تقارير

مساعد رئيس الجمهورية.. الإجراءات الاقتصادية علاج مر ولكن لا بد منه

 “مبارك الفاضل”.. سنمد أيدينا بيضاء للحوار حتى يظهر العكس
الخرطوم- وليد النور
تحولت الندوة التي نظمتها الهيئة القومية للبرلمانيين الشباب حول دور الوثيقة الوطنية في تطوير البيئة السياسية أمس (الأحد)، بمجلس الولايات بأم درمان، إلى إطلاق النيران الكثيفة وتبادل الاتهامات بين الحكومة والمعارضة بسبب السياسات الاقتصادية الأخيرة، وجدد رئيس حزب الأمة “مبارك الفاضل المهدي” اتهاماته للمرة الثانية خلال يومين إلى وزير المالية بأنه استبق تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، فيما دافع مساعد رئيس الجمهورية “إبراهيم محمود حامد” عن وزير المالية وقال إن السياسات الاقتصادية مسؤولية الدولة وصادق عليها مجلس الوزراء وبموافقة الأحزاب المشاركة في الحكومة والحوار الوطني، وقال إن الدولة لا يمكن أن تتوقف في انتظار تكوين آليات تنفيذ الوثيقة الوطنية، مقراً بأن الإجراءات الاقتصادية (علاج مر وصعب ولكن لا بد من تجرعه) من أجل الحفاظ على الدولة والاقتصاد، منوهاً إلى أن بعض الدول التي خلفنا بلغ فيها سعر الدولار مائة جنيه، والدولة التي تقع شمالنا بلغ الدولار فيها (18) جنيهاً.
ودافع مساعد رئيس الجمهورية “إبراهيم محمود حامد” خلال مخاطبته الورشة التي نظمتها الهيئة القومية للبرلمانيين الشباب، قائلاً إن الزيادات في أسعار المحروقات هي علاج لحالة الاقتصاد التي يجب أن يتقبلها الناس على الرغم من مرارتها وصعوبتها، ويجب أن يصبروا عليها من أجل الحفاظ على الاقتصاد حتى لا تحدث ندرة في السوق ويذهب الشخص بماله ولا يجد السلع، وأردف أن رفع الدعم عن الكهرباء لم يشمل محدودي الدخل الذين  يستهلكون أقل من (400) كيلو واط في الشهر، ولكن رفع الدعم عن  السفارات الأجنبية والفنادق والشركات التي تستهلك آلاف الكيلو واط من الكهرباء يومياً، وقال إن الإجراءات الاقتصادية الهدف منها توفير مبالغ مالية لزيادة مرتبات العاملين وزيادة عدد الأسر الفقيرة من (500) ألف أسرة إلى (700) ألف أسرة، مع زيادة المبلغ لأكثر من (150) جنيهاً، ولكنه لم يحدد الزيادة برقم محدد، مشيراً إلى أن الدول التي تجاور السودان بلغ فيها سعر الدولار مبلغ (100) جنيه، والتي تقع شماله بلغ (18) جنيهاً، في إشارة منه إلى مصر، وقطع مساعد الرئيس باستمرار الحوار الوطني مع كافة طوائف المجتمع حتى لا يكون حوار (نخبة أو مثقفين)، مشدداً على ضرورة مشاركة منظمات المجتمع المدني والشباب والطلاب في ذلك، ودعا شباب الأحزاب إلى ضرورة العمل والنهوض بالأحزاب إلى الأمام، وزاد نريد من مثل هذه الحوارات بناء دولة مؤسسات وإصلاح أجهزتها حتى يكون السودان دولة قوية وراشدة وأقوى من الأحزاب، ويكون المعيار الوحيد هو الكفاءة والجدارة لتقلد المناصب، وأضاف عندما تصبح المؤسسات قوية لا يهمنا من يتولاها، لأنها ستكون ملكاً للشعب السوداني، مستدلاً بدولة لبنان التي سيرتها المؤسسات لمدة عامين بدون رئيس جمهورية، مشيراً إلى أنه في السابق كانت النقابات تسيطر على الخدمة المدنية وتؤثر عليها أكثر من الأحزاب مما جعلها تعطل دولاب العمل، وكشف عن تحديات كبيرة تواجه الدولة، منها الاستهداف الخارجي الذي انتهى من الدول حولنا، في إشارة منه إلى دول الربيع العربي، ودعا إلى ضرورة توحيد الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات التي تستهدف اقتصادنا وأمننا.
ومن جانبه قال رئيس الهيئة التشريعية القومية بروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” إن البرلمان ملتزم بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، مشيراً إلى أن الدستور الحالي يمنح رئاسة الجمهورية حق إصدار مراسيم جمهورية ومن ثم عرضها للبرلمان لإجازتها، وقال نحن مع تنفيذ مخرجات الحوار ولكن ستمضي حسب الدستور الذي ينص على إجازتها بعد شهرين من إيداعها، ولذلك لن نقدم على اتخاذ أي خطوة غير دستورية، مؤكداً أن إصلاح البيئة السياسية يحتاج إلى تعامل مع وجودها الفكري والعقدي والسياسي وعلاج ما أصابها من تصدع ومعوقات في السابق، قاطعاً بأن الأحزاب كانت واحدة من الأشياء التي أثرت في البيئة السياسية باستقطابها الحاد بين الإسلاميين والقوميين واليساريين، ومن خلال البيئة الجهنمية التي لم ترضَ بالواقع ودخلت في صدامات عنيفة فيما بينها، مضيفاً أن الحديث عن الإصلاح السياسي لا يمكن أن يتم دون التطور في الاقتصاد والتنمية، مبيناً أن البيئة السياسية شهدت صراعاً قوياً فكرياً وعقدياً وقبلها كان صراع الطوائف، ولكن الأهم هو الفكر الذي تقوم عليه برامج الأحزاب والتعامل مع واقع الهوية بمنطق حتى يتم النقاش بين الإسلامي واليساري. إلى ذلك قال رئيس الهيئة القومية للبرلمانيين الشباب “حسب الله صالح حسب الله” إنهم يريدون أن يكون السودان قوياً وقائداً، وذلك لا يتأتى إلا بوحدة الأحزاب السياسية وصياغة دستور دائم للبلاد، ودعا قادة الأحزاب إلى منح الشباب مزيد من الفرص حتى يقدموا ما عندهم.
فيما وصف رئيس حزب التحرير والعدالة القومي “التيجاني سيسي محمد أتيم” البيئة السياسية بأنها شهدت استقطابات حادة أثرت على الحياة السياسية وأشعلت الحرب في الجنوب وفي الشرق والغرب، وتابع لا بد لنا من الاعتراف بأن هنالك مشكلة في تعريف قضية الهوية التي ظلت مكان تجاذب بين التيارات السياسية التي عكرت البيئة السياسية، وأكد “السيسي” أن الوثيقة الوطنية التي وقعت في العاشر من (أكتوبر) الماضي، أرست دعائم ستؤدي إلى الحد من الاستقطاب الحاد، مشيراً إلى أن عدم الاتفاق على دستور دائم هو أحد الإشكالات التي توافق عليها الناس في الوثيقة الوطنية وتساعد في إصلاح هياكل الدولة، ودعا إلى ضرورة إصلاح سياسي، وقال إن العدد الكبير من الأحزاب يحتاج إلى إصلاح سواء كان بالاندماج أو التوافق، مؤكداً أنه حال الالتزام بالديمقراطية سيذوب كل الاختلال الموجود حالياً.
من جهته وجه رئيس حزب الأمة “مبارك الفاضل” انتقادات إلى الزيادات في أسعار المحروقات،  واعتبر أن ما حدث يحتاج إلى وقفة لأنها جزء من التوصيات وربما تسببت في فشل الحوار الوطني، وقال إن البلاد منذ الاستقلال تدور حول حلقة جهنمية (ديمقراطية انقلاب ثم ديمقراطية وانقلاب آخر)، والأحزاب لم تستطع كتابة دستور دائم، وحتى دستور 2005م كان عبارة عن وثيقة بين حزبين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، الشيء الذي جعل البلاد تدخل في أزمة اقتصادية واشتعلت الحروب التي فصلت الجنوب، وأضاف استبشرنا خيراً بالحوار الوطني الذي جرى مؤخراً وحتى اللحظة نمد أيدينا بيضاء إلا إذا ظهر لنا العكس، مشيراً إلى أن إصلاح البيئة السياسية يحتاج إلى توافق سياسي وبناء ثقة وأرضية ثابتة للحكم التي تتوفر بالاعتراف بوجود مشكلة نتفق جميعاً على حلها، ولكن التحدي الأكبر يكمن في ترجمة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وأن يكون الجميع على قدر المسؤولية أو تكون المخرجات حبراً على ورق.
من جهته برأ وزير الإعلام “أحمد بلال عثمان” القوات المسلحة من تهمة القيام بانقلابات عسكرية في البلاد، وقال إن كل انقلاب خلفه قوى سياسية، وإن الدورة الجهنمية التي قالها “مبارك الفاضل” هي عبارة عن عجز القوى السياسية، مشيراً إلى ضرورة تبادل الخبرات بين الأجيال في الأحزاب السياسية حتى يحدث إصلاح حقيقي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية