حوارات

القيادي بتحالف قوى الإجماع الوطني "ساطع الحاج" في حوار مع (المجهر السياسي): 1 من 2

* التحالف ليس هشاً ولكن الصراع (قانون كوني)!
* من إنجازات التحالف التي نفخر بها وثيقة البديل الديمقراطي!!
* نعمل على تغيير واقع خطر وكأنما هناك رافعة ثقيلة علينا تحريكها!
 
   * نثمِّن ونحترم موقف المؤتمر الشعبي والأمة !
* الأمة والمؤتمر الشعبي ما زالا ينضويان تحت لافتة أهداف تحالف قوى الإجماع!
    حوار- سوسن يس

في أكتوبر المقبل سيكمل تحالف المعارضة الذي يرفع منذ إنشائه، لافتة (إسقاط النظام) عبر الانتفاضة الشعبية، عامه الثامن.. مياه كثيرة مرت خلال هذه السنوات تحت الجسر.. و مياه كثيرة مرت تحت جسر التحالف الذي تقاذفته أمواج الإحباط والتآكل والانشقاقات لدرجة دفعت رئيس هيئة قيادة التحالف “فاروق أبو عيسى” إلى التعبير عن إحباطه في حوار أجرته معه ونشرته (المجهر) والتلويح بالاستقالة للمرة الثانية – عن قيادة التحالف.. فما الذي يحمله في طياته تلويح “أبو عيسى” بالاستقالة واعترافه بالإحباط ؟. (المجهر السياسي) حاورت القيادي بتحالف قوى الإجماع الوطني الأستاذ “ساطع الحاج” حول الأحوال داخل التحالف وعن أهم ما تحقق من أهدافه.  هذه هي مضابط الحوار:
الشهر المقبل سيكمل تحالف قوى الإجماع الوطني عامه الثامن، فما هو الهدف الذي حققه التحالف خلال هذه السنوات  ويمكنكم أن تفتخروا به الآن ؟
– أولاً، تحالف قوى الإجماع الوطني استطاع أن ينجز (وثيقة البديل الديمقراطي)، وهذه الوثيقة تم التوقيع عليها من قبل كل الأحزاب المنضوية تحت لواء تحالف قوى الإجماع الوطني، وحتى الأحزاب التي جمَّدت عضويتها فيما بعد هي متفقة -الآن-  حول برنامج البديل الديمقراطي بما فيها حزب الأمة وحزب المؤتمر الشعبي. ووثيقة البديل الديمقراطي هي الوثيقة التي تنظم الحياة السياسية موضوعياً وإجرائياً عقب سقوط هذا النظام حتى لا يحدث فراغاً دستورياً وتحدث فوضى لا يحمد عقباها. ثانياً استطاع تحالف قوى الإجماع أن ينجز (97%) من الدستور الانتقالي الذي يحكم الفترة ما بعد سقوط النظام.  واستطاع أن يوقع ميثاق العمل المشترك مع أخواننا في الجبهة الثورية والحركات المسلحة للاتفاق على رؤية واضحة للعمل جنباً إلى جنب بعد سقوط النظام حتى لا نكرر تجربة “جون قرنق” في ما عرف بمايو (2) وحتى لا تحدث أي احتكاكات في المستقبل ويكون هناك انسجاماً كاملاً بين الجميع. استطاع تحالف قوى الإجماع الوطني أن يخلق رابطاً قوياً جداً مع الحركات المسلحة ومع القوى التي تحمل السلاح.. استطاع أن يخلق علاقات محترمة مع مؤسسات المجتمع الدولي.. استطاع أن يجعل الشعب السوداني حتى هذه اللحظة غير متصالح مع هذا النظام، وإذا كان هناك إنجازاً واحداً يحسب لتحالف قوى الإجماع رغم كل الإنجازات التي ذكرتها، فنحسب المقدرة على أن يجعل المسافة التصالحية بين هذا النظام والمواطن السوداني شبه معدومة وشبه مستحيلة.. فالمواطن السوداني -الآن- على قناعة بضرورة إسقاط هذا النظام.. والفضل في هذا بعد الله، يعود إلى التحالف الذي استطاع أن يقوم بذلك  عبر ندواته عبر ورشة أحزابه المنتشرة في الأقاليم.. وبالتالي تحالف قوى الإجماع رغم الظروف الصعبة التي يعمل فيها، فهو لا يعمل تحت أي مظلة دستورية أو قانونية، وهو يقاوم الجبروت والتغطرس ويقاوم الرأي الواحد ولكن رغم هذه الظروف هو يعمل رغم الاعتقالات والتشريد والمراقبة و المحاصرة والاغتيال المعنوي والاغتيال المادي والسجون.. معظم رموز التحالف تعرضت للاعتقال وللمحاكمات، حزب المؤتمر الشعبي والمؤتمر السوداني كثير من القيادات تعرضت للاعتقال وللسجون وعلى رأسها الأستاذ الكبير “إبراهيم الشيخ”، وقيادات حزب الأمة “الصادق المهدي” قدم لمحاكمة واعتقل هذا غير الاعتقالات التي تتم بواسطة جهاز الأمن. فالتحالف قام بدور كبير وما زال يعمل رغم الظروف الصعبة التي يعمل فيها.
# ولكن لا توجد هناك ثماراً ملموسة -الآن- لهذه الإنجازات التي عددتها.. مثلاً وثيقة البديل الديمقراطي التي قمتم بتوقيعها قبل أعوام، مياه كثيرة مرت تحت جسرها وهناك أحزاب موقعة عليها ولكنها خرجت وغير موجودة -الآن- بالتحالف؟
– مع احترامي لكلامك يا أستاذة “سوسن” لكن لا أستطيع أن أضم صوتي إلى رأيك.. وثيقة البديل الديمقراطي هي وثيقة تعنى بتنظيم العمل موضوعياً وإجرائياً بعد إسقاط هذا النظام بالإرادة الشعبية عبر الانتفاضة الشعبية.. وثيقة البديل الديمقراطي التي وقعت في 2012 كانت إنجازاً متقدماً جداً لتحالف قوى الإجماع الوطني، لأننا استلهمنا فيها التجربة التونسية والليبية والمصرية بعد سقوط تلك الأنظمة فيما يعرف بالربيع العربي حدثت فوضى، لأن المعارضة لم تكن قد تحسبت لما بعد سقوط تلك للأنظمة. وعادة بعد سقوط الأنظمة تكون هنالك سيولة أو ميوعة سياسية تستمر لفترات طويلة. نحن تحسبنا لذلك وقرأنا التاريخ جيداً ونظرنا لما حدث حولنا لذلك جاءت وثيقة البديل الديمقراطي مقروءة مع وثيقة العمل المشترك التي وقعت في أديس أبابا مع الجبهة الثورية. نعم هناك أحزاباً جمَّدت عضويتها في تحالف قوى الإجماع ولكنها لم تجمِّد رأيها أو تناهض وثيقة البديل الديمقراطي وهذا فرق كبير يا سيدتي.
#  هل هذه الأحزاب جمَّدت عضويتها فقط – أم خرجت من التحالف ؟ هل موقفها الحالي هذا وانخراطها في الحوار و تقاربها مع النظام يعتبر خروجاً أم تجميداً للعضوية ؟
– جمَّدت عضويتها ولكنها لم تلغ موافقتها أو مصادقتها على وثيقة البديل الديمقراطي .
#  تعني أن حزب المؤتمر الشعبي -الآن- موجود بالتحالف ؟
– المؤتمر الشعبي جمد عضويته داخل تحالف قوى الإجماع الشعبي، ولكنه معترف بوثيقة البديل الديمقراطي كمنظم وحيد حتى الآن بعد إسقاط النظام، وكذلك حزب الأمة.
# يعني بإمكاننا أن نقول: إن حزب المؤتمر الشعبي -الآن- عضو في تحالف قوى الإجماع الوطني ؟
– المؤتمر الشعبي -الآن- عضوياً ليس جزءاً في التحالف و هذا خيار المؤتمر الشعبي، فإخواننا في الشعبي هم الذين اختاروا ألا يكونوا عضوياً أو إجرائياً في تحالف قوى الإجماع الوطني، ولكن موضوعياً، هم مع الوثائق التي تم توقيعها، فالمؤتمر الشعبي وحزب الأمة لم ينكصا عن توقيعهما الذي وقعوه سواءً على وثيقة البديل الديمقراطي أو على الدستور الانتقالي.
# لكن ألا يعتبر موقفهما – هذا الذي يقفانه – الآن –  نكوصاً عن هذه الوثائق التي وقعوها ؟
– ليس نكوصاً.. شوفي، المؤتمر الشعبي وحزب الأمة وكل القوى السياسية متفقة -الآن- على ضرورة تفكيك هذا النظام أو إسقاطه وإحلال نظام جديد يحترم التداول السلمي للسلطة و التوزيع العادل للثروة. كل القوى -الآن- تعلم أن تكلفة استمرار هذا النظام أعلى بكثير من تكلفة إسقاطه، وبالتالي اختلفت الوسائل ولم يختلف الهدف. نحن في تحالف قوى الإجماع نرى أن الانتفاضة هي الوسيلة الأنجع لتفكيك النظام الضارب في جذور الدولة العميقة، لكن حزب الأمة ربما، والشعبي وربما  أحزاب أخرى – ترى أن الحوار سيجنب البلاد الاحتراب و الفوضى، باعتبار أن السلاح منتشر – الآن- وأن هناك مليشيات كثيرة جداً، وأن الحوار قد يجنب البلاد بعض المشاق. لكن نحن مختلفين معهم في أنه لابد من انتفاضة تقوم بتغيير جذري في البلاد وتقص جذور الدولة العميقة. إذن كل القوى السياسية بما فيها المؤتمر الشعبي وحزب الأمة وقوى الإجماع مقتنعة بضرورة تغيير هذا النظام.
# إذن حزبا الأمة والمؤتمر الشعبي ينضويان -الآن- تحت لافتة أهداف تحالف قوى الإجماع الوطني ؟
– نعم، ينضويان تحت لافتة أهداف التحالف.. إلى ماذا يهدف التحالف؟.. التحالف يهدف إلى صناعة مستقبل جديد للسودان.
# لكن التحالف من أهدافه إسقاط النظام عبر الانتفاضة الشعبية والمؤتمر الشعبي والأمة -الآن- ضد إسقاط النظام؟
– هذه وسيلة للوصول إلى هدف يجب أن نفرق يا سيدتي ما بين الوسيلة والهدف. 
# هل هناك اتصالات بينكم في التحالف وبين حزبي الأمة و الشعبي ؟
– قطعاً.. لم تتوقف الاتصالات.
# وكيف تنظرون إلى موقفهما الذي يقفانه الآن؟
نحن نثمِّن موقفهما ونحترم موقف الإمام “الصادق المهدي” و موقف السادة في المؤتمر الشعبي..نحن لا نخوِّن أحد ولا نزايد على أحد الجميع وطنيون، الجميع يعملون لمصلحة إعادة بناء السودان.. فإذا اختلفت الوسائل في كيفية البناء هذا ليس مبرراً لتخوين الآخر.. هم وطنيون حتى النخاع، ولكن هذه رؤيتهم ونحن نحترم رؤيتهم.
# أستاذ “ساطع” ألا تتفق معي في أنكم بحاجة إلى حوار بين مكونات تحالف قوى الإجماع الوطني؟ فالتحالف -الآن- يعاني من الهشاشة وتتعدد الوسائل والرؤى وتتضارب بداخله.. ألا ترى ذلك؟
– التحالف ليس هشاً.. ولكن الصراع هو (قانون كوني).. فربنا سبحانه وتعالى عندما خلق هذا الكون خلقه على الازدواجية: أبيض-أسود، خير- شر، ليل- نهار، حب-كراهية، والمعجزة في وحدانيته سبحانه وتعالى هو الواحد الأحد وكل ما عداه يقوم على الازدواجية.. إذن، طالما الكون يقوم على الازدواجية بين المتضادات فلابد من الصراع بين هذه المتضادات، هذا أمر حتمي في منظومة الناموس الكوني .. إذن الصراع طبيعي، ولكن السؤال هو كيف يمكن أن ندير هذا الصراع؟.. نحن نعتقد، كما يعتقد كل الذين يؤمنون بالعمل الديمقراطي أن الحوار هو أقصر الطرق للوصول بين نقطتين .. يمكن أن يدار الصراع بالحوار.
# يبدو أن التحالف أخفق في إدارة الصراع بين مكوناته بالحوار.. حتى الذين خرجوا تركتموهم يخرجوا، أو يجمِّدوا عضويتهم كما تسمي أنت خروجهم.. ولم تنجحوا في إبقائهم و إدارة الصراع بينهم ؟
– شوفي يا أستاذة “سوسن” نحن أدرنا حوارات عميقة مع بعضنا البعض، في هذه الحوارات حزب الأمة توصل إلى أن يكون بالشكل الذي يطرح به نفسه الآن، وحزب المؤتمر الشعبي توصل إلى أن يكون بالشكل الذي يطرح به نفسه الآن، نحن لا نحمل بندقية على أحد أو نفرض رأينا على الآخر.. ولا نقبل بأن يفرض الآخر رأيه علينا. ووجود آراء مختلفة هو دليل صحة وليس دليل ضعف. بالمناسبة إذا كان كل الناس رأيهم واحد فتأكدي أن هناك مشكلة، أما مشكلة تعبير أو مشكلة تخويف.
# التحالف فشل في تحقيق أهدافه وإسقاط النظام ويعاني من سوء الأحوال بداخله لدرجة أن رئيس التحالف نفسه عبَّر عن إحباطه بسبب سوء أحوال التحالف، في حواره مع (المجهر)، بل ولوَّح بالاستقالة من رئاسة الهيئة القيادية للتحالف؟
– طيب شوفي يا سيدتي، أنا أريد أن أقول لك شيئاً :
في العام 1821 تم تكوين ما يعرف بالسودان الحديث.. منذ 1821 حكم السودان بما يعرف بالحكم التركي المصري و ظل السودان يدار بقوة وبجبروت هذا الحكم حتى العام 1885، وفي 1885 سقط الاستعمار التركي وجاءت حقبة جديدة هي حقبة الإمام “المهدي” حكم فيها الخليفة “عبدالله التعايشي” و أيضاً هذه الحقبة حكمت بالحديد والنار.. وفي 1898 سقط حكم الخليفة “عبدالله التعايشي” ليبدأ حكم الاستعمار الإنجليزي حتى العام 1956 .. فمنذ العام 1821 وحتى العام 1956 هذه (120) سنة من الحكم  الديكتاتوري .. ومنذ 1956 وحتى الآن هناك حوالي (40) سنة حكم السودان خلالها بأنظمة ديكتاتورية.. الآن نحن في العام 2016، إذن بعد خمس سنوات ستكتمل مئتا عام.
إذن هناك (200) سنة حكم خلالها السودان بشكل مطلق بأنظمة ديكتاتورية، إذن كل الأجيال التي نشأت منذ 1821 و حتى الآن لا تعرف الديمقراطية. نشأت في ظل أنظمة ديكتاتورية وهذه الأنظمة الديكتاتورية تمددت مفرداتها هنا و هناك نتيجة لتشابك العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية و الثقافة -الآن- مسممة بكثير من الآراء الديكتاتورية في النظرة للمرأة في غطرسة الرجل في وفي …
لذلك عندما نأتي ونقاتل بعد كل هذه الحقبة التي تمتد لمئتي  سنة، لنعمل تحولاً حقيقياً تجاه الديمقراطية وتجاه احترام الآخر فكأنما هناك رافعة ثقيلة جداً علينا أن نعمل على تحريكها..
فماذا تريدين من تحالف قوى الإجماع الوطني أن يفعل في ظل هذه الظروف القاهرة جداً ؟.
– هل هذا يعني أن تحالف قوى الإجماع الوطني بحاجة إلى (200) سنة حتى يستطيع أن يحرك الرافعة الثقيلة وينجح في إسقاط النظام ؟ أليس هناك أمل إلا بعد (200) سنة ؟
– قال بسرعة: لالالالالا     ( nonono
) -التغيير يبدأ في لحظة..الثورة الفرنسية عندما قامت في 1776 بدأ التغيير ولم ينتظر التاريخ خمسة قرون.. وعندما جاءت “المقني كارتا” في 1243 في الإمبراطورية البريطانية انتظرت من 1243 و حتى ثورة الأورانج في 1540 حتى يتم كتابة ميثاق (الهيومن رايتس).. وإلى أن وصلوا إلى تقنين الملكية وهذا استغرق زمناً طويلاً..إذا فكرنا في أننا سننتظر (200) سنة، وهذا الأمر المحبط فلن نعمل شيئاً ..انظري إلى الأمام يا سيدتي لا تنظري إلى الخلف انظري إلى الأمام وقدِّري كم تبقى أمامك وضعي عينك في أعلى قمة الجبل وستصلين إلى تلك القمة.. نحن نعمل على تغيير واقع خطر جداً. والمهمة شاقة.. وحقيقة نحن غير معزولين عن وطن عربي كامل يدار بمثل هذا الأمر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية