عابر سبيل
“عبد الرحمن السلاوي”: اسم في حياتنا!
ابراهيم دقش
كنت أعتقد أني أعرف “عبد الرحمن السلاوي” الصحافي المهاجر في الكويت والذي غزا السودان بعدها بحلويات (سلا) حتى قدمه “عمر الجزلي” في برنامج (أسماء في حياتنا) في التلفزيون القومي، فرأيت صورة مختلفة للرجل، كونه من “القولد” في المديرية الشمالية، وكونه رب أسرته بعد وفاة والده “محمد السلاوي”، وكونه “بتاع” رياضة بدليل انتمائه القيادي في اللجنة “الأولمبية” السودانية.. أما معرفتي به، فعمرها فوق الأربعين عاماً وكان وقتها شاباً وسيماً ومغترباً في دولة الكويت ويعمل في صحيفة (الأنباء)، إن لم تخني الذاكرة فقد جاء للسودان في بداية السبعينيات في إجازة اصطادني خلالها بالمصادفة، وأقنعني بأسلوبه الفريد وطريقته العفوية وبساطته المؤكدة، أنه كان يبحث عني، وصدقته قبل أن يخرج من جيب سترته (عقد عمل) باسمي ورسمي من صحيفة الأنباء الكويتية.. ورحمني بنظرة استنكارية: طبعاً افتكرت أني أنافقك لما ذكرت لي أني فعلاً أبحث عنك.. وبعدها عدّد لي مناقب وضعي الجديد في إمارة الكويت ووضعي في الصحيفة المذكورة، وحدّد لي الراتب الذي يسيل له الّلعاب وبقية الامتيازات والمخصصات من سكن فخيم وعربة فارهة وما إليه.. وأعترف الآن بعد كل هذه السنوات، أني سألت نفسي إذا كان هذا ما يقدمه لي شاب سوداني غر لأغترب عن بلدي، فأي عرض سيقدم لي أمير تلك البلاد؟ وحقيقة لعب الفأر في (عبي) وكأنما أدرك هو ذلك فأقنعتي بأن أقبل العرض “مبدئياً” على أن يصلني العرض الرسمي فيما بعد عبر القنوات الرسمية، وهو ما حصل.. ولما جاء الأخير وجدني قد رتبت أمري للسفر إلى بريطانيا العظمى للتحضير لدرجة عليا في الاتصال والتنمية :
COMMUNICATION & DEVELOPMENT
فاعتذرت للأخ “عبد الرحمن السلاوي” بطريقة غاية في التهذيب بأني على استعداد للتحرك بعد نيلي للدرجة العليا إلى الكويت من “لندن” مباشرة.. وتشكك بالصوت العالي في “عرضي” له قائلاً: عندها سيكون لك شأن آخر يا صديقي.. وقد صدق حدسه فقد تعاقدت مع منظمة الوحدة الأفريقية من هناك.. وزارني “عبد الرحمن السلاوي” هناك فما زاد عن جملة واحدة: ألم أقل لك؟ فهل تترك كل هذا العز لتغترب (عندنا) في الكويت؟ ولما سألته مباشرة أي عز يقصد، أرسل ضحكة داوية..
فذلكم هو “عبد الرحمن السلاوي” الذي عرفت (اسم في حياتنا)، أردنا أم لن نرد!!