شهادتي لله

القرارات المرتقبة .. بعيداً عن الثورية

{سربت بعض الجهات – وفي تقديري أنها ذات صلة بالحكومة – مؤخراً وعبر وسائل التواصل الاجتماعي مشروع قرار غير مكتمل الملامح لإجراءات اقتصادية ستصدرها وزارة المالية خلال الأيام المقبلة، هدفها السيطرة على سوق النقد الأجنبي بالبلاد .
{وربما كان القصد من التسريب (جس نبض) السوق، ومعرفة تأثيرات مثل هذه القرارات على القطاع الاقتصادي قبل التورط في إعلانها .
{مؤكد أن الحكومة تأخرت كثيراً في اتخاذ إجراءات – أي إجراءات مناسبة – لمعالجة هذا الخلل الفادح الواضح في السياسات الاقتصادية المتبعة بواسطة وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بصحبة بنك السودان، وكان ينبغي أن تصدر حزمة معالجات توقف تدهور قيمة الجنيه السوداني منذ أن بارح محطة الـ(10) جنيهات بينما ظل (ثابتاً) – اسماً و شكلاً – في محطة (6.5) جنيهات داخل الجهاز المصرفي الذي لا يملك دولاراً و لا يورو ولا درهماً !
{الأدهى والأمر أن المصارف صارت لا تملك سيولة كفاية حتى من الجنيه السوداني، وما حدث داخل البنوك قبيل عطلة عيد الأضحى من عجزها عن الوفاء بتغطية شيكات عملائها حتى وقت متأخر من المساء، يمثل فضيحة ما بعدها فضيحة للجهاز المصرفي السوداني ولبنك السودان ووزارة المالية، بعد أن جفف  الوزير “بدر الدين” وصحبه خزائن البلد، وهم يظنون – وبعض الظن إثم – أنهم بفعلهم هذا إنما يحاربون التضخم ويحدون من استخدام السيولة في المضاربة بسوق الدولار !! وهذا ما لم يحدث فعلاً على أرض الواقع !!
{تقول الحكومة إن ارتفاع الدولار سببه الطلب المتزايد على النقد الأجنبي خلال السنوات الأخيرة، حسناً ولماذا يرتفع الطلب دون معرفة وضوابط وتحديد أولويات من قبل الدولة، إذن ما معنى وجود دولة إذا كان كل من يريد ويشتهي يستورد ما يطيب له أن يستورد تحت لافتة (السوق حر) ؟! ولماذا لم تفتحوا للجميع المجال لاستيراد الغاز – مثلاً – واحتكرتموه لشركة واحدة .. ما دام أن السوق حر ؟!  
{إن معظم ما جرى تسريبه في الوسائط من إجراءات سبق وأن طالبنا به في هذه المساحة منذ العام الماضي، ولكن حكومتنا (أضانها تقيلة) وتصر دائماً على مخالفة الرأي العام والسباحة عكس الموج، والخاسرة هي في المقام الأول ! 
{قلنا لهم مراراً وتكراراً أوقفوا فوضى الاستيراد للسلع الكمالية وغير الضرورية .. معقولة نستورد خضروات من السعودية وسمك السنغال ؟! مش عيب علينا وعليكم ؟!
{وقلنا لهم مراراً و تكراراً شجعوا المغتربين على تحويل ريالاتهم ودولاراتهم ودراهمهم عبر البنوك، بمنحهم حوافز مجزية، أذكر أنني اقترحت مبلغ (10) دولارات كحد أدنى للسنة، يمنح مقابلها المغترب إعفاءً جمركياً لسيارة مع إعفاء مماثل من الضرائب .
{لابد من وقف استيراد العديد من السلع، وتشجيع الصادر دون الدخول في إجراءات تعسفية مثل ما ورد في التسريبات من استكتاب المصدرين لشيكات بقيمة حصيلة الصادر لتدوين بلاغات جنائية في حالة عدم وصول الحصيلة، فمثل هذه الإجراءات ستكون سبباً في تخويف وتشريد المصدرين بدلاً من تشجيعهم، ويمكن الاستعاضة عن الإجراءات (الجنائية) بضوابط مصرفية فنية صارمة ودقيقة مع مراسلي البنوك بالخارج للحيلولة دون تهريب حصائل الصادر، كما يحدث في كل دول العالم المتحضر .
{كذلك من المهم جداً .. عدم تدخل وزارة المالية وبنك السودان في الحسابات الخاصة للأفراد والشركات والمنظمات وغيرها من الجهات الاعتبارية، فلا شأن لكم بأموال عملاء البنوك سواء كانت بالنقد الأجنبي أو بالجنيه، فكيف تريدون للمغتربين أن يثقوا في الجهاز المصرفي ويفتحوا حسابات بالعملات الأجنبية في وقت تسعون فيه إلى تقييد حركة السحب والإيداع بتلك الحسابات ؟!!
{كما أنه ليس عملياً أن تمنع الاستيراد للسلع الضرورية والمطلوبة إلا عبر ما تتيحه موارد النقد الأجنبي الشحيحة في بنك السودان، مما سيخلق أزمات كبيرة في سوق الدواء، المواد الطبية، التقاوي والمبيدات وغيرها من السلع الأساسية حيث لن تستطيع البنوك توفير النقد الأجنبي بكميات مناسبة للاستيراد لسد حاجة السوق .
{الروشتة العاجلة كالآتي: وقف استيراد بعض السلع غير الضرورية أو التي يمكن إنتاجها أو تصنيعها بالداخل، تشجيع الصادر، تحفيز المغتربين لإرسال تحويلاتهم عبر البنوك، متابعة وحل مشكلة تحويلات شركات الاتصالات للخارج، وضبط فواتير قطع غيار شركات الطيران المحلية وتحويلات مبيعات تذاكر شركات الطيران الأجنبية، تمثل العناصر الأهم في مشروع أي قرار للسيطرة على حركة النقد الأجنبي مقابل الجنيه السوداني .
{غير هذا ستكون مجرد قرارات تعسفية ومزايدات ثورية متأخرة .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية