الموت يغيب الصحفي والشاعر والإعلامي "سعد الدين إبراهيم"
وتاني زول جميل رحل
الخرطوم ــ محمد جمال قندول
غيب الموت فجر أمس (الخميس) الإعلامي والشاعر الصحفي وصاحب الروائع العملاق والرمز “سعد الدين إبراهيم” بعد مسيرة وسيرة عطرة، وذلك إثر ذبحة صدرية بجانب ارتفاع في السكر حيث لفظ أنفاسه الأخيرة، قبل أن يصل مستشفى البراحة في الرابعة من صباح أمس، ووري جثمانه الثرى في الثامنة صباحاً بمقابر صواردة بالحلفايا .
وعقب سماع نبأ رحيله الذي انتشر كالنار في الهشيم خاصة لما يمتلكه الرجل من عشاق وجماهير لكتاباته الشعرية والصحفية، تقاطر الآلاف من محبي الرجل إلي منزله بالحلفايا لتقديم واجب العزاء. وكان في مقدمتهم النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية “علي عثمان محمد طه” ووزير الثقافة الاتحادي “الطيب حسن بدوي”، ومدير عام قوات الشرطة الفريق أول “هاشم عثمان” ومدير شرطة ولاية الخرطوم الفريق “محمد أحمد علي”، ولفيف من الدستوريين والتنفيذيين وأهل الفن والإعلام. واستقبل رئيس مجلس إدارة (المجهر) والمدير العام لقناة الخضراء الأستاذ “الهندي عز الدين” وأسرة الصحيفة، بجانب نجلي الراحل “محمد” و”إبراهيم”، جموع المعزين الذين توافدوا لتقديم واجب العزاء في الفقد الجلل.
تفاصيل اللحظات الأخيرة للرجل
تفاجأت الأوساط برحيل الراحل خاصة وأنه لم يكن يشكو من مرض، وبدا الحزن واضحاً بمعالم الوجوه التي توافدت للعزاء خاصة قبيلة الصحافيين والفنانين والشعراء وهم يذرفون الدمع السخين، وفي مقدمتهم رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الأستاذ “فضل محمد”، الفنان “عبد القادر سالم”، “محمد ميرغني”، والفنان “الطيب مدثر” والفنان “عمر إحساس” وغيرهم كثر. فيما كان أبرز الحضور من قبيلة الإعلاميين مدير قناة النيل الأزرق “حسن فضل المولى” ومدير الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون “الزبير عثمان” وعدد كبير من الصحفيين والعاملين بالحقل الإعلامي.
وكشف نجل الراحل “إبراهيم” لـ(المجهر) بأن والده عاش ليل أمس الأول بصورة طبيعية وكان يتسامر معهم وخلد إلى النوم بالمساء، قبل أن يستيقظ بضيق في النفس بالثالثة من فجر أمس (الخميس)، ليتم إسعافه إلى مستشفى البراحة ولكنه فارق الحياة وهو في الطريق .
توقيعات على دفتر الرحيل
وعبر الفنان “الطيب مدثر” عن عميق حزنه على الفقد الجلل. وقال إنهم افتقدوا الرجل سائلاً المولى عز وجل أن يتقبله قبولاً حسناً ويجعل البركة في آله ومحبيه، بقدر ما أبدع وأثرى الوجدان السوداني من خلال كتاباته الشعرية التي خلد جزء كبير منها في شكل أغنيات وكتاباته الصحفية.
أما شاعر العيون “عبد الله النجيب” فقد أكد لـ(المجهر) بأنه جاور الراحل في العديد من المساكن بجانب عشرته الطويلة التي تجعل من الصعب وصفه. وأضاف خلال حديثه أن الراحل قدم تجربة شعرية وإعلامية متميزة، حيث ظلت وستظل معلماً بارزاً في حياته.
الشاعر والطبيب “عمر محمود خالد” بدوره تحدث لـ(المجهر) معدداً مآثر الراحل، معتبراً أن الحديث عن الراحل صعب لكونه رجلاً شاملاً، شاعر ومعد برامج وكاتب صحفي. وأضاف بأن “سعد الدين” لم يكن رجلاً عادياً، مشيراً إلى أنه كان محظوظاً بالتعرف عليه مطلع السبعينيات ومنذ ذلك الزمان ظل صديقاً عزيزاً له. وأضاف قائلاً: (اليوم إذ نفتقده نفتقد شخصية مجتمعية مرموقة قدمت وأثرت وأجزلت في العطاء)، فيما عبر الفنان القدير “محمد ميرغني” عن حزنه الشديد على الفقد الكبير لرجل قدم الكثير للساحة الفنية والإعلامية، من خلال عطاء كبير استطاع من خلاله أن يؤسس لقاعدة جماهيرية كبيرة .
الدرامي “جمال عبد الرحمن” عبر بدوره عن حزنه، مشيراً إلى أنه شخصية لا تعوض وتميز بالكتابة الشعرية والدراما وإعداده للبرامج، وأنه تعرف عليه عن طريق شقيقة الراحل “سهير”.
آخر قصيدة كتبها الراحل
بخة لبن ما قلنا شي
رقصة عروس ما قلنا شي
اسلوو عديل ما قلنا شي
لكن كمان وصلت قُبَل
قدام عيون الحاضرين
ورجال يهزو مبشرين
وحريم يزغردن الفرح
ساونو قالوا عديل وزين
ومصورين والشغلة
صبحت عادي كيف
يا ربي ماشين نحنا وين
الناس دي عدمت من حياء
وجواها مسكون بالعياء
البت وأخوها مجكسين
الأم وأبوها مهللين
والصالة ضجت بالفرح
وأنا كنت في الركن البعيد
قاعد أعاين في المناظر
الغنوة سيدة المنابر
والجوع ده كافر
الجاي كان قصدو العشاء
ضربلو كوكتلين مشي
والجاي شان خاطر فتاة
باركلها الفرحة ومشى
وفنانا يا بارد الحشاء
الغنوة كلها كلمتين
والباقي موسيقى وطبل
ورقصة نواعم وهزتين
ويا ربي ماشين نحنا وين
عاداتنا ما عادت يهن
وقيمنا فاقدات الوزن
دولارنا كيفن ما يزيد
ما دام سفهنا بقى الرصيد
هملنا إرضاء ربنا
شان نرضي لي خاطر العبيد
وأنا دار أقول لسع كلام
هل في زمنكم من مزيد
جور الحكم سعر المواد
الزايدة كل صباح جديد
مما كسبنا بيدنا
مذكورة في اللوح المجيد
بس نحنا لسه مودرين
وموردين
الاستلاب الأصلي شين
وأصبحنا نحنا مقلدين
وبقت الخيانة نشوفه عين
الزوجة بتواعد حبيب
والزوج مجرور مرتين
الأولى من سوق الطلب
والتانية من طلبات ودين
والأسرة عقدها انفرط
ما تقولوا يا رب يا معين
البت دي عادي بقت تجي
شق الصباح من نادي وين
لا زول بيسالة كنتي وين
ما طال وفرت المعين
أكياس فواكه واللبن
والباسطة واللحم السمين
قلب الرجال المات زمان
والأم مواقفة زايدة لين
وعادي بيعزموك قهوة هم
ممكن تجونا مقيليين
حاجات تحير يا خلوق
في كل صباح واقع مشين
يا رب إذا سفهاء الوطن
خلونا نحنا مشتتين
سامحنا ما تنزل عذاب
بي أسبابهم الما مؤمنين
واستغفر الله من ذنب
ساهمنا فيهو مقصرين.