رأي

سنار عاصمة حقيقية للثقافة الإسلامية 2017م

جاء اختيار سنار لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية بإجماع من العالم الإسلامي، اختياراً موفقاً وصادقاً يعبر عن الدور الحقيقي الذي لعبته مملكة سنار التي تسمى أيضاً مملكة الفونج، والدولة السنارية، وسلطنة سنار، والسلطنة الزرقاء ودولة الفقراء، فكثرة الأسماء تعبر عن عظمة هذه الدولة وعظمة الدور الكبير الذي لعبته في تاريخ الإسلام وتاريخ السودان.
ويكفي فخراً لسنار أنها قامت كدولة مباشرة بعد سقوط دولة الأندلس عاصمة الخلافة الإسلامية، ولعبت دور الملاذ والملجأ الآمن والبديل للأندلس، في احتضان العلماء ورجال الدين والشيوخ الذين انتشروا وخرجوا من عاصمة الخلافة الإسلامية بعد سقوطها.
وسنار ستكون بإذن الله على قدر عظمة هذا الاحتفال العالمي الكبير إذا أعددنا له إعداداً ضخماً يليق بتاريخ مملكة سنار والدور الذي لعبته كأول دولة إسلامية توحد السودان، بل كانت سنار هي العمود الفقري الذي قام عليه السودان الحديث، فكل الطرق الصوفية وأشهرها القادرية والسمانية والمكاشفية والدسوقية والأحمدية والشاذلية والتيجانية وغيرها، نشـأت ونمت وترعرعت في أحضان مملكة الفونج، وأول كتاب سوداني كتب في مملكة الفونج هو كتاب (طبقات ود ضيف الله)، بل أول نظام حكم في السودان طبق النظام الفدرالي هو مملكة سنار في فدرالية في غاية الرقي بين الفونج والعبدلاب، والمشيخات المعروفة على امتداد النيل. وكان السودان ومملكة الفونج هي المحطة الرئيسية في طريق الحج من أقاصي غرب أفريقيا ووسطها، فكانت الهجرات والرحلات من مملكة تامبكتو، ومن المغرب وبلاد شنقيط ومالي ونيجيريا والنيجر عبر الصحراء في مواكب ضخمة تحج إلى الأراضي المقدسة عبر السودان.
وكان الحجاج عندما يصلون إلى سنار يعتبرون أنفسهم قد وصولوا إلى بداية الأراضي المقدسة بعد مسيرة شهور عديدة بالدواب وسيراً على الأقدام، فيحطون الرحال في سنار وتحت ضيافة مملكة الفونج، فينشر العلماء الشناقيط والمغاربة والأفارقة العلم الذي يحملونه بين سكان السودان ومنهم عشرات العلماء والفقهاء منهم الشيخ حمد أبو دنانة الذي كان يحمل معه الطريقة الشاذلية، والشيخ التلمساني المغربي والشيخ أحمد بن إدريس والشيخ عبد الكافي المغربي.
فالسودان ومملكة سنار كانت من العظمة والشهرة والاهتمام بالعلماء وتزويجهم وإعطائهم المال والأراضي ليزرعوا، عظمة ومكانة لا يعرفها كثير من السودانيين اليوم، وأعجبني كثيراً فكرة حدثنا عنها قبل أيام قليلة الشيخ الأستاذ “عبد الباسط عبد الماجد” وزير التربية والتعليم السابق الذي قال لنا إنهم يعملون في مشروع ثقافي وحضاري ضخم وهو (التوثيق لطريق الحج) الذي يبدأ من غرب أفريقيا منذ آلاف السنين ماراً بالسودان، ولعمري هذا جهد مبارك يجب أن يُدعم وترعاه الدولة، وأرجو أن يُضاف إلى فعاليات مهرجان سنار عاصمة للثقافة الإسلامية. ونناشد السيد الرئيس باختيار اللجنة العليا لهذا المهرجان مبكراً حتى تقوم بالإعداد الجيد والمدروس الذي يليق بتاريخ وحضارة ومستقبل السودان، فنريده كما قال “السمؤال خلف الله” الوزير السابق، بعثاً إسلامياً جديداً، بإحياء نار القرآن ورفع المآذن، والاستواء على المنابر، وأن يعود السودان منبراً من منابر الحق والعدل والدعوة، وأن يرتبط الناس ومفاهيمهم بقيم السماء والفضيلة حتى يسخر الله لهم كل الكون (آمين)..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية