إلغاء حدٍ من الحدود لصالح من؟
بالله عليكم هل رأيتم تراجعاً مخيفاً يخل بالقيم ويحرك ثوابت العقيدة مثل ذلك التراجع الذي تم بـ(إلغاء) حدٍ من حدود الله، هو الرجم بحق الزاني المحصن، واستبداله بالإعدام والذي تضمنته تعديلات القوانين الأخيرة التي أودعها السيد وزير العدل إلى منضدة مجلس الوزراء الموقر قبل أيام؟
والله إنه لأمر مخجل أن يحدث ذلك التراجع بعد ثبات على تطبيق شرع الله منذ سبتمبر 1983، عام إراقة الخمور في الأنهار، وإغلاق بيوت الدعارة ورمي مفاتيح أبوابها في غيابة جب النسيان.
ما الذي يريده الغرب منا أكثر من ذلك؟ ونقرن السؤال السابق باللاحق يقول: ما الذي يقدمه الغرب لنا بعد ذلك؟.. لقد ظلت بلادنا هدفاً لكل من أستل سيفه ووجه مدفعه نحو تطبيق الشريعة الإسلامية، لذلك حورب السودان، ولذلك استهدفت قياداته ومن أجل ذلك ظللنا نواجه العقوبات الظالمة والقاسية، وصبر المواطن المسكين رغم الضيق والمعاناة، لأنه يعرف نتيجة التخلي عن شرع الله، ويعرف معنى مطالبات مجلس حقوق الإنسان للسودان بأن يقوم بإجراء إصلاحات قانونية، تمكنه من الوفاء بالالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، والإصلاحات التي يطالب بها مجلس حقوق الإنسان يصفق لها البعض بحسبانه أنها الخير وبحسبان أنها حماية لحقوق الإنسان، وصيانة الحريات الشخصية وحرية التعبير ومكافحة الفساد، وكل تلك الواجهات الجميلة البراقة التي تحمل السم في الدسـم، ولا تهدف إلا إلى تعطيل الحدود، والعودة إلى القوانين الوضعية.
يدخلون علينا الآن بضرورة مكافحة الفساد ومحاربة الاتجار بالبشر وتنقيح القوانين الجنائية وقانون الصحافة والمطبوعات وقانون الأمن الوطني، فيصفق الذين لا يرون إلا نصف المشهد من معارضي النظام الذين يتهمونه بالتسلط والإقصاء ومصادرة الحريات، لذلك نجدهم لا يأبهون كثيراً للتعديلات في القانون الجنائي والتي تعني إلغاء الحدود الشرعية، والتي يعتبرها الغرب ودعاة (التحرر) مدخلاً يعزز جهود مكافحة الإفلات من العقاب – حماية الفساد والمفسدين – مع منع التدخل غير القانوني في أنشطة منظمات المجتمع المدني، ولا نعرف سبباً واحداً يجبر مخلوقاً على وجه الأرض لمخالفة أمر الله.
سبق أن كتبنا عن هذا الأمر من قبل، وذكرنا أن حد الزنا (الرجم) لم يطبق تاريخياً إلا مرتين أو ثلاث منذ عهد دولة المدنية الأولى، وليس امتناعاً للتطبيق ولكن لصعوبة الإثبات الشرعي، وهو أمر يتطلب شهادة أربعة شهود رجال يرون الفرج في الفرج.. وهذا مستحيل.. لذلك حتى ما تم تطبيقه من قبل جاء على سبيل الإقرار والاعتراف بالجرم، وذكرنا أن النكوص يسقط الحد استناداً على الهدي النبوي الكريم بأن ندرأ الحدود بالشبهات.. لذلك نعجب من الإصرار على التعديل والخضوع لضغوط الغرب والعمل بالقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي سيجعل الأحكام واحدة في كل الجرائم.. لا حول ولا قوة إلا بالله.
لم نعجب من الحملة الضارية التي انتظمت كل مساجد يوم (الجمعة) وهاجم فيها الخطباء والأئمة – إلا قلة قليلة – هاجموا فيها تعديل عقوبة الزاني من الرجم إلى الإعدام شنقاً.. ولم نعجب لما قاله به الشيخ الجليل الدكتور “عبد الحي يوسف” أن مجمع الفقه الإسلامي بريء من إجازة تعديل عقوبة الزاني.. لتجئ بعد ذلك كلمة الشيخ الدكتور “عصام أحمد البشير” في خطبة (الجمعة) بمسجد النور والتي قال فيها: إن مجمع الفقه الإسلامي سيصدر مذكرة بشأن تلك التعديلات مع تبيين الحكم الشرعي حولها، مؤكداً على أن حد الزاني المحصن ثابت في السنة القولية والفعلية وإجماع الأمة، وأنه من الأحكام القطعية المستقرة في الفقه الإسلامي.
الفرصة الآن أمام البرلمان والنواب المحترمين لإسقاط هذه التعديلات إن كانوا حقيقة نواباً للشعب السوداني المسلم الذي لا يريد لراية (لا إله إلا الله محمداً رسول الله) أن تنتكس.