رأي

بعد.. ومسافة

حرب الفراولة..!
مصطفى أبو العزائم
 
مصر تواجه حرباً اقتصادية مثلما يواجه السودان حرباً اقتصادية بالغة السوء، استخدم فيها الغرب أقذر أنواع الأسلحة، وهي الحصار الاقتصادي من أجل التجويع.
الولايات المتحدة الأمريكية ثم روسيا وعدد من الدول العربية تعلن عن مقاطعتها للفواكه والخضروات المصرية، وبدأت حملة تشكيك حول كل المنتجات الزراعية المصرية تأثر بها البعيد والقريب، والصديق والشقيق، وكنا من بين الذين تأثروا بتلك الحملة القومية التي تجعل من الاستمرار في استيراد الفاكهة والخضر المصرية جريمة في حق الشعوب إن صدقت تلك الاتهامات بالتلوث، والمسؤولية تقتضي صدور قرارات بوقف الاستيراد مؤقتاً، مع منح فرصة للمعامل المختصة لإجراء المزيد من الفحوصات على المنتجات الزراعية المصرية للتأكد من خلوها من الأمراض التي يمكن أن تنقل للإنسان أو الحيوان عن طريق تناول تلك المنتجات.
نتمنى أن تكون نتائج الفحوصات المعملية لصالح تلك المنتجات، وأن تبرئها من كل تهمة لحقت بها   وشانت سمعتها، وشككت في صلاحيتها وصحتها وخلوها من المرض، وما قامت به جهات الاختصاص في بلادنا كان متوقعاً، وليس فيه ما يشين، كما أنه خالٍ من الغرض السياسي، فالأمر يتعلق بصحة المواطن، وقد سبقنا إلى ذلك من الأشقاء المملكة العربية السعودية وقطر، لكن المدهش في القرار السوداني أنه صدر بإيقاف استيراد الفاكهة والخضر المصرية، ولم يرد فيه كلمة (مؤقتاً) أو (إلى حين إجراء الاختبارات المعملية للتأكد من صلاحية تلك المنتجات).
خطورة القرار – الصائب – أن مجموعات  إسفيرية استغلت تماماً لتتحول حرب الفواكه والفراولة إلى حرب بين الشعبين الشقيقين، حرب إسفيرية تستخدم فيها عبارات الاستخفاف والتعالي والسباب وكل ما يمكن أن يستخدم من كلمات بذيئة مع أفظع الألفاظ دون اعتبار لما يجمع بين بلدينا، رغم أن مصر سبق لها أن اتخذت عدة قرارات مماثلة بمنع استيراد اللحوم السودانية عقب انتشار شائعة الحمى الفحمية التي ضربت جزءًا من قطيعنا القومي، وسبق لها أو أوقفت استيراد أكثر من عشرة آلاف جمل، ومنعت دخولها إلى مصر حتى بعد وصولها إلى أسواق (دراو) بعد اتهام تلك الجمال بأنها حاملة لمرض خطير، ولكن بعد الكشف المعملي والفحص الدقيق ثبت أنه لا صحة لكل ما راج من شائعات وأخبار كاذبة هدفت إلى إشعال حرب اللحوم وقتاً بين بلدينا، ولم تأخذ القضية أكثر من حجمها الطبيعي، ولم تنح أي نحو سياسي، ولم يتدخل الإعلام بشقيه الصالح والفاسد في الأمر.. وهذا هو الطبيعي في مثل هذه الحالات.. ولكن.
نعم.. تدخل لكن هنا لنتساءل عن التضخيم الذي صاحب قرار الخرطوم.. بإيقاف استيراد الخضر والفواكه والمنتجات الزراعية من مصر، ونتساءل عن الحرب الإسفيرية الناشبة بين بعض شباب البلدين، فالأسافير والتي لا تشبه ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين شعبي وادي النيل.
نعم.. هناك من له مصلحة أكبر في أن تسوء العلاقات بين السودان ومصر، وهناك من يعمل على أن تسود الروح العدائية بين مواطني البلدين، ونحن على مشارف عهد جديد في العلاقة المشتركة بين شعبي وادي النيل، هو عهد التواصل المباشر عبر المنافذ البرية الثلاثة والتي يتم افتتاح أحدثها خلال أيام قليلة على يدي الرئيسين المشير “عمر حسن أحمد البشير” والمشير “عبد الفتاح السيسي” هذا غير التواصل القديم القائم أصلاً عن طريق الجو أو البر، ثم النهر عن طريق مينائي حلفا وأسوان.
نقول للذين يريدونها حرباً إسفيرية وسوءًا في العلاقات بين الشعبين، نقول لهم بالصوت العالي اتقوا الله.. وليتهم يسمعون.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية