المشهد السياسي
السياسة فن الممكن.. ماذا هم فاعلون؟
موسى يعقوب
إنها حكمة قديمة ومعروفة في العمل السياسي، إلا أن من يعمل بها في بلادنا من ساسة وقادة حزبيون أو قادة حركات مسلحة قليلون أو لا يشار إليهم في (فن الممكن).. فعندنا من الكتل السياسية جماعة (نداء السودان) وقوى الإجماع وحزب الأمة القومي والحزب الشيوعي ومن الحركات المسلحة حركة ياسر عرمان وحركة خليل إبراهيم وعبد الواحد ومناوي.. الخ.. وكلهم كان ينتظر من حراكه ونشاطه الداخلي والخارجي ضد النظام الكثير.
الحركات المسلحة المتمردة كانت تجد من حكومة جنوب السودان بعد انفصالها واستقلالها، دعماً عسكرياً وأمنياً ودبلوماسياً. وكذلك الجنائية الدولية وتوابعها التي استهدفت رئيس جمهورية السودان بالإدعاءات والاتهامات الزائفة.. وصولاً مؤخراً إلى الاتهام باستخدام الأسلحة الكيميائية في جبل مرة بدارفور على أحد ممثلي المنظمة الأممية التي تصدى إليها آخر.
الآن وبعد الكثير مما استجد من حراك سياسي داخلي كبير تبعه آخر أمني وعسكري ودبلوماسي، فقدت تلك الحركات وتوابعها الكثير الذي في مقدمته:
{ عدم الاستقرار في جمهورية جنوب السودان وتوجيه الطلب إليها من الولايات المتحدة بطرد الحركات المسلحة.. بل وإنذار الرئيس السوداني لها بأنها آخر هذا العام ستواجه الآلة العسكرية إن لم تنه وجود تلك الجماعات فيها.
{ ويلي ذلك ويتبع له أن المحكمة الجنائية الدولية تعيش آخر أيامها في العمل ضد جمهورية السودان والبلاد الأفريقية عموماً.
ذلك في هذا المنحنى أن الدول الأفريقية أعلنت عبر تجمعاتها سيتتابع خروجها وانسلاخها من الجنائية، ومن هؤلاء مؤخراً جمهورية ج أفريقيا والبقية تلحق وتأتي.
هذا فضلاً عن الأزمات الداخلية التي تعانيها الأحزاب المعارضة بتجمعاتها، ولعل آخرها الحزب الشيوعي السوداني الذي ابتلى أخيراً باستقالات كبيرة من قطاعات حية ويعتمد عليها فيما يدعو إليه الحزب من انتفاضة شعبية وخلافها .
إلا أن هذا كله (كوم) كما يقولون.. وما يجري في الداخل كوم آخر.
والعودة هنا إلى الحوار الوطني والسياسي والمجتمعي الداخلي الذي كان مسك الختام فيه المؤتمر الجامع المحضور من عدد من الرؤساء والمناديب، وتم تسليم الوثيقة الموقع عليها السيد رئيس الجمهورية لترجمة بنودها ومخرجاتها المتفق عليها إلى أعمال سبق للسيد الرئيس صاحب مبادرة الحوار والوثبة أن وعد بها.
الممانعون ومن ذكرنا منهم كانوا يعتقدون أن تنفيذ المخرجات المتفق عليها غير ممكن، والمؤتمر الوطني متهم بـ(الكنكشة) والسيطرة على المواقع.. إلا أنه مرة أخرى وفي لقاء شورى المؤتمر الوطني الأخير، نفى ذلك حسب ما جرى فيه وتداولته كل الصحف (أمس)، أي اليوم التالي للمجلس الجامع والذي تم الاتفاق فيه على كل شيء تقريباً.
الرئيس في خطابه أمام مجلس الشورى دعا إلى :
{ التنازل عن المناصب في كل المستويات بخاصة الوزراء ووزراء الدولة .
{ وبشَّر بإصلاحات قادمة وتنزيل وثيقة الحوار الوطني بدءاً بتقديم مشروع تعديل الدستور.
وتعديل الدستور الذي أشار إليه السيد رئيس الدولة والمؤتمر الوطني يسمح بزيادة عضوية البرلمان بالتعيين واعتماد منصب لرئيس الوزراء.. وهذا يعني أن هناك مساحة للمشاركة لمن يلحق بمؤتمر الحوار الوطني من الممانعين في كل المستويات.
في إطار ذلك جدد الرئيس في خطابه أمام شورى المؤتمر الوطني الدعوة للممانعين باللحاق بالحوار الوطني والتوقيع على مخرجاته وإلا فلا حوار بعد ذلك..!
وفي الختام نعود إلى السؤال: ماذا هم- أي المعارضون وغيرهم- فاعلون والسياسة كما يقولون (فن الممكن) ؟ فكل ما يحيط بهم من مجريات ومتغيرات يدعو إلى إعادة النظر في سياسة مضى عليها وقت طويل.