مقاتلو الجبهة الثورية.. ما بين القتل والتشرد ونزع السلاح
إذا أوفت جوبا بوعدها وطردتهم
تقرير- عماد الحلاوي
مصير مجهول ينتظر المئات من مقاتلي الجبهة الثورية في دولة جنوب السودان حال طردهم من هناك.. فأين ينتهي المصير بهؤلاء؟
سؤال طرحته (المجهر) على المختصين العسكريين والأمنيين فخرجت بإفادات قيمة ومختلفة تقرأ المستقبل بزاوية مختلفة في التقرير أدناه..
{ النشأة والتكوين
تحالف الجبهة الثورية أعلن تكوينه رسمياً في 13 فبراير2011م بجنوب السودان، بهدف إسقاط نظام الحكم في الخرطوم عن طريق القوة العسكرية والثورة المسلحة، ويتكون من تحالف حركات دارفور المسلحة (حركتي تحرير السودان عبد الواحد، ومناوي، وحركة العدل والمساواة) والحركة الشعبية- قطاع الشمال، التي تقود تمرداً في المنطقتين “ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق”، وضم مؤخراً عدداً من ممثلي الأحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني.
ووقع على ميثاق الجبهة عن الحركة الشعبية لتحرير قطاع الشمال- “ياسر عرمان”، وعن حركة العدل والمساواة الدكتور”أحمد تقد لسان”، وعن حركة “عبد الواحد نور” “أبو القاسم إمام”، وعن حركة “مني أركو مناوي” دكتور “الريح محمود”.
واختير “مالك عقار” رئيساً للمجلس القيادي للجبهة الثورية، يعاونه أربعة نواب هم: (عبد الواحد محمد نور، مني أركوي مناوي، جبريل إبراهيم والفريق عبد العزيز حلو).
وصوبت (7) أهداف لتعمل على تحقيقها متمثلة في: إسقاط نظام المؤتمر الوطني وتغيير نظام الحكم في السودان، توحيد وتقوية جهود القوى السياسية السودانية وقوى المجتمع المدني والأهلي وقطاعات المرأة والشباب والطلاب والمهنيين والعمال، تأسيس دولة تُحترم فيها حقوق الإنسان كما حددتها المواثيق الوطنية والإقليمية والدولية، قيام نظام حكم لا مركزي فيدرالي تتنزل فيه السلطات والموارد لمستويات الحكم المختلفة، تشكيل حكومة وحدة وطنية بفترة انتقالية تضطلع بمهام حفظ الأمن والنظام لكل الشعب السوداني ووضع دستور انتقالي للدولة، إعادة هيكلة وبناء أجهزة الدولة المتمثلة في الخدمة المدنية والقوات النظامية والجهاز القضائي وغيرها من المؤسسات والأجهزة، إقامة علاقات خارجية متوازنة تقوم على مبدأ إقرار الأمن والسلم الإقليمي والدولي وحسن الجوار والتعايش السلمي والاحترام المتبادل للمصالح المشتركة بين الشعوب والدول والتسليم الفوري لمرتكبي جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم ضد الإنسانية لمحكمة الجنايات الدولية.
وحددت ستاً من الوسائل لتحقيق أهدافها وتغيير النظام، منها: العمل السياسي الجماهيري، الحل السلمي الشامل الذي يفضي إلى تغيير النظام، التضامن الإقليمي والدولي والعمل الدبلوماسي، الكفاح المسلح وأية وسيلة أخرى يقرها مجلس الجبهة الثورية.
وفي 8 أكتوبر 2014، تبنت الجبهة الثورية تكوين تحالف إستراتيجي عريض يضمها مع تحالف قوى الإجماع الوطني والقوى الأخرى لإسقاط النظام ومنع إجراء الانتخابات، وأكدت أن مؤتمرها الأخير في برلين تبنى توحيد المعارضة وعدم خلق مراكز جديدة لها.
وفي 20 أكتوبر2015م، دبّ الخلاف حول من يجلس على كُرسي الرّئاسة بالجبهة الثّورية خلفاً للفريق “مالك عقار” رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال، ومُدد عام آخر لـ”عقار” إلى حين تعديل اللائحة وإيجاد الحل للأطراف المتصارعة والمستعجلة.
وعند نشوب الخلاف الأخير في دولة جنوب السودان بين “سلفا كير” و”مشار” وقفت الجبهة الثورية إلى جانب “سلفا كير”.
وأشار الخبير الأمني “الأمين الحسن” إلى وجود الجبهة الثورية بجوبا ووقوفها إلى جانب القوات الحكومية هناك، وأوضح أن حكومة الجنوب تمسك العصا من وسطها لجهة أنها ورغم توقيعها على العديد من الاتفاقات مع الحكومة السودانية وآخرها تلك التي قضت بضرورة طرد هذه القوات من أراضيها لضمان إنفاذ الاتفاقات التي وقعت بينهما وجاء وقتها تأكيد الجنوب بأنه فعلاً نفذ ما تم الاتفاق عليه لكن هذه التأكيدات الصادرة اليوم تؤيد أن جوبا كانت تماطل السودان في إنفاذ الاتفاقيات الأمنية بينهما.
ويضيف “الحسن” إن وجود هذه المليشيات هناك ساعد في إطالة عمر الصراعات مما كان لها الأثر في جعل طرف الحكومة الجنوبية متماسكاً طوال فترة تلك الحروب بينها والمعارضة الجنوبية، ويؤكد أنه إذا لم تتم معالجة وضعية هذه القوات فإن المنطقة كلها ستعاني من ويلات عدم الاستقرار، وأنه لا الجنوب ولا السودان سيبقيان على وضعية مريحة لاستدامة وشائج علاقات الجوار بينهما بعيداً عن أثر ذلك الوجود على الأوضاع الداخلية لحكومة جوبا.
{ تطور جديد
في 22 أغسطس من هذا العام كشف النائب الأول لرئيس جمهورية جنوب السودان “تعبان دينق” عن اتفاق مع رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” على طرد الحركات المسلحة المعارضة للخرطوم وجوبا، وقال في تصريحات صحفية إنه تسلّم ملف العلاقات بين السودان وجنوب السودان.
وعدّ “تعبان” الحركة الشعبية شمال السودان، وحركات دارفور سبباً للأزمة بين السودان وجنوب السودان، وأعلن عقب لقائه “البشير” بالقصر الجمهوري عن اتفاق بين الخرطوم وجوبا لحل القضايا الأمنية والاقتصادية خلال (۲۱) يوماً.
وهددت الحكومة السودانية بإغلاق الحدود مع دولة جنوب السودان إذا لم تطرد جوبا متمردي الجبهة الثورية، وقال وزير الدولة بالخارجية “كمال إسماعيل” إن جنوب السودان تعهدت بطرد الجبهة الثورية خلال (21) يوماً خلال زيارة قام بها النائب الأول لرئيس جمهورية جنوب السودان “تعبان دينق” الشهر الماضي.
{ قراءة ورؤى
استبعد الفريق “آدم حامد موسى” أن تقوم جوبا بطرد قوات الجبهة الثورية الآن، وقال إن إيواء الخرطوم للدكتور “رياك مشار” يجعل “سلفا كير” يساوم بهم باعتبارهم الكرت الرابح الآن. وأشار إلى أنه في حال طرد متمردي الجبهة الثورية من الجنوب ستكون هذه نهايتهم فلن تقبل بهم أي من دولة (إثيوبيا، إريتريا، أفريقيا الوسطى، كينيا، مصر وليبيا) لعدم وجود مصلحة، وإذا حاولوا الدخول إلى السودان ستكون نهايتهم على يد الجيش السوداني الذي يترصد دخولهم الآن.
ويذهب اللواء طيار “عبد الله صافي النور” بالقول إن المتبقي من الجبهة الثورية فلول متمردين وقيادات عسكرية أو سياسية، وهؤلاء يصعب عليهم الرجوع إلى ولايات دارفور، والمتوقع أن تستوعبهم الحركة الشعبية (قطاع الشمال) في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، ولن تكون لهم الجرأة للعودة إلى ولايات دارفور.
ويشير الخبير الأمني اللواء “حسن بيومي” إلى أن عملية تخلص جوبا من الجبهة الثورية يجب أن تتم بخطوات محددة تبدأ بتجريدها من السلاح، ثم منعها من الحركة وأخيراً تخييرها في الوجهة التي تريد قصدها. وقال إن تسليحها والزج بها إلى ولايات دارفور هو تسليمهم بطريقة غير مباشرة إلى الخرطوم، وهذا الأمر لا يقبله المنطق ولا حلفاء جوبا، كما أن لجوبا التزام أخلاقي مع الجبهة الثورية حيث أكد “سلفا كير” مراراً وتكراراً أنه لن يتخلى عنهم.