رأي

فوق رأي

وليمة بكاء
هناء إبراهيم

في التشخيص النفسي العام للنفس البشرية، ثبت أن البكاء الداخلي أشد قسوة وألم من بكاء العين.
من أصعب الانفصالات، انفصال الدموع عن البكاء.
وثمة أشخاص عددهم كبير يبكون بصمت، يبكون بقلوبهم حيث تخفي عيونهم ذلك، الأمر الذي يضعفهم صحياً ويجعلهم كمصابي السل..
فالبكاء من هذا النوع يضاعف التعب وهو أحد أهم أسباب الانهيار العام بل هو المحطم الأساسي لنفسية البني آدم بعد الوضع الاقتصادي وشكل الشوارع في الخريف.
يبقى البكاء باستخدام الدموع هو البكاء الصحي الخالي من الغدد الصماء، ومع ذلك مافي زول قاعد يعزمك بكاء.
تفتقد البشرية ذلك الشخص (البقول ليك أرح نبكي) بينما يتوفر لديها (الببكوك).
والله جد..
خالص مافي زول بقول لأصحابوا (تعالوا أبكوا جهراً) فقد أرهقتكم الدموع المحبوسة.
نحن الذين قلنا لامرئ القيس (أبكي براك) حين درسنا على لسانه (قفا نبكي) نحتاج أحياناً أن نبكي معه أو مع غيره ومعانا.
ثمة دموع تعقبها راحة ويليها فرح..
والله جد..
علي صعيد متصل: استحدث في العالم مطاعم لا أستطيع أن أقول إنها تقدم وجبات البكاء لزبائنها الكرام، لكنها تستقبل ذلك.
ارتكزت هذه الأماكن على نظرية أن ثمة أشياء إلى أن نموت لنعرف مكانها المناسب، فمثلاً إذا صرخت بالشارع يسألونك (أنت قايل نفسك في بيتكم) وإن صرخت بي بيتكم يزجرونك (أنت قاعد في الشارع) هذا المكان قد يكون هو المناسب لأداء واجب البكاء مع الذات لكن لا أفهم لماذا مطعم؟!
لماذا تأكل وتبكي وتدفع…
نصف لتر دموع 3 آهات ودجاج مشوي..
دا الحساب كدا..
أقسم بالله لو بقت معزة الدموع من معزة حبوبة جيرانا، استحالة أدفع قروش عشان أبكي.
أنت ما جادي ولا شنو؟!
يستطيع البني آدم أن يتفاهم مع دموعه بدون مصاريف وتكاليف.
عن نفسي قد أذهب إلى هذا المطعم (ربع مرة) عشان كلما أتذكر إني مشيت أبكي..
أبكي على هبالتي..
أقول قولي هذا من باب البكاء الصحي
و……….
لما تحتاج تبكي أبكي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية