بعد.. ومسافة
تشريعي الخرطوم.. جلسة طارئة..!
مصطفى أبو العزائم
نسجل في أدبياتنا الشعبية أن (يوم الخميس قِصيِّر)، ذلك عندما كان يوم (الجمعة) وحده هو العطلة الأسبوعية، فما بالك إن أصبح يوم (السبت) نفسه امتداداً لعطلة (الجمعة)، وهذا يعني بالضرورة أن يوم (الخميس) أصبح أشد قصراً عن ذي قبل، وأصبح شكل اليوم – الخميس – معروفاً واضح الملامح منذ بداياته، تكتظ الشوارع بالناس والمركبات، وتتعجل حركة السير والمرور وتكثر حالات الاستئذان في المكاتب والمرافق والمؤسسات والوزارات الحكومية، وربما تحدث حالات (زوغان) واضحة يصعب ضبطها، وتحاول اللجان المكلفة بالدراسات أو إعداد التقارير أو النظر في بعض القضايا، تحاول أن تجتمع في هذا اليوم حتى ترفع ما لديها للجهات الأعلى بداية الأسبوع الجديد.
يوم (الخميس) الماضي، كان واحداً من تلك الأيام التي ينتهي عندها الأسبوع فتزدحم بالتكلفات مثلما تزدحم بالمطالبات مثلما تزدحم بحركة الناس والمركبات مثلما تزدحم بالمناسبات الخاصة والعامة، وقد بدأت يومي مبكراً باجتماع هو الأول للجنة الإعلام والفعاليات المجتمعية لتنفيذ مبادرة تشجير العاصمة القومية، المكونة بقرار من الأمير “أحمد سعد عمر”، وزير مجلس الوزراء، ورئيس لجنة المناشط السياسية للجنة العليا لاحتفالات البلاد بأعياد الاستقلال المجيد، موعد الاجتماع كان في التاسعة صباحاً وقد تأجل قليلاً بسبب الانقطاع المفاجئ للإمداد الكهربائي صباح ذلك اليوم، وما كان لي أن أتغيب مع وجود رئيس اللجنة الدكتور “عبد الجليل النذير الكاروري” خارج البلاد، بحسبان أنني رئيس مناوب إلى جانب الدكتور “إبراهيم دقش”، وقد اعتذرت عن برامج عديدة بسبب ذلك الاجتماع وأوشكت أن اعتذر عن المشاركة في الجلسة الطارئة لمجلس تشريعي الخرطوم التي دعاني لحضورها ألباشمهندس “صديق الشيخ” رئيس المجلس التشريعي، ونقل إليّ دعوته تلك زميلنا الإعلامي الكبير الأستاذ “عابد سيد أحمد”، وحمدت الله أنني لم أعتذر عن المشاركة وإلا كان قد فاتني الكثير، فالجلسة هي أول جلسة طارئة لتشريعي الخرطوم، والموضوع هو تبادل الآراء وإصدار بيان حول مخرجات الحوار الوطني، والمشاركون هم كل المكونات السياسية الممثلة في المجلس التشريعي، إضافة لتمثيل رفيع لحكومة الولاية تمثل في الأستاذ “محمد يوسف الدقير” ممثلاً للوالي وممثلاً للحزب الاتحادي الديمقراطي، مع مشاركة كل المعتمدين بالولاية وممثلي التنظيمات والفئات، وهو ما أكسب تلك الجلسة أكثر من بعد.
وصلت إلى المجلس التشريعي (البرلمان سابقاً)، بعد بداية الجلسة بقليل، وشهدتُ دفْعَاً قوياً من النواب بمختلف مشاربهم السياسية ومعتقداتهم الفكرية وأرضيتهم الثقافية التي انطلقوا منها، وجدتُ دفاعاً قوياً ومساندة أكثر قوة لنتائج ومخرجات الحوار الوطني، وكان مدهشاً أن يخاطب الجلسة أحد أبطال انتفاضة رجب أبريل، البروفيسور “حسين سليمان أبو صالح” الذي يرأس لجان الحوار المجتمعي، مثلما كان مدهشاً وملفتاً مشاركة السيد اللواء الركن “عبد الرحمن الصادق المهدي”، مساعد رئيس الجمهورية وقد تعالت هتافات ممثلي أحزاب الأمة وممثلي كيانات الأنصار في المجلس عالية ( الله أكبر ولله الحمد)، ولم يفصلوا بين “ود المهدي الإمام” وبين “المهدي مساعد الرئيس”.
مخاطبة السيد “فضل السيد شعيب” والأستاذ “حامد ممتاز” كان لها أثرها مثلما كان هناك أثر كبير لتكريم الباشمهندس “عمر البكري أبو حراز”، وفي ذلك تكريم لكل الذين واصلوا الليل بالنهار حتى يصل القطار إلى محطة الوفاق بعد صعوبات كثيرة اعترضت طريقه.
الخرطوم بادرت بالمسيرة الشعبية المناصرة للحوار الوطني في اليوم التالي للمؤتمر الختامي، فكانت سبّاقة لأنها تمثل كل السودان بأطيافه السياسية وأطرافه الجهوية، وبادر مجلسها التشريعي بإصداره لبيان حول مخرجات الحوار الوطني وهذه خطوة ستسير على هديها بقية المجالس التشريعية وليت المجلس الوطني منح أعضاءه عطلة قصيرة بحيث يذهب كل نائب إلى دائرته شارحاً ومبشراً بهذه المخرجات.