عابر سبيل
علاقات (عامة) وليست “خاصة” !
ابراهيم قش
السفير “ياسر خضر خلف الله”، وكيل وزارة الإعلام، توصل فيما رأيت على الشاشة البلورية، إلى أن ضباط الإعلام في الوزارات والمؤسسات أو مدراء العلاقات العامة عليهم مسؤولية محددة قوامها الوصف الوظيفي لمهنتهم، والتي على رأسها (التوعية) المؤسسية والجماهيرية قبل الدعاية أو التطبيل أو الدفاع عن مؤسساتهم ووزاراتهم بالحق والباطل.. وذلك هو مفتاح “القضية”.
ولأني أنتمي إلى “جيل” الإعلام والعلاقات العامة في دولاب الخدمة المدنية عند بداياته، كان دورنا محصوراً في (الردود) على ما يثار في الإعلام إلى أن ظهرت وظيفة مطابقة – لكنها سياسية – هي السكرتير الصحفي للوزير، الأمر الذي خلق تضارباً في المسؤوليات وفي التصدي لما يثار في الأجهزة والوسائط الإعلامية إلى أن تم حسم القضية باعتماد العلاقات العامة “نافذة” تطل من الوزارات والمؤسسات على المجتمع وتتجاوب مع ما يثار في الأجهزة والوسائط الإعلامية، بل تولى المرحوم “جعفر حامد البشير” رئاسة اتحاد العلاقات العامة، وبرز الراحل “كمال بشير” كصوت وحرف وصورة في المجال في عهد حكم نوفمبر (1958 – 1964).. وارتبط ظهور العلاقات العامة في الدولاب الحكومي بخلط أو “مواجهة” أطرافها الثلاثة المراسم والسكرتارية الصحفية للوزير والعلاقات العامة، فكان لا بد من وضع (حدود) فاصلة لم تفرز حتى يومنا هذا “الكيمان”.
تجربتي الشخصية في هيئة توفير المياه والتنمية الريفية خلال الديمقراطية الثانية (1965 – 1968) أدخلتني في “مضبات” سياسية، فقد توليت إشهار قرارات مجلس الإدارة الذي يترأسه رئيس الوزراء شخصياً “محمد أحمد محجوب” ومن أعضائه وزير المالية “الشريف حسين الهندي” وزير الداخلية “عبد الله عبد الرحمن نقد الله”، و”نصر الدين السيد” وزير الثروة الحيوانية والمياه الريفية.. وعند إعلان إضراب نقابة العمال تصديت “لعتاة” النقابيين وقتها، المرحوم “الشفيع أحمد الشيخ” والمرحوم “الحاج عبد الرحمن”، وواجهتهما بأنهما من ذوي الياقات البيضاء ويهمني أن أعرف في أي “عمالة” يكونون حتى تنطبق عليهما صفة العمال.. ولما دلفت ثورة مايو الساحة السياسية في 1969 وانحازت في بداياتها لليسار، وصموني بأني معادٍ للطبقة العاملة.. وضحكت لأني أصلاً ابن عامل السكة الحديد، نشأ في أحضان البيئة العمالية وتربى في كنفها..
ما أريد أن أقوله إن العلاقات العامة بينها و”البروتكول” خيط رفيع لكن أهم سماتها أن من يتولاها ينبغي أن يكون (قومياً) ومهنياً لا يتأثر بالسياسة ولا تؤثر فيه السياسة، وبذلك وحده يضمن أنه ناجح في مهمة إظهار وجه وزارته أو مؤسسته بصورة موضوعية، ولا بد في تلك الحالة ألا (يناكف) في أي بيان يصدر عنه أو رد يتولاه عن شيء نشر أو أذيع يخص مؤسسته بأنه كان على الطرف الأول الاتصال أولاً به لمعرفة الحقائق.. فهذا أسلوب عقيم مضى زمانه.. وأصبحت المواجهة بالأرقام والحقائق المجردة والاستشهاد بالوقائع الثابتة هي “الفيصل”، فيما الإنشائيات “واللف والدوران” تحولت إلى بضاعة بائرة.
لا شيء غير الحقائق والحقيقة يمكن أن تجعل للعلاقات العامة “مصداقية”!