عز الكلام
حال السواد.. بلادنا تلفظ أبناءها!!
أم وضاح
من قال إن الصحافة هي مهنة البحث عن المتاعب فقط خفف عليها كثير من همومها وحمولتها، وكل صباح يتأكد لي أنها مهنة اكتشاف الآلام والأحزان والمظالم، والأمر لا يتوقف عند محطة الاكتشاف، وبعدها نكتفي بالفرجة ونمضي إلى حال سبيلنا، لكن قدرنا أن تنتاشنا وتلامسنا من جوه هذه الآلام والأحزان والمظالم، فنصبح جزء لا يتجزأ منها برابط المسؤولية والانتماء لهذا الوطن، سردت هذه المقدمة وأنا أدلق عليها بعضاً من الهدوء حتى لا أكتبها بذات إحساسي فيحترق الورق غضباً، وألم والقصة وما فيها أن الصدفة وحدها جمعتني بسوداني أسمر معطون ومعجون بحب هذا البلد، لا تجمعني به صلة مصاهرة ولا قرابة ولا حتى مصلحة، لكننا نجتمع جميعاً تحت سقف الوطن الذي يفترض أنه لا يفرق بين أبنائه إقصاءً أو تهميشاً أو ظلماً، والرجل جمع حصاد عمره من سنوات اغتراب طويلة ثروة أراد أن يستثمرها في بلاده رغم أن الحدود مفتوحة ودول الجوار وغيرها تغازل بلا حياء رؤوس الأموال السودانية وتفتح لها أذرعها ترغيباً وترحيباً، لكن الرجل جاء يحمل حلم العمر أن يبني منتجعاً قبالة النيل الذي عشقه واستمد إصراره وعزيمته منه، والمنتجع عالمي بكل المقاييس تقف شاهدة على ذلك دراسات الجدوى والخرط والخطط، فيه فندق عالمي ومطاعم تضاهي ما نشاهده في دبي وماليزيا وأحواض سباحة وملاعب ثم مسرحاً، وغم المساحة التي يحتلها وكأن بإمكانه أن يستغلها لعمارات يجلبن عليه الربح الوفير، لكنه أراد أن يقدمه هدية لأبناء وطنه لجيل مرصوص البنيات مفعم بالآداب والفنون والأخلاق النبيلة، جيل لا تبنيه الأحاديث المرسلة أو الأحلام منزوعة الإرادة والعمل، أو لم يقل المفكرون والأدباء (أعطني مسرحاً أعطيك أمة)، وبدأ الرجل عمله على أرض اشتراها من حر ماله والأمنيات تتسابق لتصل (ميس) العاملين وهي الفترة التي حددها لانتهاء المشروع الكبير، لكن تعالوا على أرض الواقع المؤلم، والرجل بدأت توضع في طريقه العراقيل والمتاريس بلا سبب ولا مبررات ويبدأ مسلسل الظلم وبنك السودان يرفض فتح اعتماد لتمويل الفندق الذي هو عماد المنتجع وضمانه جذب السياح له وإنعاش خزانة السياحة به في معادلة مغلوطة ومقلوبة ومحيِّرة، وبلادنا لا تشكو فقط قلة الفئران، ولكنها تشكو قلة الفنادق التي تستقبل فيها ضيوفها وعندما يدق أحدهم صدره يوجه نحوه الخنجر المسموم، ورغم ذلك أدهشني الرجل وهو يصر أن يكمل هذا المشروع حتى لو رواه من دمائه بعمالة سودانية مائة بالمائة، فتحت كثير من البيوت وترفعت بها عن ذل السؤال والفقر، لينبري السؤال المهم الذي يفترض أن نوجهه لوزير الاستثمار، إذ كيف له أن يقف مكتوف الأيدي لا يحمي المستثمر السوداني قبل الأجنبي، ويبذل له كل الضمانات والإغراءات التي تجعله يستثمر في بلاده وينعش اقتصادها المنهك، يعني حتتكيفوا وتنبسطوا لو أن الرجل (صفى) أعماله ويمم وجهه شطر أنقرة أو أديس أو نيروبي، والخرطوم يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول!! هذا ظلم وهذه فضيحة أن تطرد بلاد أبناءها قهراً وظلماً!! يا وزير السياحة الرجل يعمل عمل دولة وينفذ إستراتيجية أمة بكل محبة وعطاء للآخر، ولو كان أنانياً بخيلاً لاستثمر كما يفعل بعض الطفيلية في العقارات والشقق الفاخرة وفي ستين داهية المسرح ودشليون مليون أبوكي رسالة وقضية ومستقبل!!.
(الدايره) أقوله إن الإحباط الذي وصلني من حديث الباشمهندس “عبد الله النيل” كان كافٍيا ليقلب يومي رأساً على عقب، لكنني قلت له تمسك برسالية ما تحب ليتحقق لك ما تحب وأمضى في غاياتك النبيلة وتحمل لهيب الشمس وأعالي الجبال لا يصل إلى قمتها إلا الصامدون أصحاب الإرادة، لكن هذا لا يمنع أن نوجه رسالة لوزيري الاستثمار والسياحة، وقبلهما سعادة المشير “عمر حسن أحمد البشير” ليحمي مواطناً سودانياً من تبعات قرارات غير مدروسة لا تكلف متخذيها غير إمضاء ثمنه نقطة حبر، لكنها تكلف الوطن فقد أبنائه وتطفيش مستثمريه وتحويل عشقهم وانتماءهم إلى ندامة ومصير مجهول. اللهم قد بلغت اللهم فأشهد.
{ كلمة عزيزة
حتى متى تظل في بلادنا أطول الطرق هي الطرق المستقيمة وأقصرها هي المعوجة والملولوة، من قال إن الحوار الوطني سينجح طالما أن هناك عقليات هدامة مصلحتها قبل مصلحة البلد، أرصدتها في البنوك أهم بكثير من خزانة وزارة المالية يهمها شنو تتطور السياحة ولَّا ما تتطور، نعرف أدب المسارح ولَّا عننا ما عرفنا طالما في مقدورهم ركوب الطائرات إلى جزر ماليزيا أو الجلوس على مقاعد مسارح روما القديمة، ولك الله يا بلد.
{ كلمة أعز
كيف لبلادنا أن تتطور أو تنهض والحقد يملأ قلوب بعضهم والغيرة تبدع وتتفنن في اختراع الأساليب غير الشريفة، كيف لنا أن نبني هذه الأرض ونعمِّرها وبعضهم عن عمد وقصد يكسر المعاول ويحقن جسد الأرض سماً وكرهاً!!.
//
حسن