رأي

معضلة إكسير الأبوة بين "الميرغني" ونجله "الحسن"!!

بقلم – عادل عبده
خطوات مولانا “محمد عثمان الميرغني” زعيم الاتحادي (الأصل) بتفكيك قرارات نجله “الحسن” التي صدرت خلال مشاركته في الحكومة عقب انتخابات 2015، والمتمثلة في إعادة المفصولين وتفعيل دور المراقب العام ورموز الأقاليم لم تحدث نقلة محسوسة في معالجة الإشكالية التي ما زالت هائمة في أجواء الحزب.. الكثيرون يقولون بأن إشارات مولانا “محمد عثمان الميرغني” الأخيرة لم تتوغل حتى الآن في ملامسة الأوضاع الحزبية المزرية ولم تحقق الهدف المنشود الذي يقود إلى اجتثاث الأزمة المستفحلة في الاتحادي (الأصل) التي جعلت الحزب يعاني من الجمود والاضمحلال وينشطر إلى قسمين، أحدهما يعبر عن “الحسن الميرغني” ومجموعته الشبابية والشق الآخر يمثل المناهضين لسياساته ونهجه وهم تيار أمبدة وقطاعات أخرى من الشباب والطلاب والمهنيين.
بصورة أوضح سقف الإجراءات التي اتخذها مولانا كانت مقصرة في اتخاذ القرار الذي يفتح الطريق لحدوث التجانس والانصهار والتوحد وإعادة اللحمة الحزبية، فالخطوة المنشودة قد تكون مكلفة وثقيلة على النفس وتحتاج إلى التوازن والصبر والنظر إلى الأفق البعيد.
القرار الإستراتيجي في معالجة القضية الحزبية يتمثل في وضع “الحسن” على معمل التقييم الدقيق حول أدائه في الحكومة والمنهج الذي أدار به الحزب خلال تواجد مولانا في العاصمة البريطانية.. ماذا فعل؟.. ولماذا انداحت الكارثة الحزبية بتلك الصورة الشائهة.. ربما يكون الموقف عصيباً في حسابات السيد “محمد عثمان”، فالواضح أن أمامه قضية ارتكازية تمثل معضلة إكسير الأبوة مع نجله “الحسن”!!.. هنا تطفو على السطح لوازم الفطرة والطباع والغريزة الإنسانية والبيولوجية في ظل المعادلات الأخرى.
قد تكون الحلول في الأحوال العادية بوجوب محاسبة “الحسن” أو إزاحته من المسؤولية الحزبية ما دامت الأغلبية الساحقة من الرموز والقيادات ترفض التعاون معه، فقد كان غليظاً مع هؤلاء حيث صوب حيالهم اللغة الجارحة والإهانة الشخصية فضلاً عن اندلاق الحزب بين يديه.
جاءت إصلاحات مولانا بناءً على  مشاورات مكثفة شارك فيها ارتال من رموز الحزب والطريقة الختمية بالقاهرة، فقد كان هنالك دور مشهود من الخليفة “عبد المجيد عبد الرحيم” والمحامي “بابكر عبد الرحمن” والدكتور “جعفر أحمد عبد الله”، والمحامي “حاتم السر” والدكتور “يحيى مكوار” والقيادي  “أبو سن الدابي” والقيادي “محمد ميرغني” والعم “سليمان دقق” والعم “فضل تور الدبة”، فقد تفادى هؤلاء الإشارة الواضحة حول موضوع “الحسن الميرغني”، حيث قرروا أن تكون التقديرات حوله لوالده السيد “محمد عثمان”، في حين جاءت فكرة إبعاد أنصاره خلال المرحلة القادمة.
الشاهد أن مولانا ربما يفكر في اتخاذ القرار الذي يرسم التوازن بين “الحسن” والمناوئين له وإذا شعر باستحالة التواضع على صيغة تصالحيه بين الطرفين فإن الخيارات أمامه ستكون صعبة، فهو لا يريد أن ينتصر لابنه على حساب الأغلبية وبذات القدر لا يحبذ أن يقطع الطريق لطموحاته في المسار السياسي.. إنها خيارات معقدة ومتشابكة وتحتاج إلى الحكمة والأناءة والصبر الطويل.
خصائص الأبوية دورها متعاظم في تجاوز أخطاء الأبناء سيما إذا كانت مقرونة بالسياسة ومرتبطة بالتوارث وحمل الأمانة لأن منبعها العاطفة والميل الطبيعي للذرية.. ومن هذا المنطلق ربما يأخذ التفكير فيتعامل مولانا مع “الحسن” بعداً مختلفاً يجسد معضلة إكسير الأبوة.
مهما يكن فإن في حالة تعقيد مثل هذه القضية ربما تهون المعالجة في تفاهمات الأب والابن!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية