عابر سبيل
التوقيع ثم التوقيع .. على خارطة الطريق!!
ابراهيم دقش
قد لا يذكر الإمام “الصادق المهدي”، لأنه عادة يتذكر ما يريده، ويغفل عمداً ما لا يرضاه إذا كان متعلقاً به.. قد لا يذكر في قمة أديس أبابا الأفريقية في 1986 بعد ما سمي بانتفاضة أبريل 1985 التي أتت به رئيساً للوزراء.. ففي تلك القمة كان متوقعاً أن يكون أول رئيس دولة أو حكومة يطلب عقد مؤتمر صحفي في رحاب منظمة الوحدة الأفريقية، لكن مبعوثه صديقنا “عبدالعزيز البطل”، قصدني في الساعة الرابعة والعشرين بعد انفضاض سامر القمة ليطلب عقد مؤتمر صحفي لرئيس وزراء السودان.. فأفهمته أن عقد المؤتمر الصحافي في قاعة أفريقيا لم يعد وارداً، وبالتالي – وكسوداني – سأحوله إلى الأمانة العامة لمنظمة الوحدة الأفريقية، وسيبدو مختلفاً فوافقني.. ونسيت في غمرة “سودانيتي” أن أخطر الأمين العام الذي هاتفني محتجاً: كيف لرئيس وزراء دولة عضو يدخل مبنى المنظمة ولا أكون في استقباله؟.. ولأنه – رحمه الله – كان من النيجر ومسلماً ومتعاطفاً معي، فقد قرر الحضور للترحيب “بالإمام”.. وقد لا يذكر “الإمام” أنه لم يشكرني حتى على تنظيم المؤتمر الصحفي لاعتقاده بأنه من واجبي أو من حقه.. بل سألني في صلف – وأنا إلى جواره – إن كانت السودانية المرتدية للثوب هي “بخيتة أمين”، فرددت عليه بمثل سؤاله بأنها هي، وإنما حضرت المؤتمر الصحفي لكونها “زوجتي”.
وكي لا أنسى فالسيد “الإمام” وهو في أثواب رئيس الوزراء خاطب القمة الأفريقية تلك وظن أنه يكسبهم: “لقد اختطفت بلادي لستة عشر عاماً”.. وهمس في أذنه سفير السودان في أثيوبيا وقتها العميد (م) “ميرغني سليمان خليل” ابن أخ الأميرلاي “عبدالله خليل” وزوج (ابنته).. بأدب شديد:.. يا سيدي “الصادق” هل فات عليك أن من تخاطبهم معظمهم مختطفون للسلطة في بلدهم؟..
لقد رأيت السيد “الإمام” في الأجهزة يجالس ثابو أمبيكي – الوسيط في الشأن السوداني- وكأنما يملي “شروطاً” أو يطرح نقاطاً توافقية، وإلا لماذا الإعلان عن الاجتماع نفسه بالصوت والصورة؟.. لا بد أن “الإمام” يدرك أن “أمبيكي”، السياسي المحنك والمناضل الأفريقي المرموق، لا تفوت عليه “المناورة” حتى أذكاها وأعتاها.
ونهار (الاثنين) الماضي في التلفزيون القومي سألوني إن كانت مجموعة (قوى نداء السودان بباريس) ستوقع على خارطة الطريق فقلت لهم بكل الصدق إن المجموعة واجهت ضغوطاً شديدة من الغرب، ولكنها لن تعترف بالإذعان، وإنما ستلجأ إلى “اللف والدوران” لتبرير قبولها بالتوقيع على خارطة الطريق.. ترى هل أخطأت؟