رأي

مسألة مستعجلة

عندما يلوِّح الوزير بالاستقالة!
نجل الدين ادم
وقائع عملية شد وجذب في قبة المجلس الوطني أمس (الأربعاء) حول مبادرة (معاش الناس) التي تقدم بها البرلمان اضطرت وزير المالية السيد “بدر الدين محمود” للتلويح باستقالته.
المبادرة التي قدمها رئيس اللجنة الاقتصادية بروفيسور “أحمد مجذوب” مثار الخلاف بين الوزير والبرلمان هي عبارة عن ورقة عمل تمثل خلاصة عصارة أفكار خبراء ومختصين أراد البرلمان أن يستبق بها الموازنة العامة للدولة لتكون أساس وهادي لها، بحيث يكون الهدف الأهم والأساس في الميزانية القادمة هو (معاش الناس) في ظل الغلاء الفاحش في الأسعار، وقد أراد البرلمان لهذا المقترح أن يأخذ حظه من النقاش المستفيض وأن تقول وزارة المالية بوصفها الولي على المال العام كلمتها، ولكن يبدو أن إحساس رئيس البرلمان أن وزير المالية قد قلل من جهد البرلمان اضطره أن يضعه في خانة التوبيخ ولفت النظر بصورة حادة وهو يرده عليه، الأمر الذي جعل الوزير يغضب ويلوِّح باستقالته من الوزارة وعدم العمل بها مرة أخرى بعد تمرير الموازنة العامة، لكن رئيس البرلمان بروف “إبراهيم أحمد عمر” كان له بالمرصاد وهو يمنحه درساً في التدابير الدستورية وهو يقول له: (الاستقالة ليست مكانها هنا)!.
ملامح هذا النقاش والوزير يحاول أن يغيِّر من مفهوم النواب في أن زيادة المرتبات ومعاش الناس، وأنه ينبغي عليهم أن لا يرفعوا سقف التوقعات والطموحات للمواطن، شكلت عدم رضا من نواب البرلمان ورئيسه ينتصر لهيبة المجلس وهو يتعامل بصرامة مع حديث الوزير، والذي اعتبره بعض النواب مستفزاً وفيه عدم تقدير لمبادرة البرلمان والذي دائماً ما تكون كلمته هي النهائية في تمرير الموازنة من عدمه.
اعتقد أن ما جرى في البرلمان يوم أمس تمرين ديمقراطي حقيقي حاول فيه رئيس المجلس أن يعطي الجهاز التنفيذي في شخص الوزير درساً مجانياً أن المجلس الوطني يملك من السلطات والصلاحيات التي ينبغي أن تُحترم وأنهم لم يأتوا ليبصموا على الموازنة كيفما جاء بها الجهاز التنفيذي.
بيد أن قلة تجربة السيد وزير المالية في الجهاز التنفيذي جعلته يتعامل مع الهيئة التشريعية بما لم ترضه من أسلوب، وليته اكتفى بذلك، لكنه وقع في خطأ آخر وهو يخفق إخفاقاً كبيراً عندما لوَّح باستقالته في غير موضعها.
الوزير يعرف أن الاستقالة مكانها رئاسة الجمهورية، وأن الاستقالة لا يلوِّح بها في وجه البرلمان صاحب السلطة التشريعية لإخافته، لأنه كجهاز يملك من السلطة التي تمكنه من سحب الثقة من الوزير بدلاً من أن يستقيل هو إذ ما أحس أن هناك إخفاق يستحق، أرجو أن يعيد الوزير القراءة في هذا الموقف فسوف يكتشف الكثير، والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية