”!!
{ في “القاهرة”.. السوداني يتحدث في السياسة ويصرخ وقد (يشتم) المصري و(يخلف كراعو) في القهوة وكأنه (صاحب حق).. لكنه بصراحة لا يستطيع أن (يعلي صوته) في “دبي” أو “الرياض” أو “الدوحة”.. فيمكن أن تلغى (الإقامة) خلال دقائق وترحل في (أول طيارة)!!
{ لدى بعضنا (عقدة تاريخية) تجاه المصريين.. لكن هذا (البعض) من الساسة والصحفيين والفنانين وبقية شرائح المثقفين عندما يلم به عارض مرضي، ويلزم السرير فإن أول عبارة يقولها: (ودوني القاهرة)!!
{ يجب أن نكون واقعيين.. ونعترف بأن مصر هي إستراتيجيتنا.. هي حاضرنا ومستقبل شراكتنا.. لست عاطفياً.. لكنني سأظل أردد هذا القول قناعة بفكرة ومشروع كبير.. لا علاقة له بحكومة وسفارة ومزاجات حكام.