المشهد السياسي
وللعودة أيضاً تكاليفها الحزبية
موسى يعقوب
كان لخروج الإمام “الصادق المهدي” من البلاد في أغسطس – آب 2014م، أثره السالب على الحزب والطائفة الأنصارية في الداخل وعلى البلاد واستقرارها ووحدتها، كما حدث في ارتباطه بجماعات (إعلان باريس) و(نداء السودان).
في غياب العامين وزيادة التي قضاها وأدار فيها شؤون حزبه بالريموت كنترول أو التحكم عن بعد، شهد الحزب نزاعات وخلافات نالت منه واضطر ليجعل له ستة نواب للرئيس أكثرهم حظاً وفاعلية كريمته “مريم” التي كانت لها ماكينة زعيم الحزب في حراكها السياسي الداخلي والخارجي، مما نال من كرامة وحراك نواب السيد رئيس الحزب الآخرين.
جراء ذلك كان ما جعل الإمام رئيس الحزب والجماعة يعترف مؤخراً وهو ينوي العودة للداخل، وكيفما كان الحال بأن لديه في الداخل هموم وأعمال لا بد أن يضطلع بها فتراجعت مقولة إن وجوده في الخارج لعامين وزيادة كان لأداء مهام وطنية.. كما كان يقول هو ويقول زعماء الحزب في الداخل..!
وتلك المهام الوطنية المزمعة يومها لم يعرف لها ناتج أو أصول غير ما ذكرنا من حراك ثقافي وفكري دولي وإقليمي وعلاقات سياسية عبر آليتي (إعلان باريس) و(نداء السودان) اللذين جمعاه بـ”ياسر عرمان” وقادة جماعات دارفور المتمردة وجماعات اليسار في الداخل – الشيوعي وقوى الإجماع ومن يعملون من دول ورموز عالمية وإقليمية ضد مصالح الشعب السوداني والنظام الحاكم.. بالضرورة.
الهموم والأعمال التي قرر السيد الإمام العودة من أجلها وهي كثيرة، نجد أن من أكثرها حضوراً في تلك الأجندة هو إدراك ما طرأ على الحزب من تفرق وشتات وما إلى ذلك.
بيد أن كل خطوة لها حساباتها وتكاليفها بل ومردودات ما سبقها من إجراءات كالبناء غير المؤسس للحزب وغياب المؤتمر العام الذي يجب أن يجري فيه، ذلك كله بديمقراطية وحسن أداء وقبول.
فالذي ينظر إلى تكوين لجنة لاستقبال السيد رئيس الحزب بأمر منه يجد ما يشير إلى أن البناء المؤسس القائم في الحزب لم يكن على ما يرام.
لجنة الاستقبال برئاسة السيد الفريق (م) “صديق إسماعيل” أحد نواب الرئيس الستة، لم تجد قبولاً من بعض زملائه في الدست الرئاسي، بل احتجاجاً ورفضاً، ونذكر هنا تحديداً الدكتورة “سارة نقد الله” أمين عام الحزب وإحدى المقربين للسيد الإمام “الصادق” واستجاب السيد رئيس الحزب وزعيمه الغائب العازم على العودة لطلبها في الحال، فكان تعيين السيد “برمة ناصر” أحد نواب الرئيس الكبار خلفاً له.
وقد أثار ذلك الإجراء غضب السيد النائب “صديق إسماعيل” وكثير من الشباب والحريصين على سلامة القرار في الحزب، وهم يرفضون ما تم وهم يشعرون بأن في الأمر (خيار.. وغيره)..!
إن عودة السيد الإمام “الصادق المهدي” للداخل شيء وطني وحزبي وأنصاري لينتظره الكل.. لما يمكن أن يتمخض عنه، من نتائج إيجابية في كل المجالات والبلاد تتأهل للدخول في مرحلة جديدة عنوانها (الحوار الوطني ومخرجاته) كل الأمل في ترتيب الأوضاع دستورياً وأداءً حكومياً وتشريعياً..الـخ.
لكن وبكل أسف وجراء ما طرأ من ترتيبات العودة والاستقبال للعزيز الغائب، فجرت خلافات غير متوقعة داخل الحزب نفسه.. غير أنه يبدو أنها بائتة وساكنة في كيان الحزب ومؤسسيه.
وقد تفجر ذلك الخبر في سائر صحف (الاثنين) السودانية صباح أمس الأول.. حملنا ذلك على أن نذكره في (المشهد السياسي) فهو مشهد سياسي جدير بالذكر وقد حدث ما حدث بين يدي السيد زعيم الحزب وقبل عودته التي يتطلع إليها.
هذا كله بتقديرنا عن الآثار السالبة للغيبة الطويلة، ربما غير المبررة والطريق أمامها لم يكن مغلقاً تماماً إذا ما تحولت مهام الغائب الوطنية مما كانت عليه إلى مهام وطنية حقيقية، أدركها الإمام أخيراً وأخذ في ترتيب أوضاعه عليها.
ترتيب العودة بحسب ما جرى له تكاليفه الحزبية وأمام الحزب مهام كثيرة تتصل بمؤسسيته وإعادة بنائه.
ونسأل الله التوفيق.