بعد ومسافة
(تجميد) مادة التحلل.. نعم الكسب!
مصطفى أبو العزائم
مولانا “الهادي محجوب مكاوي” رئيس نيابة الثراء الحرام، أكد بالأمس لصحيفة (السوداني) الغراء ما تم تداوله دون تأكيد من قبل حول إيقاف العمل بمادة التحلل منذ عام ونصف، مشيراً إلى أن التداول يجري حولها لتعديلها بسبب التحفظات عليها.
(الله يطمئنك يا مولانا).. لقد أثلج هذا الحديث صدورنا وأسعدنا كثيراً، لأن المعتدين على المال العام، والذين يدخلون ضمن دائرة الثراء الحرام، لن يتمكنوا بعد اليوم من السطو – خلسة أو علناً – على أموال الغير، فإن تم اكتشافهم بعد تشغيل الأموال المنهوبة وتحقيق أرباح طائلة من ورائها ذرفوا الدموع الكاذبة، وطلبوا التحلل بسداد ودفع مبالغ مساوية لما تم نهبه.. و(يا دار ما دخلك شر).
هذا الموضوع نفسه كان مثار نقاش في برنامج (مانشيتات سودانية) في فضائية سودانية 24 يوم أمس، سألني عنه مقدم البرنامج، وقال لي إن كثيرين يتبادر إلى أذهانهم سؤال صريح عن معنى التحلل.. ثم التحلل من أي شيء؟.. فأجبته بأن التحلل وفق تعريف الشارع في معناه العام، هو التحلل من كل مال مكتسب بطريقة غير شرعية أو غير قانونية، أو يكون هو ذلك المال الذي يحصل عليه شخص ما من آخر أو آخرين بغير عوض أو بغبن، إلى جانب استغلال نفوذ الوظيفة وقبول الهدية التي لا يقرها شرع ولا يقبلها العرف ولا الوجدان السليم.
وفق قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1989م، فإن المادة (13) وهي التي تم تجميد أو تعطيل العمل بها، كانت تقول نصاً: (1) يجوز لكل شخص أثرى ثراءً حراماً، أو مشبوهاً أو ساعد في الحصول عليه، أن يحلل نفسه هو أو زوجه أو أولاده القصر في أي مرحلة قبل فتح الدعوى الجنائية ضده. (2) لأغراض البند (1) يتم التحلل (أ) برد المال موضوع الثراء الحرام أو المشبوه وبيان الكيفية التي تم بها الإثراء أو (ب) بيان الكيفية التي تم بها الإثراء بالنسبة إلى الشخص الذي ساعد في ذلك.
ذات القانون في بعض مواده الأخرى يجوِّز للمحكمة أن تحجز على المال موضوع الثراء الحرام أو المشبوه، ويجب عليها أن تأمر بمصادرته لمصلحة الحكومة عند الإدانة أو ثبوت الثراء المشبوه بحسب الحال.. وتتم معاقبة من تثبت إدانته بالسجن لمدة لا تتجاوز عشر سنوات أو غرامة لا تتجاوز ضعف مبلغ المال موضوع الثراء الحرام، أو بالعقوبتين معاً.. ونص القانون أيضاً على عزل كل موظف عام تتم إدانته بالثراء الحرام أو يثبت ضده الثراء المشبوه، أو يفصل من منصبه بحسب الحال.
قطعاً قرار التجميد قرار يستحق أن نصفق له مؤيدين مباركين، لكن التجميد استغرق وقتاً أطول بكثير مما يتطلبه تعديل أو تغيير القانون، ولقد ذكرت لمقدم برنامج (مانشيتات سودانية) يوم أمس، الأستاذ “حسام البكري”، أن التعديل يتطلب إنشاء لجنة خاصة تقوم بالتعديلات المطلوبة لتجاز من وزارة العدل ثم ترفع التعديلات إلى مجلس الوزراء الموقر الذي يجيزها بعد التداول حولها، لترفع بعد ذلك إلى البرلمان ليناقشها ويجيزها بعد ذلك.. لكن التجميد ولفترة طويلة لن يكون لصالح القانون ولا لصالح المواطن.. ولا الوطن.