بعد.. ومسافة
ما الذي يحدث داخل منسقية الخدمة الوطنية؟
مصطفى أبو العزائم
منذ أن ألغت المنسقية العامة للخدمة الوطنية العمل بنظام (عزة السودان) في مجال تدريب طلاب المدارس الثانوية بعد أداء امتحانات الشهادة السودانية، ما عاد للمنسقية ذلك الوهج المجتمعي المرتبط بدخول الطلاب إلى المعسكرات التي يتلقون فيها جرعات تدريبية في مختلف المجالات، وإن كان التركيز أكثر على التدريب العسكري.. وأصبحت الخدمة الوطنية تقوم الآن على برامج التدريب وبناء الذات، وأصبح هناك منهج يقوم على ربط الدراسة بالعمل حسب التخصص.
الخدمة الوطنية ومنذ أن بدأ تطبيقها إبان حكم الرئيس الراحل “جعفر محمد نميري” – رحمه الله – وكانت آنذاك تحمل اسم الخدمة الإلزامية، كانت عالماً مفتوحاً لمن هم داخله، بينما ظلت على الدوام عالماً مغلقاً ومحاطاً بالأسوار لمن هم خارجه، كانت عالماً نصف سري بحسبان أنها عمل عسكري يقع تحت دائرة اهتمام ومسؤوليات وزارة الدفاع.
قبل نحو أسبوع التقيت بالأستاذ “عماد إبراهيم يوسف نور الدائم” وهو منسق الصحافة والمطبوعات بالمنسقية العامة للخدمة الوطنية، وتحدثت إليه حول المنسقية بحكم ما يربط بيننا من علاقة خاصة، فقال لي (ليس من رأى كمن سمع).. لذلك ندعوك للوقوف على عمل المنسقية من خلال تلك الزيارة ليكون كل شيء أمامك على الطبيعة.. وحددنا بداية هذا الأسبوع لأكون معهم هناك.. وقد كان.. حيث التقيت بالأستاذ “أحمد عدلان إبراهيم” نائب المنسق العام للخدمة الوطنية، وبالدكتور “خضر أحمد موسى” مساعد المنسق للتطوير والجودة، وبالأستاذ “يوسف عبد الواحد” منسق الإعلام والتوجيه، وقد كانت الجلسة مفيدة حفلت بالعديد من الإضاءات حول الكثير مما التبس علينا، ووقفنا خلالها على الجهود المبذولة لتطوير أداء المنسقية وتقوية ارتباطها بالمجتمع، وإن حالت بعض الظروف من اللقاء بالمنسق العام الأستاذ “ياسر عثمان سليمان”.
الخدمة الإلزامية تحولت إلى (وطنية) وفق قانون 1992م، وصدر قانون جديد عام 2013م، تضمن العديد من التغييرات، خاصة وضع المنسقية للخدمة، وتم تحديد الأدوار بين إدارة الخدمة الوطنية كجهة عسكرية، وبين المنسقية العامة التي أصبحت مسؤوليتها واضحة في حشد الطاقات من أجل بناء الوطن من خلال مشروعات البناء العامة في مجالات التعليم والصحة، ومشروعات البنية مثل التشجير وإصحاح البيئة وغيرها.
خلال تلك الجلسة عرفت أن التركيز كان ينصب فقط على مشروع عزة السودان، وهناك تحول كبير الآن نحو الخريجين على اعتبار أن أغلب طلاب الشهادة السودانية أضحوا الآن من صغار السن الذين هم دون الثامنة عشرة، أي دون سن التجنيد، مع ضعف بين في البنية الجسدية، لذلك تم الاتجاه نحو الخريجين، وهناك مساعٍ مبذولة لرفع مرتب المجند إلى مستوى يزيد على الراتب الأساسي في الدولة، إضافة إلى مساعٍ أخرى للانفتاح على كل المجتمع المدني، ومن خلال الأحزاب والمنظمات السياسية، على أساس أن الخدمة الوطنية لها رسالة عامة وغير مقيدة بحزب أو حكومة أو جماعة وهي أساس لتعبئة القيم الوطنية لدى الجميع دون تمييز بسبب حزب أو عقيدة.
تحدثت لتلك القيادات الشابة مؤيداً الاتجاه نحو المساهمة في المشروعات الإنتاجية المقترحة من جانبهم، على أن تمنح الخدمة الوطنية عدة مشروعات زراعية أو صناعية واسعة تكون مجالاً لنشاط المجندين عاماً بعد عام للمساهمة في الدفع باقتصاد البلاد إلى الأمام، هذا غير مساهمتهم المرجوة في المشروعات الضخمة، مثل لقيط القطن وحصاد السمسم وطق الصمغ وغيرها.. ليت الحكومة تساعد في هذا الأمر، لأن هؤلاء هم الفئة المنتجة التي تضمن التجديد المستمر في هذا الوطن.