المشهد السياسي
ظاهرة الإرهاب الشاملة والمعالجة الشاملة
موسى يعقوب
وصف السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية في خطابه أمام الملتقى العربي الأسبوع الماضي بالخرطوم الخاص بدور الإعلام في التصدي للظاهرة الإرهابية. إن الإرهاب ظاهرة شاملة ويحتاج إلى معالجة شاملة) نضيف: ليس عبر السلاح والبندقية كما فعل الرئيس الأمريكي “بوش” (الابن) بعد حادث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، في “نيويورك” و”واشنطن”، وكان لذلك آثاره المدمرة على عدد من الدول العربية والإسلامية، وشعوبها.. وأفرادها ورموزها، فما قال السيد النائب الأول صحيح.
الحرب على الإرهاب عند الدول الغربية عموماً إلا من رحم الله – هي حرب دينية وعقدية وعسكرية تخدم المصالح والمنافع.. ولا تهدف إلى المعالجة الشاملة للذي حدث في الحادي عشر من سبتمبر 2001م.
وحتى لا يستمر الحال على ذلك كان لا بد من عمل فكري وإنساني وسياسي وإعلامي يوقف تلك الهجمة في محلها ويقضي على ظاهرة الإرهاب بخطوات وإستراتيجيات عملية توقف نمو الظاهرة وانتشارها وتحوِّل الطاقات الشبابية التي اندرجت فيها إلى طاقات منتجة في أوطانها.
لقد تبنت وزارة الإعلام السودانية وجامعة الدول العربية مبادرة ذلك الملتقى العربي الخاص بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب بكل أبعادها ومنطلقاتها.. وقد كان ذلك شيء جيد للغاية لما عرف به الإعلام من إمكانات وقدرات على صياغة وصناعة الأحداث والتأثير على اتخاذ القرارات الشخصية وغيرها.
الحضور العربي والسوداني في الملتقى كان كبيراً ومتنوعاً وشمل إلى جانب المسؤولين والمختصين إعلامياً في البلاد العربية عدداً من الجامعات والمراكز البحثية، والرموز ذات الحضور في مثل ذلك الشأن.. ولذلك معناه ومغزاه في مثل هذا الملتقى، فالإرهاب كمشكل مجتمعي وإنساني وسياسي لم يعد صناعة يمتلكها وتروِّج لها بعض القوى العالمية، ولكن هماً يخص غيرهم، وقد عانى ما عانى من إلصاق تلك التهمة به وبدينه وعقائده.
لقد عرفت جمهورية السودان بالمبادرات في عدد من المجالات ورغم ما يحيط بها من ضغوط وحصارات.. ويعد الاتهام بالإرهاب – والسودان بريء منه – أحد تلك الضغوط، غير أن الاتهام بالإرهاب شمل الكثير من الدول العربية والإسلامية.
والمبادرة الحالية (دور الإعلام العربي في التصدي للإرهاب) التي تنظمها وترعاها مع السودان الجامعة العربية.. يرجى أن يلعب فيها الإعلام العربي دوره في مكافحة الإرهاب والتصدي له، لأن العملية – كما قلنا – وقد صارت لها انتشاراتها وأبعادها في المنطقة.. وظهرت فيها أدوار لبعض الجماعات والمؤسسات التي هددت الأمن والاستقرار في عدد من البلاد العربية.. ومن ثم جذبت إليها بعض الشباب والطلاب ومنهم سودانيون وإن كانوا قلة.
ولأن حالة الإرهاب كانت بحاجة إلى دراسة وتفكير دوافع وأسباب فإن المنتدى الإعلامي المذكور.. دفع فيه القطر المضيف – جمهورية السودان – بخطط ومعالجات إستراتيجية للشباب والطلاب، وذلك بتوفير ما يلزم من معينات للدراسة وما بعدها. والفكر في كل الأحوال هو الذي يكمل دور المعالجة الشاملة لقضية الإرهاب.. وذلك ما كان له مبرره في حضور الجامعات والمؤسسات العلمية والرموز المعنية بالفكر في ذلك المنتدى.
وكيفما كان إدعاء الغربيين والولايات المتحدة الأمريكية للغرب والمسلمين والسودان بشكل خاص لداعمين للإرهاب، فإن الملتقى العربي الخاص بدور الإعلام في التصدي للإرهاب والذي بصدده، يقول بأن السودان والدول العربية غير داعمين للإرهاب (فكراً أو عقيدة أو ممارسة) وإنما سبقوا من أطلقوا أطروحة (الحرب على الإرهاب) اليوم بـ(المعالجة الشاملة لظاهرة الإرهاب الشاملة)..!
لقد حصر الأمريكيون دورهم في محاربة الإرهاب في البندقية وفي السجون والمعتقلات التي شملت من وجهت لهم تهم وإدعاءات باطلة.
قضية الإرهاب في الولايات المتحدة الأمريكية قضية سياسية تباع وتشترى بين الجمهوريين والديمقراطيين ومن خلفهم من اللوبيات الإسرائيلية، وعليه ليست لديهم خطط وإستراتيجيات لمعالجتها والخروج منها.. بل دفع الآخرين إلى الدخول فيها جراء المعالجات السياسية والعسكرية التي أبدى الآخرون من منسوبي جيشهم وسياستهم رفضهم لها ولما حدث منها وجراءها.
مبادرة الملتقى الإعلامي العربي بالخرطوم وبدعم من وزارة الإعلام والدولة السودانية، مبادرة يرجو أن يكون لها حضورها في التسويق الإعلامي والسياسي – وبالله التوفيق.