حوارات

رئيس حركة تحرير السودان (الثورة الثانية) "أبو القاسم إمام"، في حديث للمجهر

* ساهمنا بفاعلية في الحوار الوطني ، فنحن من صناع الحدث
* مشاركتنا فتحت الباب للحركات المسلحة بالمشاركة في الحوار الوطني
* الحوار خاطب جذور الأزمة ، والتحدي يكمن في تنفيذ مخرجاته
* ادعو مناوي وجبريل لمشاركتنا هذه المسيرة
* عندما أعلن رئيس حركة تحرير السودان (الثورة الثانية) ووالي ولاية غرب دارفور الأسبق “أبو القاسم إمام الحاج” المشاركة في الحوار الوطني، كانت خطوته تلك مفاجئة للجميع، خاصة وأن للرجل تجربة اتفاق سلام سابق، اعتبر الكثيرون موقفه بأنه بحث عن موطئ قدم جديد في حكومة ما بعد الحوار. (المجهر السياسي) طرحت أمامه تساؤلات ربما تدور في أذهان المراقبين والرأي العام وكانت إجاباته واضحة.
حاورته – رشان أوشي

{الحوار الوطني.. قرار مشاركتكم فيه كحركة مسلحة كان مفاجئاً للكثيرين؟
-قبيل انعقاد الحوار الوطني، قدم لنا الرئيس التشادي “إدريس دبي” دعوة لمقابلته، التقيناه في العاصمة التشادية “انجمينا”،  وتحدثنا كثيراً عن الحرب والسلام بواقع تجربته، وحثنا على الموافقة بالمشاركة. وذكر لنا بأن الرئيس “البشير” أرسل له وفداً طلب منه أن يلعب  دوراً في إقناع الحركات وقبول المشاركة في الحوار، ومن بعده أرسل وفداً آخر حاملاً لنا الدعوة من الرئيس “البشير” لحضور اجتماع الجمعية العمومية. بعد نقاش مستفيض بيننا وبينه، كان قرارنا الأول عدم المشاركة، واصلنا النقاشات وبعد أن أكد لنا أنه شخصياً سيتحدث مع “البشير” وبحضورنا عن التجربة ومع هذا النظام وعدم التزامهم بالوعود والعهود، ثانياً قرار مشاركتنا كان فيه رسالة بأننا لسنا هواة حرب بل دعاة السلام في أي زمان ومكان، ما نبحث عنه هو السلام العادل والحريّة والكاملة وذهبنا باحثين عن السلام وإيقاف الحرب، ورأينا  واضح أن الحوار إذا لم يوقف الحرب ويحقق السلام “ما عنده أي معنى”، مشاركتنا فتحت الباب للحركات المسلحة بالمشاركة في الحوار الوطني.
{يقال إنك فقدت موقعك في الميدان فاخترت المشاركة في الحوار؟
-نحن مناضلون من أجل الحرية، وحاربت من أجل قضية وسأظل هكذا إلى أن نجد الحقوق التي من أجلها حملنا السلاح،  ومشاركتنا ليس بسبب ما تقولينه بأننا فقدنا الميدان بل لأننا مؤمنون ومقتنعون بوسائلنا النضالية ومنها الجلوس والحوار، علماً بأن كلفة الحرب أعلى من كلفة الحوار، أليس الأفضل أن نقلل من حصد الأرواح والدمار الذي يلحق بِنَا بسبب الحرب، لذلك نحن اتجهنا  إلى نهج الحوار وكل قيادات الحركات المسلحة حالياً غير متواجدين بالميادين ولكننا حاضرون في المحيط الثوري وأنا منهم .
{خصومك وصفوا حركتكم بأنها شخصان وعدة بيانات؟

-أنتِ قلتِ خصومي ولم تذكريهم، ولطالما هم خصومي لا أتوقع منهم أكثر من هذا، أطلب منهم  أن يطلعوا على تجربة “مانديلا” قائد التحرر الأفريقي و”غاندي” في الهند، القياس ليس بالكم إنما بالفكر ورجاحة العقل، عندما تأتي الديمقراطية ونحتكم لصناديق الاقتراع، حينها يكون القياس ليس منا ومنهم الحق في قياس ميزان النضال  وهذه أقوال من هم فقدوا البوصلة.
{لماذا قررتم المشاركة في حوار الداخل، ولم تذهبوا لجولات “أديس أبابا”؟

-عندما شاركنا في الحوار بالداخل، وقتها لم تكن هناك قوى نداء السودان ولا خارطة الطريق، ونحن ذهبنا بقناعاتنا ولا حاجة لنا بالذهاب إلى “أديس”، الهدف واحد بطرق متعددة،  نحن باحثون عن سلام وحلول لمشكلات الوطن. ومن قال إن “أديس” هي الوحيدة مكان للحلول .
{  هل صحيح أنت موعود بمنصب في الحكومة؟
-لا أدري من أين أتى هذا الوعد.
هذا تقليل من حجم نضالاتنا، الكل يعلم نحن عندما عدنا لميادين النضال والتضحيات تركنا المناصب والاستيزار، ولن يزايد علينا المزايدون، ومن لم يكن متابعاً عليه الرجوع لأرشيف التاريخ سيجد ذلك الموقف، صدقيني نحن نناضل بقناعة ونصالح بقناعة، المواقع والمناصب أدوات من خلالها يتم تنفيذ الأهداف والبرامج والخطط لخدمة المواطن والوطن، ونحن همشنا وظلمنا طوال التاريخ  في القسمة العادلة للسلطة والثروة،  فما أحق لنا أن نتقاسم حبة الفول ليس لي شخصياً بل لك، ولأهل الهامش.
{يقال ان بعض أقربائك ساهموا في إقناعك بالمشاركة في الحوار؟
-غير صحيح، قرار مشاركتنا أتى من المكتب القيادي للحركة وأقربائي لم يكونوا جزءاً من هذه المؤسسة .
{ هل تعتقد ان مخرجات الحوار الوطني لبت تطلعات كل الناس ؟
-بالطبع ليس هناك إجماع، ولطالما هو حوار وتحرك أطراف عديدة سيصلون حتماً إلى  نقطة  تلاقي،  وفي هذا لابد من تنازل  وعدم رضي البعض  يأتي من هنا، (ما لا يدرك جله لا يترك كله)، هذا الحوار خاطب جذور الأزمة في السودان،  فقط التحدي في تنفيذ مخرجات الحوار إنه التحدي الأكبر.

{لكنكم  لم تكونوا جزءاً أساسياً في صياغة مخرجات الحوار؟
-من يقل  ذلك ربما لم يتابع الحوار جيداً، بعد عودتي من انعقاد الجمعية العمومية،  أعددنا أوراق الحركة في كل المحاور الستة، وأرسلنا  وفداً للحركة بقيادة نائب الرئيس وخمسة من القيادات، كل في مجاله وشاركنا في لجان الحوار، وساهمنا بفاعلية ولك أن تسألي عن حجم مشاركتهم،  وكانوا متواجدين هناك إلى أن استلموا التوصيات، متفق ومختلف فيها، وعادوا حاملين لنا هذه التوصيات، وتركنا قيادياً للمتابعة والتنسيق، وكنا متابعين سير الترتيب والنقاش، عبر قنوات تواصلنا وعبر الآلية. ولعلمك نحن أعضاء الجمعية العمومية لقوى المعارضة المتحاورة فقط لم نحضر اجتماع ٨ أغسطس، وكان إجرائياً للترتيب وحسم الخلاف في النقاط (١٢) المختلف حولها ورأينا أوصلناه، وأقول نحن صناع هذا الحدث وبفاعلية ولن ينكر أحد ذلك .
*{ماذا عن “مناوي” و”جبريل” ؟
  -نحن معنيون بما اقتنعنا به، إن استطاعوا فعل ذلك وكان لصالح الوطن والمواطن لا ضير، وأنا أدعوهما لمشاركتنا في هذه ألمسيره،
الحوار الهدف منه  إيقاف الحرب وتحقيق السلام وتعزيز الوحدة الوطنية، وتأسيس لدولة المواطنة والعدالة، الدولة التي تعترف بالحقائق الواقعية بالتنوع الثقافي والديني والجهوي،  السودان الجديد وطن يسع الجميع، هناك جهات تحاول خلق رأي عام حول الحوار باعتباره تفريخاً لمناصب، ويحاولون خلق (تشويش).
{من تتوقع أن يشغل منصب رئيس الوزراء؟
 -هذا المنصب من  أهم إنجازات الحوار، ومن يحصل عليه  قطعاً سيكون  متوافقاً عليه، وعندما نصل للجسر سنعبره.
{البعض ينظر الى الاحزاب المشاركة في الحوار الوطني بانها ضعيفة . كيف ترى الامر؟
-ومن يملك ميزان قياس الأحزاب، هذا ضعيف وذاك قوي هذا كبير وذاك صغير،  القياس يكمن في صناعة الأحداث وتأثيراتها، وهذا مشاهد وواقع معاش لا تنكره العين ولا يغفله العقل، نحن في مرحلة مخاض عسير في تأسيس دولة حديثة بحركات وأحزاب بحجم  تطلعات الشعب السوداني المعاصر.
 

{كل المؤشرات تدل على أن التسوية السياسية باتت خيار جميع الحركات المسلحة، هل وصلتم لقناعة أن الصراع المسلح فشل؟

-أولاً الحركات الثورية المسلحة تلجأ للسلاح عندما ينسد الأفق، ونحن لجأنا للسلاح مضطرين، بعد رفض الأنظمة التي حكمت السودان الاستجابة لمطالب الهامش في دارفور، والتي نادت بها الجبهات السلمية كنهضة دارفور وسوني وغيرها. فللنضال وسائل متعددة من بينها السلاح، ونحن نؤمن بوسائلنا منها الخيار السلمي المتفاوض، عليه لذا عندما تتفاوض مع طرف بينك وبينه نزاع أو صراع هذا يعني أنكم  تتقدمون بتنازلات من أجل التوصل إلي حلول مرضية، وتتواثقون عليها كما هي في الصراع السياسي ، ونحن لا نرى أن العمل المسلح فشل، السلاح وسيلة من الوسائل لتوصلك إلى الهدف والغايات، وفي دارفور يمكن القول إن بندقيتنا أظهرت للكل قضيتنا العادلة، وتم الاعتراف بها، لذا فضلنا في الوقت الحالي استخدام الخيارات السلمية عبر الحوار المتاح، حتى نقلل من تكلفة الحرب وحقن دماء أبناء الوطن وهذا هو منطق العاقل الذي يحمل السلاح ويحميه بالوعي والفكرة.
{ لماذا فشلت القيادة السياسية في الحركات المسلحة في دارفور في  طرح تجربة متقدمة؟

-القيادات السياسية الدارفورية لها جهد مقدر في وضع قضية السودان في دارفور تحت دائرة الضوء، محلياً ودولياً، إلا أن هذه التجربة واجهتها تحديات وصعاب جمة منها فشل القيادات منذ تأسيس الحركة إلى تأسيس مؤسسات التنظيم الثوري المسلح  والنظم التنظيمية من دستور وقوانين ولوائح للعمل الثوري المسلح، الرفض المكرر لعمل مراجعات للنظام الأساسي ووضع هيكل تنظيمي من قمة الهرم إلى القاع. وكان التخبط هو سيد الموقف مما تسبب في التشظي والانشطارات الأميبية واستمر الحال كما هو الحال والمسؤولية تعود إلى القيادة غير المسؤولة والتي تتسبب في هدم وحدة وتماسك الثورة، وانطبق على الثورة المسلحة في دارفور المثل (لا يستقيم الظل والعود أعوج). هذا هو الفرق بين حال الثورة في دارفور وحال غيرها  حين يكون هناك قائد ومشروع وقيادة ومسؤولية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية