الساعات الأخيرة بأديس : هل سترسو بالمفاوضات.. أم ستودعها منضدة (الثعالب)
كيف؟ وبأية وسيلة سيسدل الستار بنهاية الـ(24) ساعة الأخيرة على مشهد التفاوض بين حكومتي دولتي السودان وجنوب السودان، وتوقع إيداع الملفات العالقة على منضدة مجلس الأمن توطئة لتنفيذ القرار (2046) والخطى تتسابق، والكل تبتلعه الحيرة ويقف متسائلاً عن ما يمكن أن تسفر عنه مفاوضات أديس أبابا.. وآراء القوى السياسية تتباين، جبهة تتوقع اتفاقاً وشيكاً بين الدولتين، فيما تضاربت التخمينات عن اللقاء المرتقب بين الرئيس المشير “عمر البشير” والفريق أول “سلفا كير”، المرتب له من قبل الوسيط الأفريقي “ثامبو أمبيكي”، وتوقعات أخرى بضعف اللقاء لملفات مازالت عالقة، ورجح البعض أن يكون اللقاء للاتفاق والتوقيع والمباركة.
وانتقد سابقاً “د. قطبي المهدي” الدعوات المتكررة لانعقاد القمة بين الرئيسين، واعتبرها محاولة من بعض العناصر لإضعاف موقف وفد التفاوض، ولتقديم مزيد من التنازلات لمصلحة دولة الجنوب، وسمى العناصر بذات المصالح المشتركة مع الجنوب، واصفاً القمة بغير الناجحة في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة. وتابع قائلاً إن جهات أفريقية ودولية تمجد موقف الوفد التفاوضي لدولة الجنوب بما فيها جهات الآلية الأفريقية.
فيما برزت أمريكا بأسنان الليث ومكر (الثعالب) مبرهنة أن لا نية لها في تغيير حكومة السودان، وأنها ضد استخدام العنف على لسان سفيرها لدى السودان “جوزيف” في حديث سابق للبرلمان. والقوى السياسية رغم خلافاتها الطويلة مع المؤتمر الوطني، تدرك تماماً سياسة الثعالب، وتعترف نهاراً بأن السودان مستهدف من قوة دولية خارجية، ودخلت معظم القوى السياسية في هدنة مقلقة وأيديها ممدودة للتدخل، قائلين (من أجل السودان). وقال “غازي سليمان” الخبير القانوني والقيادي السابق بالحركة الشعبية: بالرغم من انتقادي للإنقاذ سياسة إلا أننا في خندق واحد مع الإنقاذ ضد القوة الصهيونية وما يسمى تجمع (كاودا). ومن جانب آخر، ووفقاً لتصريحات قادمة من قيادات مسؤولة بأديس أبابا، يتوقع انعقاد اجتماع عقب انتهاء الفترة المحددة في حال فشلت القمة، لمناقشة مخرجات المفاوضات بين الدولتين، ومتابعة تنفيذ قرار مجلس الأمن، مع تقديم تقارير للدولتين، حسب إفادة سفير السودان بأثيوبيا “عبد الرحمن سر الختم”، وكان “ثامبو” يريد عقد لقاء مغلق بين الرئيس “البشير” والفريق أول “سلفا” على هامش هذا الاجتماع. وتوقع “هجو قسم السيد” القيادي بالمؤتمر الوطني ونائب رئيس البرلمان، أن القمة المرتقبة بين الرئيسين هي للمباركة وتنفيذ بروتوكول الاتفاقية، وأبدى تفاؤله خلال الندوة التي بحثت (مفاوضات أديس أبابا.. تقارب وجهات النظر وتباعد الحلول) بمركز الشهيد الزبير، أمس، بتنظيم من الاتحاد العام للطلاب السودانيين، أبدى تفاؤله بما ستسفر عنه المفاوضات من نجاح، معللاً ذلك بما تعيشه أمريكا من أجواء انتخابية، وما تمر به أوروبا من أزمة اقتصادية تعوّل على ملف البترول، وقد سخر “غازي سليمان” من تخطي الدولتين لنفق التفاوض، وشكك “هجو” في كفاية المدة المقررة للقاء، الذي توقع له أمس، في حين وجود الرئيس “البشير” بالدوحة.
إلى ذلك، برهن “دانيال كودي” رئيس حزب الحركة الشعبية جناح السلام فشل اللقاء المزمع لتدخل مجلس السلم الأفريقي، واستنكر أن يكون هنالك تفاوض من الأصل واتفاقية نيفاشا قد وضعت البرتوكولات قيد التنفيذ، وقال إن المسائل العالقة لا تحتاج إلى تدخل خارجي لخلاف قائم على منطقتين في السودان، واصفاً التدخل بالمخطط للإطاحة بالنظام في الخرطوم. وأيده “هجو” الرأي بوجود ملفات بطرف المؤتمر الوطني تكشف المخططات والتآمر الخارجي لإسقاط النظام. والناظر إلى الملفات العالقة والتدخل العشوائي لـ”عرمان” يرى بما لا يدع مجالاً للشك استهداف السودان، كيف لا و”عرمان” كما وصفه “دانيال” يفاوض على سد مروي وهو ليس من أبناء جنوب كردفان والنيل الأزرق.. إذن لماذا؟؟ سؤال ظل يطرح نفسه على وجوه كل الموجودين بالندوة، لماذا تتفاوض الحكومة مع “عرمان” وكان الأحرى التفاوض مع أبناء الولايتين الداعين إلى السلام والاستقرار، وشبّه “هجو” هذا النوع من التفاوض بتفاوض الحكومة مع فصيل متمرد، وأن الحرب أصبحت حرب عصابات واغتيالات، وأبدى أسفه للأخطاء التي ارتكبها المؤتمر الوطني بعدم إشراكه المجموعات السلمية لأبناء الولايتين، ووافقه الرأي “دانيال” بأن الحرب الدائرة الآن ليس لها أي معنى أو مكاسب لإنسان النيل الأزرق وجنوب كردفان، بل ليست لها أي مبررات مقنعة عدا أن الحرب قامت عقب اللقاء الثلاثي لـ”عرمان، الحلو وعقار”، وكشف عن اتصاله يوم 6/6 بـ”عبد العزيز” الذي رفض مكالمته، ثم اتصاله بـ”أحمد هارون”، وطالب الثلاثي بعدم إشعال الحرب قائلاً: (من بدأ الحرب أنا ضده)، ولكن مبادرته لم تلق القبول، في حين لاقى طلبه آذاناً صاغية من الرئيس “البشير” بوقف إطلاق النار، واصفاً الرئيس وقيادته برجاحة التفكير، وتساءل هل الحكومة تفاوض الجبهة الثورية أم الحركة الشعبية قطاع الشمال أم أبناء جنوب النيل الأزرق؟! وفند أنه في حال كانت الحكومة تفاوض الجبهة الثورية ستفشل في تحقيق السلام، لأن أهداف الجبهة الثورية تقتصر على السلام في جنوب كردفان والنيل الأزرق، أي برتوكول منفصل، أما إذا كانت تفاوض على أساس الحركة الشعبية قطاع الشمال فـ”ياسر عرمان” ليس من أبناء أي من الولايتين، لذا رجّح فشل المفاوضات الجارية الآن بسبب عدم تطبيق بعض البنود ببرتوكول السلام الخاصة بوظائف بالدولة لأبناء الولايتين، إعمار المناطق المتضررة من الحرب، (75%) للمناطق المتضررة و(25%) للمناطق الأكثر تخلفاً، بالإضافة إلى صندوق المانحين، ومال التنمية المُدرج بوزارة المالية. ويرى “قسم السيد” أن الجنوبيين يعولون على تطبيق القرار(2046)، مستوضحاً بعدم خسران الجنوبيين بل وصفهم بالمدعومين والمدللين، لذا يميلون إلى المماطلة في التفاوض على الملفات العالقة، وتساءل عن تراجع ملف النفط في حين أن التقارير الصادرة لصندوق النقد الدولي تشير إلى أن الجنوب في ديسمبر القادم سيكون مفلساً تماماً.
وأبرز “دانيال” حقيقة أخرى مفادها أن الفرقتين (9 و10) اللتين تضمان أكثر من (54) ألفاً من الجيش الشعبي المنضوين حالياً تحت لواء “سلفا كير” سيصبح مصيرهم الشتات، أو بالأحرى لن يكون هنالك جيش شعبي، وقال إن هنالك اتصالاً من القوات المحاربة حالياً من الجيش الشعبي في نيتهم الانضمام إلى السلام رافضين مبدأ الحرب، وحريصين على الانضمام إلى ركب السلام وسباق المفاوضات الجارية.