حوارات

"محمد يوسف كبر" ،المعلم ، لاعب هلال كوستي والفاشر ، السابق، في حوار مختلف

 أعتز بانتمائي لقبيلة المعلمين.. ومهارات التدريس أفادتني في إدارة شؤون الحكم
إذا أحببنا بلادنا سنتوحد تلقائياً ونتجاوز الخلافات  والجهويات 
انجذب للحقيبة وأستمع للفنان العملاق الراحل المقيم “عثمان حسين” والفنان القامة “عبد الكريم الكابلي”
حوار – عامر باشاب
الأستاذ “محمد يوسف كبر” القيادي بالمؤتمر الوطني  الوالي السابق لولاية شمال دارفور، من الشخصيات القيادية التي استمدت تميزها في الإدارة ونجاحها في العمل العام من الكاريزما التي يتمتع بها، بالإضافة إلى المهارات التي اكتسبها من مهنة التعليم. لهذا ولكثير غيره ومع بداية العام الدراسي، كان لابد لنا أن نتجاذب معه أطراف الحديث عن تجربته في حقل التعليم، وما قدمه من إضافات لهذا القطاع أبان فترة قيادته لدفة الحكم بولاية شمال دارفور.
{ كان مدخل حوارنا معه عن بداية علاقته مع مهنة التعليم؟
–    رد قائلا: هي علاقة قديمة منذ أن كنت تلميذاً حين أحببت العديد من المعلمين الذين تتلمذت على أيديهم، وفيما بعد تأثرت بهم وكانوا قدوتي عندما التحقت بسلك التعليم.
طبعاً نحن نعتبر آخر دفعة في المرحل الأولية التي تحولت إلى الابتدائية.
{ وبمن تأثرت؟
–    مجموعة من المعلمين الذين تعلمت على أيديهم بمدرسة (طويشة الأولية) منهم الأستاذ “حبيب عبد الرحمن” والأستاذ “عبد الله أحمد جفون” والأستاذ “إمام الدين ضو البيت” والأستاذ “محمد عبد الله الفكي”.
{ هل خططت لتكون مدرساً؟
–    أبداً.. وأول وظيفة امتهنتها كانت موظفاً في البلدية، وهذه الوظيفة وفرها لي مجلس إدارة نادي هلال كوستي بعد أن وقعت في كشوفاته كلاعب وسط، وطبعاً قبلها كنت ألعب في فريق هلال الفاشر، وتم الاتفاق للعب لهلال كوستي عن طريق أخي الأكبر “محمد الأمين محمد يوسف كبر”، وبعد عدة شهور من انضمامي لهلال كوستي وتسلمي لوظيفتي كاتباً في البلدية ذهبت إلى قضاء إجازة (عيد الفطر) مع الوالد والدة في منزلنا بـ(طويشة)، وعندها قدرت حاجة الوالد والوالدة أن أبقى معهم وجدت نفسي مضطراً لإنهاء تعاقدي مع نادي (هلال كوستي)، وبالتالي تركت العمل ببلدية كوستي كان ذلك في العام 1980م، وفي هذه الأثناء قدمت أوراقي للعمل كمعلم بالمرحلة المتوسطة وسرعان ما تم تعييني معلماً بمدرسة (طويشة الثانوية بنين) في نوفمبر 1980م
{ما هي المادة التي كنت تدرسها؟
–    بدأت بتدريس ثلاث مواد (اللغة العربية)، (الانجليزية) و(الجغرافيا).
{ ما هي المادة الأقرب إلى قلبك؟
–    (اللغة العربية) خاصة (الأدب). 
{ وهل وجدت نفسك في مهنة التدريس؟
–    من البداية ارتحت لها وتأقلمت سريعاً مع أجواء التربية والتعليم وبتوفيق من الله عز وجل، وأذكر أننا  ونحن مازلنا معلمين تحت التمرين مدرستنا (طويشة الثانوية) طلعت الأولى على مستوى المنطقة، وبسبب ذلك ابتعثنا في العام 1983م إلى معهد (بخت الرضا) بـ”الدويم” لتلقي فترة تدريبية، وهناك تعمقت صلتي بالتربية والتعليم، وهناك أيضاً واصلت ممارسة هوايتي في كرة القدم، وسجلت لأشبال فريق الدويم.
{ في ذلك الوقت كيف وجدتم (بخت الرضا)؟
–    (بخت الرضا) كانت في عز توهجها كمنارة علم ومؤسسة تربوية أكاديمية، تضم عمالقة التربية والتعليم، هناك وجدنا وقتها الأستاذ المربي الجليل “أحمد حاج علي” عميد المعهد والأستاذ “عباس أحمد الريح” مسؤول عن شعبة (اللغة العربية)، وهناك أيضاً وجدنا من الزملاء “محمد مصطفى الكردفاني”، وكان يعمل في مدارس وسط دارفور، و”نجم الدين علي” من النيل الأبيض، والأستاذ “حسين” من منطقة (برام)، والأستاذ إبراهيم الحاج من منطقة (تلس)  وغيرهم.
{ نعود بك إلى دارفور.. هل يوجد في صفوف حركات التمرد بعض من الطلاب الذين قمت بتدريسهم؟
–    هنالك مجموعات كبيرة من الشباب في المناطق حول (طويشة) حملوا السلاح وانضموا للحركات المسلحة، وبعضهم استجابوا لنداء السلام وعادوا للوطن تقديراً  لعلاقتي بهم كمعلم، أذكر منهم على سبيل المثال “أحمد إسماعيل” (عاد من حركة مناوي)، و”فيصل بوش” و”إبراهيم التجاني إبراهيم”، والأخير عاد وعمل معي وكان ضمن فريق الحرس الخاص بالوالي عندما كنت والياً لشمال دارفور.
{ ما اكتسبته في مهنة التدريس وأفادك عندما أصبحت والياً؟
– أولاً أعتز جداً كوني انتمي إلى قبيلة المعلمين (المدرسين)، وبكل تأكيد استفدت كثيراً من مهارات التدريس خاصة فيما يتعلق بالخطابة، واستعنت في ذلك بالحكم الموجودة في الشعر العربي والبلاغة والأمثال وغير ذلك من ما تتضمنه (اللغة العربية)، على العموم تجربتي كمعلم أفادتني كثيرًا في العمل العام بالتحديد في  إدارة شؤون الحكم بحكومة ولاية شمال دارفور.
{ ما هي الإضافات التي قدمتها للتعليم إبان تقلدك الحكم بولاية شمال دارفور؟ 
–    من أبرز الانجازات التي حققناها هي إعلاننا لنفير التعليم في كل أنحاء الولاية، وجاءت النتائج مبشرة  عبر تحويل بناء المدارس من المواد المحلية (القش والحصير) إلى المواد الثابتة (الطوب والأسمنت)، حيث قمنا بتشييد أكثر من ألف فصل دراسي في مختلف المراحل، بالإضافة إلى تأسيس عدد كبير من المكاتب وتحسين البيئة الدراسية عبر توفير الأثاثات المدرسية وتوفير الكتاب المدرسي، وبجانب تعيين مجموعات كبيرة من المعلمين والمعلمات، كذلك أنشانا الفصول الالكترونية.
{ ما الذي لفت انتباهك في مجال التعليم بشمال دارفور؟
–    صبر المعلمين وتمسكهم برسالتهم، وارتباطهم  بمهنتهم، وحرصهم على التربية والتعليم، وما يدل على ذلك أذكر أن رواتب المعلمين في عدد من المحليات شمال دارفور كانت تتأخر ثمانية عشر شهراً ورغم ذلك كانوا يواصلون في تأدية واجبهم بكل همة ونشاط.
{ في اعتقادك ما هو الشيء الذي افتقده التعليم في الوقت الحالي؟
–    الآن صار كل جيل يتعصب لزمانه، وهناك من ينظرون إلى أن التعليم في عهدهم كان في قمة مجده وتوهجه، آخرون يرون غير ذلك مثلاً جيل الستينيات وجيل السبعينيات والتسعينيات كل منهم يرى أن التعليم كان أفضل في زمانهم والمنهج كان أقوى من المناهج الحديثة، ولكن في قناعاتي الخاصة لكل جيل زمانه لكل جيل تميزه، وفي اعتقادي أن المنهج التعليمي الآن جيد جداً ومواكب لعصر التطور مثلما كانت المناهج في أزمان ماضية مناسبة لتلك العصور، ومنهج اليوم كما ذكرت مواكب فقط يحتاج للمسات المعلم، وهنا أذكر بأن نجاح رسالة التعليم تتم عبر شراكة ذكية بين البيت والمدرسة والمجتمع.

{ أمنية في الخاطر؟
–    إن كانت هناك أمنية وحيدة، فهي أن تعود دارفور لسابق عهدها أرض العلم والعلماء وبلد الأمان والاستقرار.
{ عادة لم تتخل عنها منذ أن كنت معلماً؟
–    اصطحاب الكتاب في حلي وترحالي حتى في الطائرة رفيقي الكتاب، وأيضاً بحمد الله وفضله لم انقطع عن الورد اليومي من القرآن الكريم.
{ مطربون تسمع لهم؟
–     أميل للاستماع لأغنيات الحقيبة، ولذلك تجدني انجذب لسماع كل مطرب يردد أغاني الحقيبة، ومن جيل الرواد أحب سماع أغنيات الفنان القامة الراحل المقيم “عثمان حسين” والفنان القامة “عبد الكريم الكابلي” متعه الله بالصحة والعافية ورد غربته.
 
{ رسالة لمن توجهها؟

الرسالة الأولى للمعلمين:
أقول لهم فيها أنتم حملة مشعل النور وصناع الأجيال
 والتغيير والإصلاح الذي تنشده الشعوب الآن لن يتم إلا بجهدكم أنتم رسل العلم والمعرفة، وأناشدهم على الحرص على تربية أبنائنا تربية الوطنية وتنشئتهم على (حب الوطن).

الرسالة الثانية أوجهها لكل السودانيين:
وعبرها أدعوهم دعوة صادقة لمراعاة مصالح الوطن وتقديمها على المصالح الذاتية، وهذا لن يتحقق إلا من خلال انتماء حقيقي للوطن الكبير السودان وحبنا له، وحب الوطن من الإيمان، وإذا أحببنا بلادنا سوف نتجاوز الخلافات والجهويات، وسوف نتوحد بصورة تلقائية  ونعمل بيد واحدة لنهضة السودان.
 
كلمة أخيرة؟
–    أشكركم على هذا اللقاء، وأتمنى لكم دوام التقدم والنجاح والتميز.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية