السودان ما بعد الحوار الوطني.. نظرة مستقبلية
في قراءات مختلفة
تقرير: عماد الحلاوي
متى يتم استيعاب مخرجات الحوار الوطني المضمنة في الوثيقة الوطنية التي تم إقرارها في العاشر من أكتوبر الحالي.. ثم ماذا بعد الحوار الوطني؟ سؤال يردده الكثير من المراقبين لمسيرة الحوار منذ انطلاقته.. هذا السؤال حاولت أن تجيب عليه الندوة التي نظمتها أمس النقابة العامة والهيئة النقابية لعمال المصارف والأعمال المالية تحت عنوان : (السودان ما بعد الحوار الوطني).
وأجمع المتحدثون في الندوة على أن مخرجات الحوار الوطني تلبي كل طموحات أهل السودان، وأن القضايا الخلافية الست درست بشكل عميق ومنهجي ووضعت لها الحلول.
رفع العقوبات
وقال القيادي بحزب الأمة القومي “مبارك الفاضل”: إن السودان دخل مرحلة جديدة بعد الاتفاق على الوثيقة الوطنية التي أصبحت ملكاً للشعب السوداني.
وأشار إلى أن التحدي الماثل في تنفيذ مخرجات الحوار. فالسودانيون ظلوا في اختلاف منذ الاستقلال حول التداول السلمي للسلطة، بالإضافة إلى الصراع الأيديولوجي والهوية، وتقع المسؤولية الكبرى على رئيس الجمهورية في التنفيذ.
وأضاف: إن المخرجات عبارة عن خام تحتاج إلى الكثير من العمل، فبعضها يحتاج إلى تعديلات دستورية، فالمخرجات عبارة عن إعادة تأهيل للدولة (عمرة كاملة).
وفي جانب المشكل الاقتصادي قال “الفاضل”: إن أمرها يحتاج لإعادة علاقاتنا مع المؤسسات الاقتصادية الخارجية لإعفاء الديون التي كان أصلها (6) مليار دولار، في عهد “نميري” لتصل الآن إلى (46) مليار دولار.
وحول علاقات السودان الخارجية قال “مبارك”: إن الأمريكان من خلال الصراع السياسي في السودان وتحالفه مع إيران فرضوا حظرهم عليه، فالحكومة الآن بتحالفها مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي مع الأخذ في الاعتبار تحالفات تلك الدول مع أمريكا يكون السودان قد فتح باباً لترميم علاقاته مع أمريكا- الغرب، ويمضي في طريق رفع العقوبات عنه.
وأضاف “المهدي” إن موقع السودان، دولة معبر للهجرة غير الشرعية لأوروبا في ظل وجود حركات إرهابية في ليبيا. هذه التطورات فتحت للسودان باباً للتسوية السياسية مع أوربا، مؤكداً أن التسوية السياسية تقوم على ثلاثة أضلاع (الحكومة- المعارضة –المجتمع الدولي).
وقال : (الآن هناك تلاقي بين المصالح الدولية والمحلية، علينا أن لا نفوت الفرصة ونعض عليها بالنواجذ).
وعن السلام أكد “مبارك” أن الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة عملياً انتهت ولم تعد مؤثرة على مركز القرار، وتأثيرها لا يتعدى المناطق التي يتمركزون فيها مما جعلهم لا يحاربون سوى أهلهم.
المصالح المشتركة
وقال أمين العلاقات الاقتصادية بالمؤتمر الشعبي الدكتور “بشير آدم” : (نحن في شهر أكتوبر.. كان للنقابات دورها في ثورته المجيدة.. ليقول البعض إنها دجنت الآن، وللعمال دور في العمل السياسي).
وأضاف: (الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة ومسألة معاش الناس أمر مهم).
وأكد “رحمة” أن مخرجات الحوار الوطني كان الجانب الاقتصادي منها يمثل الثلثين، وجانب الحريات كان واسعاً لم يترك لحاملي السلاح ثغرة حتى يراوغوا من خلالها.
وقال: إن مخرجات الحوار في الجانب الاقتصادي أتت على وجه الشمول، والمعالجات شملت المعالجات الآنية والإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، كما شملت المعالجات النظرة المستقبلية ومراعاة الكفاءة والعدالة في التنمية ومحاربة الفساد من أعلى وليس العكس .
ودعا “رحمة” إلى سياسات ذكية لدعم الإنتاج وزيادة الدخل وخفض البطالة.
وأكد عدم مشاركة المؤتمر الشعبي في الجهاز التنفيذي لحكومة الوفاق الوطني المقبلة، إلا إذا رأى الحزب في اجتماعه ديسمبر المقبل غير ذلك.
الأزمات السياسية
وأكد الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني الأستاذ “حامد ممتاز” أن الحوار الوطني جمع كل السواد الأعظم من أهل السودان متمثلاً في القوى السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني وزعماء الأحزاب السياسية وقادة الحركات المسلحة، أفرز حلولاً وطنية مستقبلية تعارف عليها كل أهل السودان تلبي طموحات بناء الدولة الحضارية.
وقال في الندوة : إن استيطان الأزمات السياسية (الصراع على السلطة – النزاعات المسلحة)، أخَّرت قيام الدولة الراشدة في السودان، وعملنا بكل الوسائل على معالجة هذه الأزمات، وكانت آخر المعالجات فكرة الإصلاح السياسي الشامل عبر الحوار الوطني.
وأضاف الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني: إن مخرجات الحوار الوطني لا تلغي شرعية انتخابات عام 2015م، ولكن هناك تحوُّل يكون عبر مراحل، أوله تكوين حكومة وفاق وطني يشارك فيها كل الذين شاركوا في الحوار، لإدارة البلاد نحو هدف موحَّد لتحقيق السلام والاستقرار، وتشمل التعديلات إضافة إلى الحكومة المركزية المجالس التشريعية الاتحادية والولائية وحكومات الولايات.
كما سيتم تشكيل لجنة قومية لكتابة دستور دائم للبلاد والذي سيجاز في المجلس التشريعي الذي سينتخب في العام 2020م.
وأكد “ممتاز” أن الجهة المسؤولة عن تنفيذ توصيات الحوار الوطني هي حكومة الوفاق الوطني.