الحاسة السادسة
رشان أوشي
رجال من ثلج!!
هذه المرة.. سأكتب عن قضية اجتماعية نفسية، بعيداً عن السياسة ورهقها، ربما أقرب للمجتمع وأنماط حياته المتعددة، ولكنها جميعها تندرج تحت قاسم مشترك واحد، القاسم المعني له عده زوايا، بحسب الحالة والقضية، أتمنى ألا يفسر قرائي الأعزاء ما سأكتبه تحاملاً على الرجل، أو أنصافاً للأنثى من باب تضامن النوع، إنها حقيقة معاشة ولكنها نسبية لا تسقط على الكل، بل الجزء ولكنه الجزء الأعظم.
اتصلت بي صديقة قبل أيام، لتخبرني بأنها اتخذت قراراً اعتبرته شجاعاً ومهماً وقاسياً لها، قررت أن تنفصل عن حبيبها وخطيبها، لم أندهش وقتها، ووضعت قرارها في خانة (شكلة) وغالباً لن تستمر حتى الغد، والتقيتها في اليوم التالي، وأخبرتني بإصرارها، حينها أصابني الذهول، صديقتي كانت تعتبر أن حبيبها هو الرجل المثالي، وفتى الأحلام، مثقف، يقرأ الكتب، يعشق العلم والدراسة، ذو بصيرة سياسية ونشاط واسع، شديد التهذيب، لا يتحدث كثيراً، بالنسبة لها كانت تلك مواصفات زوجها، فهي تكره الرجال السطحيين التنميطيين، الثرثارين، ممن يتجلى خواؤهم في ياقة أقمصتهم.
ولكنها بعد زمن ليس بالقصير شعرت أن فتاها يفتقر لأهم ميزة تدعم استمرار العلاقة الزوجية المستقبلية، وهي الرومانسية، فهو رجل بارد حد الثلج، لا تهزه المواقف مهما كانت صادمة، لا ينفعل لأي شيء حتى دموعها، تشعر دائماً أنها وحيدة بلا رفيق في الحياة، حاولت مراراً تنبيهه للأمر ولكنه يتجاهل.
كان ردي لها بمثابة كرة ثلج سقطت على جمرة، معظم الرجال السودانيين صنعوا من ثلج، تنشئة أمهاتهم وآبائهم، البيوت السودانية باردة وجافة تفتقر للدفء والحب والرومانسية، لذلك نحن مضطربون، كثيرو الضيق والضجر، بعيدون عن الإبداع بعض الشيء، ولكن يجب ألا نستسلم ونبحث عن رجال يعم الدفء قلوبهم، ويطلقونه علينا.