رأي

مسألة مستعجلة

عندما تشكو ولاية الخرطوم!!
نجل الدين ادم
حق لولاية الخرطوم أن تشكو من أعباء العاصمة القومية للبلد في ظل انعدام خصوصية للولاية وخلط الأوراق ما بين الخرطوم العاصمة والخرطوم الولاية، والأخيرة هي من تتحمل في كل الأحوال تبعات التنمية والإعمار وتوفير الخدمات لكل أهل السودان الموجودين في حيز الولاية، وتتحمل كذلك الضغط السكاني الذي يكاد أن ينفجر جراء هجرة الريف التي تفرض ظروفاً عدة، على رأسها انعدام التنمية المتوازنة وضعف الخدمات وآثار الحروب والصراعات.
قرأت أمس في خبر أوردته الزميلة صحيفة (الرأي العام)، على لسان رئيس المجلس التشريعي لولاية الخرطوم “صديق علي الشيخ”، مطالبته بفصل العاصمة الخرطوم عن الولاية، ومضى في حديثه إلى الأعباء التي ظلت تتحملها الولاية من متطلبات العاصمة القومية، وأحسن ما في حديث الرجل إشارته إلى قيامهم بخطوات عملية بهذا الخصوص، لكن الأمر يتطلب تشريعاً اتحادياً أو تعديلاً في الدستور بحيث تُضمن هذه الجزئية المهمة، ولا تستطيع الولاية القيام بهذه المهمة من تلقاء نفسها، والخطوة العملية التي ذكرها هي الدفع بمقترح إلى مجلس الولايات المناط به حماية حقوق الولايات من المركز، وهذا بالتأكيد أحق الحقوق.
 يحسب للوالي الحالي سعادة الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” جهده ومثابرته في معالجة اختلال هذا الميزان بمطالبة المركز أو الحكومة الاتحادية بالمساهمة في الخدمات التي تقدمها الولاية للمواطنين في العاصمة إلى أن حصل بالفعل على دعم مركزي على الأقل يعادل جزءاً من أعباء العاصمة التي تتحملها الولاية، وقد بدأ ذلك بحصوله على دعم مقدر من الحكومة الاتحادية لمشروع مياه العاصمة القومية.
الآن نلحظ أن ولاية الخرطوم هي الحاضن لمقار الوزارات والمؤسسات الاتحادية، بحيث تتحمل أعباء الخدمات التي تقدم، فالمطار الدولي الأول تحتضنه الخرطوم والمستشفيات الكبيرة والمدارس وغيرها من المرافق العامة.
خصوصية العاصمة جعلت المفاوضين في (نيفاشا) يفردون لها بروتوكولاً ووضعاً خاصاً طوال الفترة الانتقالية دون الإشارة إلى ولاية الخرطوم، لذلك حق للولاية أن تطالب بهذا الاستحقاق الأصيل.
في العديد من البلدان تفرح الولاية عندما يتم نقل العاصمة السياسية إليها لسبب واحد هو أن الحكومة الاتحادية أو المركزية تتحمل أعباء البنية التحية لهذه العاصمة والخدمات الأساسية وتجعلها أنموذجاً دون أن تدخل كل هذه المشروعات في ميزانيات الولاية بما يرهقها، أما عندنا هنا فالأمر مختلف تماماً.
أجد نفسي متعاطفاً وداعماً للولاية في خطوتها هذه بفصل العاصمة عن الولاية، والكرة الآن في ملعب مجلس الولايات لكي يثبت قدرته على المحافظة على حقوق الولايات التي يرعاها، لكن أخشى أن تكون هذه المهمة مجرد كلام مدون في الأوراق.
 على مجلس الولايات أن يسارع في هذه الخطوة التي أرى أنها تأخرت شيئاً ما، لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي.. والله المستعان. 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية