"الحسن الميرغني".. كان يفترض أن يستقيل!
بقلم – عادل عبده
أصبت بالدهشة البالغة عندما امتنع ثلاثة من قيادات الاتحادي الأصل المشاركين في الحكومة من التعليق الطبيعي على التصريح القوي الذي أدلى به رئيس الجمهورية في الأيام الفائتة، الذي جاء فيه (لو كان الحسن الميرغني مؤتمر وطني لفصلته بسبب الغياب).. شيء من الكرامة الحزبية والسجال السياسي كان يفرض على هؤلاء إبراز وجهة نظرهم حول تغيب “الحسن الميرغني” عن القيام بمهامه الدستورية رغم وجاهة ما جاء في التصريح الرئاسي غير أن القيادات الثلاثة ذكروا أن الأمر لا يعنيهم.. فقد كان إحساسي العميق بأن هؤلاء قد انتابهم الشعور بإمكانية فقدانهم كراسي الصولجان إذا مارسوا حقهم الدستوري في التعليق على التصريح الرئاسي!!
لم يخيب “مالك ضرار” مقرر قطاع التنظيم بالاتحادي الأصل قناعاتي عندما أكد عدم وجود أي اتجاه بفض المشاركة مع المؤتمر الوطني، مبيناً أن “الحسن” قد أعد بعض الخطط للملفات التي أوكلت إليه من القصر.. على المستوى الشخصي لم ترق لي تلك العبارات المصنوعة، وبذلك تذكرت الإشارات العميقة التي تنضح بالشفافية والشجاعة التي وردت على لسان القيادي الاتحادي “أحمد السنجك”، حين ذكر أن “الحسن الميرغني” ليس لديه مستشارين أكفاء لهم إلمام واسع بالعمل السياسي، بل زاد “أحمد السنجك” بقوله إن هؤلاء الذين يقفون مع “الحسن” في قطار السلطة هدفهم الأول مصالحهم الذاتية.. ومن هنا نتساءل لماذا لم يقدم هؤلاء المستشارون النصح للسيد “الحسن” حول منهجه الذي يدير به الحزب وتعامله إزاء مسؤوليات المشاركة.. وهنالك سؤال آخر هل دستوريو “الحسن” على شاكلة طاقم “مبارك الفاضل” الذين فضلوا الكراسي عليه عندما ذهب من القصر؟!
ظل “الحسن” صامتاً بأمريكا لم يحاول حتى الآن التعقيب وتبرير الملاحظات السالبة التي وردت من الرئاسة على أدائه، فقد اتضح أن الرجل يقف وحيداً في غربته لا يجد من يقف معه يدافع عن سياسته، بل أصبح غير قادر على الاستجابة للواقع المحيط به.. ولا شك أن “الحسن الميرغني” يتأمل حصاد مشاركته ومعدن أنصاره وكيف أن التصورات والأحلام الوردية كانت سراباً في الصحراء، بل إن الرجل يتأمل بعين لا تغشاها الأوهام ذلك الاصطفاف الواسع المعادي له والمكون من طاقم أمبدة وتيار “أبو سبيب” وغالبية قواعد الحزب.
لم يقدم “الحسن” شيئاً محسوساً للحزب والوطن من خلال مشاركته في السلطة، ولم يكسب ثقة القصر وأصحاب التدابير في الحكومة، فقد كانت ماثلة للعيان نبرات العطف والاستخفاف على حزبه وعبارات الإخفاق على مسلكه السياسي.. فهل يمكن أن ينال جواز المرور في حكومة ما بعد الحوار الوطني إذا قدر للاتحادي الأصل المشاركة في تلك المرحلة القادمة؟
كان يفترض أن يستقيل “الحسن الميرغني” من القصر بعد التقييم الرئاسي السالب حول أدائه مشفوعاً بخذلان أنصاره، كما تنبأ بذلك القيادي “أحمد السنجك”، الذي كان يقرأ من كتاب مفتوح، يضاف إلى ذلك فشل مشروعه السياسي إذا لم نقل إنه لا يملك مشروعاً سياسياً، علاوة على مؤثرات الاصطفاف الكبير المخالف له من بني جلدته في الحزب.
في الاستقالة يكمن تفادي الكوارث والخطوب التي يمكن أن تحدث في المستقبل.. بل الاستقالة هي قلادة من التحضر والرقي في عالم السياسة!