المشهد السياسي
وليس (نداء السودان) وحده..!
موسى يعقوب
نداء السودان – جسم اعتراضي فكري وسياسي اعتمدته أحزاب المعارضة كياناً جامعاً لها وموحداً رغم ما يعتريها من خلافات وأمزجة في الرأي والأسلوب والعمل مع الآخر.
قبل أيام وقبل انعقاد الاجتماع الذي كان مزمعاً مع الآلية الأفريقية في “أديس أبابا”، صرح الإمام “الصادق المهدي” ويعد القيادة الأولى في النداء قائلاً:
– نداء السودان هو الكيان غير المتماسك لإقامة نظام جديد.. غير الحوار أو الانتفاضة..!
وذلك ما يعني أنه على غير اتفاق مع الكيانات التي شكلت النداء وشاركت الإمام في مسيرته من قبل.
وكون كيان (نداء السودان) مفكك وغير مؤهل للقيام والذي من واجباته العمل من أجل نظام جديد عبر الحوار أو الانتفاضة، ليس بعيداً عن الحقيقة ذلك الأحزاب وهي أحزاب “ميناوي” و”خليل” وممن معها اجتمعت وقررت ضمن ما قررت في شأن الحفاظ على وحدة النداء.. أي عدم تفككه ونهايته كآلية للعمل السياسي.
وهذا في شأن المعارضة أمر جيد غير أن التنافس على المراكز القيادية ربما يظل مستمراً.. فالسيد الإمام “الصادق” على سبيل المثال ظل منذ نشأته السياسية وإلى الآن لا يقبل أن يكون غير صاحب المركز الأول.. هكذا كان الأمر في منتصف الستينيات قد رفع الراية ضد عمه الإمام “الهادي” وكل الأوقات الأخرى وإلى اليوم.
وبالرجوع إلى ما قال “المهدي” عن النداء يمكن أن يقال عن حزب الأمة القومي الذي تعاد (سمكرته) ومراجعة وحدته السياسية.
ففي الأيام القليلة الماضية وهو في الخارج وربما (بإشارة إلكترونية) أمر بعودة الدكتور “مادبو” وجماعته والدكتور “إبراهيم الأمير” رغم الخصومة التي طالت ومن أسبابها الحاجة لإعادة بناء أجهزة الحزب الإدارية ونظم اتخاذ القرار الذي في إجماله فردي يتفرد به السيد الإمام.
وقد تجلى ذلك تاريخياً في رحيل السيد “بكري عديل” وغيره وفي (غيبوبة السيد “عبد الرحمن نقد الله” التي طالت) وسبقتها مذكرة مشهودة للسيد رئيس الحزب وزعيمه .
إن المشكلات والاختلافات في الأحزاب الأخرى كثيرة ولم يخلُ منها حزب تقريباً وبخاصة حزب المؤتمر الوطني والحزب الشيوعي السوداني الذي يعاني الخلاف فيه الآن شأن بيد أن الأمل في قيام الحزب لحسم الإشكال كما في (جماعة الإخوان المسلمين) التي حسم مؤتمرها العام قضية سيطرة الأمين العام السابق على اتخاذ القرار وأتى المؤتمر بأمين عام جديد هو الدكتور “الحبر نور الدائم” حفظه الله وبارك في جهده السابق والحاضر.
وعوداً إلى حزب الأمة القومي وإعادة (سمكرته) وهيكلته التي تجري وأقصي منها السيد “مبارك الفاضل” الذي جمع قبل أسابيع بعض أعضاء حزبه الفرقاء من أجل وحدة حزب الأمة القومي، غير أن الذي بين السيد الإمام و”مبارك” هو أمر صعب وربما للغاية.
فالسيد “مبارك المهدي” والذي هو من البيت المهدوي لديه من الخبرة السياسية والعلاقات الخارجية الداخلية ما يؤهله للمنافسة في مركزية القرار التي (طبع) السيد الإمام عليها وتحفه بها أنشطة وجهود الدكتورتين “مريم الصادق المهدي” و”سارة نقد الله”، الأمر الذي جعلها في نظر الآخرين مقربتين للغاية من السيد الإمام.
عليه، والحال كذلك، فالسيد الإمام “الصادق” رغم إماميته ومركزيته وسمعته السياسية السودانية والخارجية يكيل على السيد “مبارك” عبارات عدم الرضا بلا رحمة.
ففي عام 2003م، عندما كان الخلاف وانشقاق “مبارك” قال إنه (أوراق شجر تساقط..!) وبالأمس عندما تم الصلح مع بعض الأطراف قال السيد الإمام عن “مبارك” إنه (عميل للنظام..!) وقد لا يكون التعبير هكذا بل أخف قليلاً لأن “مبارك” عملياً مفتوح على الرأي العام والحزب والأحزاب الأخرى فهو رمزية سياسية لها احترامها.
نسأل الله التوفيق على كل الحال فـ(نداء السودان) ليس وحده الذي يعاني من المشكلات وإنما الآخرون أيضاً.