تقارير

استقالة "كمال الجزولي" والهروب من السفينة الغارقة

“السنوسي” للبرلمان والدفاع والداخلية والأمن خارج المحاصصات الحزبية
هل تكتب المسيرة المليونية شهادة براءة لـ”محمد حاتم سليمان”
حديث (السبت)
يوسف عبد المنان
الآن بدأت الخطوات العملية للتغيير المرتقب على صعيد هياكل الحكم في البلاد لفترة انتقالية مدتها أربع سنوات تبدأ من الأول من يناير 2017م، وتنتهي في أبريل 2021م، إذا حددت الفترة الانتقالية فعلياً بأربع سنوات تنتهي بإجراء الانتخابات العامة لانتخابات الجمعية التأسيسية الوطنية التي من مهامها إجازة دستور لبلاد ظلت حقل تجارب لدساتير تكتب ولا تعمر إلا بضع سنوات. وإذا كانت بلادنا قد نالت استقلالها في عام 1956م، فإن نصف قرن وعشرة أعوام هي عمر الفشل الذي ظل ملازماً لتجربتنا.. ودستور البلاد القادم لن يكتب له الديمومة والاستمرار إذا ظللنا في حالنا الراهن انقسام وتشظٍ.. وحروب وصراعات وانقلابات وثورات..  والخطوة الأولى المنتظر الإقبال عليها هي التعديلات الدستورية التي يفترض أن يقترحها مولانا “علي خضر” المستشار القانوني لرئيس الجمهورية، ومن ثم تمر عبر مجلس الوزراء.. والبرلمان، وذلك لتوسعة مقاعد البرلمان بإضافة (90) مقعداً إضافياً يتم تسكين ممثلي القوى التي شاركت في الحوار الوطني بتلك المقاعد المخصصة حصرياً لمن لا تمثيل له في البرلمان الحالي الذي يضم إلى جانب المؤتمر الوطني حزب الأغلبية، كل الأحزاب التي تنازل لها عن دوائر في الانتخابات الماضية حتى يكون لها نصيب في المقاعد القادمة من حوار قاعة الصداقة، كما تقول بعض أدبيات المعارضين.. وتشمل التعديلات الدستورية ضمن سلطات الرئيس تعيين رئيس لمجلس الوزراء وتحدد مهامه واختصاصاته وقد اتفق على أن يعين الرئيس رئيس مجلس الوزراء ويحاسبه ويعفيه، وليس من سلطات أو صلاحيات رئيس الوزراء تشكيل الحكومة التي يتولى الرئيس أمر تشكيلها بنسبة تقل عن (50%) من الحقائب للمؤتمر الوطني. ولن تخضع وزارات الدفاع والداخلية ومدير جهاز الأمن الوطني للمحاصصات الحزبية والتوازنات، لأنها أجهزة ذات طبيعة قومية تخصصية. ويقع على عاتق الرئيس اختيار وزراء الدفاع والداخلية ومدير جهاز الأمن من أهل الخبرة والتخصص.. وفي الحكومة الأخيرة اختار الرئيس وزير الدفاع الحالي الفريق أول “عوض بن عوف” من صلب المؤسسة العسكرية وهو شخصية عسكرية عرفت باستقامة السلوك والمهنية.. وكذلك وزير الداخلية الفريق “عصمت عبد الرحمن زين العابدين” ضابط محترف يتصف بالذكاء الحاد، ويجيد اللغة الإنجليزية والفرنسية، والرئيس يعرف جيداً قدرات ضباط القوات المسلحة.. وحينما تم إعفاء الفريق “صلاح قوش” جئ بالفريق “محمد عطا المولى عباس” وهو شخصية أقرب للتكنوقراط العسكريين.. يتصف بالانضباط والمهنية والصرامة والأفق السياسي الذي يتطلبه منصب مدير جهاز الأمن.. ولكن كل الوزارات دون الدفاع والداخلية خاضعة للمساومات بين القوى السياسية بما في ذلك المالية التي ربما ذهبت إلى التكنوقراط بترفيع الوكيل الأول “حولي” أو الدكتور “عبد الله إبراهيم” وكيل التخطيط الحالي.. وكلاهما كفاءات جاءت من الخدمة المدنية ولم ترتقِ لمواقعها الحالية برافعات حزبية.. والسؤال يطرح نفسه، هل يتنازل حلفاء المؤتمر الوطني الذين أغدق عليهم الوزارات والمواقع خلال الفترة الماضية، أم مطلوب من الوطني أن يقدم التنازلات وحده؟؟ وهناك أحزاب صغيرة جداً منحت مواقع عديدة في المركز والولايات.
وإذا كان البرلمان الحالي قد أصبح فيه الحزب الاتحادي الديمقراطي يتولى منصب نائب رئيس البرلمان، فإن مقعد رئيس البرلمان بروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” نفسه أخذ يبتعد عنه ويقترب من الشيخ “إبراهيم السنوسي” زعيم حزب المؤتمر الشعبي. و”السنوسي” إضافة إلى شخصيته السياسية الطاغية فهو قانوني ومعلم سابق ورياضي تولى منصب سكرتير نادي المريخ حينما كان المريخ تقوده العقول قبل أن يأتي زمان يصبح فيه النادي حكراً لأصحاب الجيوب المنتفخة والعقول الخاوية.. وتعيين “السنوسي” في منصب رئيس البرلمان يمثل إضافة كبيرة جداً لما عرف عنه من نزاهة واستقامة، وقد يفتح التعيين أبواب وحدة الإسلاميين.. وكل المؤشرات والأقوال والأفعال تعزز فرص جمع صفهم ووحدة كلمتهم.. وهي وحدة قد تبعد عنهم بعض التيارات العلمانية والقوى التي كانت تخدع نفسها بأنها هي البديل للإسلاميين، والإمام “الصادق المهدي الذي أهدر فرصة التحالف مع المؤتمر الوطني بعد اتفاقية جيبوتي أهدر اليوم فرصة قيادة البرلمان، إن هو عاد وأصبح جزءاً من حل مشكلة البلاد بدلاً من موقفه الرمادي الحالي ما بين المشاركة والممانعة. وبعد التعديلات الدستورية القادمة في الحكومة الاتحادية تشهد ساحة الحكم الولائي تغييرات أيضاً بتوسعة المجالس التشريعية وتعديل في مواقع الوزراء والمعتمدين، ولن يتنازل المؤتمر الوطني عن مناصب ولاة للشركاء حتى لو كانوا شركاء أقرب إليه من حبل الوريد، مثل الحزب الاتحادي الديمقراطي، ولكن هناك فرصة لاختيار ولاة من حزب المؤتمر الشعبي خاصة إذا مضت خطوات التقارب والوحدة إلى الأمام.. لكن المجالس التشريعية سوف تحشد في أحشائها كل قوى الحوار الوطني.
السؤال الذي يطرح نفسه؟؟ هل بعد إجازة الوثيقة الوطنية قد انسدت دروب المشاركة للرافضين، وهل إعلان الرئيس بأن لا حوار بعد اليوم، يعني تعليق المفاوضات مع المتمردين من حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان والحركة الشعبية قطاع الشمال؟؟ هناك اختلاف وفرق مقدار ومنهج ومفهوم بين الحوار وبين التفاوض.. الحوار بين القوى السياسية قد انتهى، ولكن التفاوض مع حاملي السلاح سوف يستمر في الفترة القادمة مع كل القوى التي تحمل السلاح، استناداً إلى التزامات الحكومة مع القوى الإقليمية والدولية. ولكن التفاوض سيشمل فقط إجراءات وقف إطلاق النار والترتيبات الانتقالية المفضية لتوقيع حاملي السلاح على الوثيقة الوطنية.. ولكن في ذات الوقت لا يمثل التوقيع على مخرجات الحوار الوطني (شرط وجوب) لممارسة النشاط السياسي في البلاد. وتستطيع القوى الرافضة والممانعة أن تنال من ثمرات الحوار ما يحقق لها أهدافها بخوض الانتخابات القادمة، بعد أن تؤسس الفترة الانتقالية لقاعدة متينة للممارسات السياسية في البلاد.
{ ما وراء استقالة  “كمال الجزولي”
ليس مفاجئاً أن يتقدم الأستاذ “كمال الجزولي” باستقالته من اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي السوداني في ظل واقع الحزب الراهن.. وتمزقه وغياب الرؤيا.. ونضوب الفكرة.. وسيطرة الراديكاليين الكلاسيكيين على مفاصل حزب كان في السابق أكبر حزب شيوعي في أفريقيا، ولكنه تعرض لمحنة انقلاب مايو حينما حمله “جعفر نميري” على أكتافه لعامين وحينما شعر بانحراف النظام عن مسار ودروب الحزب انقلب عليه وكلفه انقلاب عام 1971م، فقدان عظم ولحم الحزب، ثم دخل في عراك طويل انتهى بسقوط مايو.. ولكن مع سقوطها غربت شمس الشيوعية في العالم حتى سقط تمثال “لينين”.. وفي السنوات الماضية وقع كل من “محمد إبراهيم نقد” و”عز الدين علي عامر” و”التجاني الطيب” والشاعر “محجوب شريف” على دفتر الرحيل المبكر، وشهدت أجهزة الحزب التنظيمية اضطرابات جاءت بموظف تنظيمي “الخطيب” لمنصب سكرتير عام الحزب الشيوعي الذي فقد المثقفين والمستنيرين من أمثال “الحاج وراق”.. وقبله “الخاتم عدلان” وصعد لقيادته التنظيميون والكوادر السرية غير المعروفة جماهيرياً، وغاب الحزب عن الساحات والمنابر وأخذ حزب المؤتمر السوداني يقطف ثمرات أزمات الشيوعي وحالة حزب البعث، فأصبح المؤتمر السوداني هو (الوريث) والملاذ الذي يأوي إليه الشيوعيون واليساريون. في هذا المناخ الكئيب يتم فصل د.”الشفيع خضر” الذي كان يفكر سراً وجهراً في تغيير منهج الحزب الشيوعي وهو يقرأ الواقع جيداً.. ولم تطق القيادة (الراديكالية) للحزب رؤى وأفكار “الشفيع خضر” فأبعدته من الحزب ولم يبقَ من القيادات المستنيرة إلا الشاعر والأديب “كمال الجزولي” والذي أخذ يضيق كمثقف ومفكر.. وقارئ مستنير بما يحدث من ضيق في أوعية وشرايين الحزب.. وإذا تحدث زجروه من غير أدب.. وإذا صمت رأى ما لا يسر عينه ولا يطيقه قلبه وعقله.. وأخيراً اختار “كمال الجزولي” الهروب من السفينة الغارقة وتقديم استقالة تم تسريب مضمونها لوسائل الإعلام (الأربعاء) الماضي ليصيب الحزب الشيوعي في كبده.. بعد أن تداول الشيوعيون نبأ عزم القيادة اتخاذ قرارات بحق “كمال الجزولي” فلم يترك لها (فضيلة) الفعل فاختار بنفسه أن يبتعد شأنه مثل عشرات المثقفين الذين تضيق بهم أوعية الأحزاب العقائدية وحتى الأحزاب الطائفية.. والحزب الشيوعي الذي ضاق صدره بـ”عبد الباسط سبدرات” ولم يتحمل رؤى وأفكار “الخاتم عدلان” ولا صوفية “عبد الله علي إبراهيم” وانفتاح “فاطمة أحمد إبراهيم”.. ليس غريباً أن يبعد أمثال “كمال الجزولي” الذي ظل منذ فترة ليست بالقصيرة قريباً من الحركة الشعبية وبعيداً عن انكفاء الحزب الشيوعي.. ورجل مثقف وأديب ومفكر لا تطيقه هياكل الأحزاب التي طردت “غازي صلاح الدين” و”التجاني عبد القادر” من الإسلاميين.. وجمدت نشاط “عبد الرسول النور” في حزب الأمة.. ويظل دوماً المثقف مصدر قلق للأحزاب.. بينما التنظيميون من أهل الولاء الأقرب لمزاج القيادة.. ولكن خروج “كمال الجزولي” بمثابة خروج الروح من جسد الحزب الشيوعي وبداية النهاية لتنظيم بدأت عليه علامات الشيخوخة والزهايمر السياسي.
{ مليونية “الخرطوم” رسالة في البريد
إذا كان الفريق “عبد الرحيم محمد حسين” قد عين في منصب والي الخرطوم كمفاجأة كبيرة في التغيير الأخير، وبعد أن كان منصب الوالي بالخرطوم تتهافت عليه القيادات وتمد أعناقا ورؤوسا كبيرة لتنال الموقع الأكثر تميزاً في الدولة بعد رئاسة الجمهورية.. وقد تعرض د.”عبد الرحمن الخضر” لحرب غير أخلاقية من الأقربين قبل الأبعدين.. ورغم الانجازات التي حققها.. إلا أن التربص به قد دفعه الى  خارج منظومة الحاكمين.. لكن الرئيس لمعرفته الدقيقة بالتيارات المتصارعة والأسماء المتنافسة اختار أقرب الناس إليه وأكثرهم ثقة فيه الفريق “عبد الرحيم محمد حسين” الذي خرج لأول مرة من عباءة الجيش وردهات القصر لفضاء الجهاز التنفيذي. قد ظل الفريق “عبد الرحيم” لمدة ربع قرن يتقلب في المناصب ما بين رئاسة الجمهورية ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع، وتوقع الكثيرون فشل الجنرال المتواضع على الصعيد الشخصي البسيط جداً في تعامله مع الناس، ولكنه في ذات الوقت صارم.. خاصة في المال العام.. اختار الجنرال “عبد الرحيم” أو اختير له مساعداً لشؤون الحزب “محمد حاتم سليمان” الذي يعتبر من شباب المؤتمر الوطني الناشطين وسط الإعلام والمجاهدين.. ويمازج بين الملفات الأمنية والسياسية والإعلامية.. ووجد “عبد الرحيم” ومساعده “محمد حاتم سليمان” حزب المؤتمر الوطني بالخرطوم (ميتاً) هياكل بلا روح.. ومكاتب جميلة دون نشاط.. وعربات تملأ ساحات الدار الواقعة – في الصحافة وجماهير انفضت من حول الحزب حتى كانت نتيجة التصويت الأخير لرئيس الجمهورية بولاية الخرطوم، شهادة لغير صالح تجارب الذين جاءوا من قبل “محمد حاتم سليمان” في المنصب.. وتوقع المراقبون أن يشهد حزب المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم انحداراً إلى أسفل في مقبل الأيام خاصة ورئيس الحزب الفريق “عبد الرحيم محمد حسين” لا تسعفه تجربة في العمل السياسي المفتوح.. ولم يسبق له الخوض في وحل السياسة بعيداً عن التنظيم العسكري الذي تختلف تقاليده وطرائق عمله عن القطاع المدني.. ومن ثم جاءت قضية “محمد حاتم سليمان” ومثوله أمام القضاء في تهمة تبديد مال تلفزيون السودان، وهي قضية في ظاهرها قانونية، ولكن باطنها صراع وتكالب على المواقع والنفوذ بين “محمد حاتم سليمان” ورفقاء دربه من حزبه والحركة الإسلامية التي تجمعه بفرقاء اليوم أصدقاء الأمس، وقد توقعنا تأثير تلك القضية على حزب المؤتمر الوطني لولاية الخرطوم.. إلا أن كل تلك التوقعات والتحليلات كذبها واقع المشهد السياسي للمسيرة المليونية التي خرجت يوم (الثلاثاء) الماضي.. وهي مسيرة أكبر من مليونية “جون قرنق” يوم عودته بعد (21) عاماً من الصراع مع الشمال.. وهي المسيرة التي فاقت مسيرة استقبال الرئيس الإيراني “هاشمي رفسنجاني” من الخرطوم حتى مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة.. وتعود أسباب نجاح حشد (الثلاثاء) الماضي لعدة عوامل أولها أن هناك تأييداً حقيقياً وسط قواعد المؤتمر الوطني لمخرجات الحوار الوطني، ورغبة في إصلاح الواقع الشاخص في أعين الجماهير، ثانياً التحدي الشخصي لنائب رئيس الحزب “محمد حاتم سليمان” لإثبات جدارته بالمنصب وبعث رسالة داخلية وأخرى خارجية، الداخلية للقيادات التي حاولت اغتياله بتحريك الملف القضائي وخارجية للأحزاب المعارضة التي نهشت في عظمه وهو حي بأن الجماهير لن تلتف حول قيادة فاسدة.
والعامل الثالث في نجاح المسيرة المليونية إصرار الوالي “عبد الرحيم محمد حسين” على إثبات خروج حزب المؤتمر الوطني من غرفة العلاج إلى ساحة النزال، وساهم إضراب الأطباء الذي تولى أمره الحزب الشيوعي وحزب المؤتمر السوداني ومحاولات تحريض المعلمين من خلال (لجنة المعلمين) وهي في حقيقتها هي (أمانة المعلمين) في الحزب الشيوعي.. وقد استشعرت قواعد حزب المؤتمر الوطني خطورة ما يجري من حولها.. ووضع الحبل على عنق السلطة لخنقها في رابعة النهار الأغر.. ولذلك حينما يستشعر الإسلاميون الخطر تتوحد الصفوف وتلتئم الجروح. وخطبة الشيخ “إبراهيم السنوسي” في الساحة الخضراء (الثلاثاء) الماضي وحديثه عن الإضراب ما هو إلا إحساس وشعور بخطورة ما أقدمت عليه المعارضة، من دخول في إضرابات عامة لشل حركة الدولة، ومن ثم الإجهاز عليها.. ظناً منها أن الإنقاذ قد وهنت وضعفت وتساقطت أسنان الأسد واشتعل رأس النظام شيباً.. لذلك خرجت قواعد المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وشركاؤها في السلطة في حشد مشهود أعاد للمؤتمر الوطني والإنقاذ بريقها القديم.. وقد استيأس المتربصون بها من الوصول لأهدافهم في إسقاط نظام يقف على أرضية صلبة.. وفي ذات الوقت فإن نجاح “محمد حاتم سليمان” يمثل براءة سياسية لصالحه وتبقى القضية الجنائية بتعقيداتها وسلحفائيتها إجراءات التقاضي شأناً آخر.. ولكن ما حققه في حشد الأسبوع الماضي يؤكد أنه من خيارات الرئيس التي أمامه للولايات في المرحلة القادمة خاصة وهناك ولاة فقدوا صلاحيتهم في ولاياتهم، وبات بقاؤهم يشكل عبئاً على الحزب والدولة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية