حوارات

د. قطب المهدى ينفجر فى فضاء المجهر (2-2)

عشت في أمريكا وعنفها الدولي موجود في حياة الناس العاديين
 صدمني “الترابي” بقوله (لا أثق في قدامى الدبلوماسيين بوزارة الخارجية فهم إما فاسدون أو عملاء) فأدار الوزارة من بيته
المعارضة المصرية هي من دبر محاولة اغتيال “حسني مبارك” ونحن أبرياء
أبعدوني بسرعة عن جهاز المخابرات.. وهذا رأيي بصراحة في “صلاح قوش”
المؤتمر الوطني حزب ديمقراطي قومي وله مؤسسات ويعقد اجتماعه أسبوعياً
حواره – صديق دلاى
  { جئت للإنقاذ قادماً من أمريكا فكيف وجدتها آنذاك؟
– عشت في أمريكا من 1977 إلى عام 1992، وميزة الولايات المتحدة أنها بلد غنية جداً والعنف الدولي موجود حتى عند الناس العاديين، وكنت دائماً أتوقع اعتداء.
 { كيف وجدت الإنقاذ وهي بنت الثلاث سنوات؟
– كنت متفائلاً جداً وافتكرت أن الإسلاميين منظمين وسيديرون الدولة بشكل مميز.
 { حينما دخلت المطار آنذاك.. ما الذي لفت نظرك من شعارات؟
– كنت أقرأ شعارات أعرفها جيداً، وكنت أعرف أن ثمة تغييراً مهماً سيحصل.
 { ومن المطار؟
– من المطار قابلت فوراً دكتور “الترابي” أسأله عن المطلوب مني بالضبط فقال لي: هل قرأت الإستراتيجية الشاملة؟ وسألته أكثر عن دوري المرتقب في وزارة الخارجية، فصدمني حينما قال لي: (إنني لا أثق في قدامى الدبلوماسيين بوزارة الخارجية فهم إما فاسدون أو عملاء)، وقرر معي أن ندير العمل الخارجي بعيداً عن وزارة الخارجية.
 { وأنت قادم من بلد المؤسسات؟
– نعم.. أزعجني جداً كلام “الترابي”، لكنني قدرت كلامه بظروف الشرعية الثورية.
 { ما هو رأيك حول قدامى الدبلوماسيين آنذاك بوزارة الخارجية.. إما فاسدون أو عملاء؟
– كلامه صحيح ولحد بعيد، وكان التخلص منهم ضرورياً وأنا أعرفهم منذ الثانوية العامة والجامعة.
 { وكيف سارت الأمور بصدد السياسة الخارجية؟
– كانت تدار من بيت “الترابي”، لكن بعد المفاصلة بذل الرئيس “البشير” جهوداً كبيرة لإعادة نظام العمل.
 { هل تعتقد أن إيران مظلومة في الملابسات الأخيرة مع الخرطوم؟
– مظلومة جداً، والسودان لم يفهم إيران وتوقعوا أكثر ما تستطيع أن تقدمه وللأمانة قدم الإيرانيون للسودان من 93 وحتى 96 ما لم تقدمه لنا أية دولة أخرى، ودافعت عنا في كل المنابر الدولية. 
 {  كنتم بتفكير واحد هو تمكين الإسلام السياسي؟
– وحدنا ظلم الشاه وظلم “النميري”.
 { البعض يتحدث عن إيران بمتلازمة انتشار المذهب الشيعي؟
– (مافي كلام زي دا) ومافي أي خطر شيعي، وقلت للملحق الإعلامي حتى تبتعد عن الشبهات تحدث عن السجاد الفارسي و”حافظ الشيرازي” واعمل مهرجان لـ”النيروني” وأثره في الحضارة العالمية، وابعدوا عن مواضيع العقيدة، السيدة “عائشة” والصحابة.
 { يقال إن نصف طهران لا تصلي؟
– عادي جداً وممكن تجد من (10) يصوم واحد فقط، ولا توجد مساجد في إيران والصلاة في إيران ثلاثة أوقات فقط، وكل الحياة علمانية جداً سوى يوم عاشوراء وهو مثل ميلاد المسيح تماماً.
 { وفي إيران وحدة وطنية عجيبة؟
– طبعاً دا صحيح مية مية، وذلك بسبب الخلفية الفارسية، فحتى المعارضة تلتقي في نقطة الموقف من ضرورة امتلاك إيران للسلاح النووي.
 { هل تمت مشاورتك في القطيعة الأخيرة مع طهران؟
– (لا.. ما شاوروني ولا حاجة).
 { كنت مديراً للمخابرات السودانية؟
– نعم، وجئت في فترة استثنائية جداً بعد محاولة اغتيال “محمد حسني مبارك”، جهات معينة (لبسوها) في السودان، وتوترت العلاقات مع إثيوبيا ومع مصر وإريتريا، وكان وضعاً مزعجاً فقرر الرئيس إجراء تغيير عميق في الجهاز.
 { لماذا ذلك التغيير بعد حادثة محاولة الاغتيال؟
– لأن الجهاز لم يكن لديه أي علم بمحاولة اغتيال “حسني مبارك”، وكان الجهاز فعلاً في وضع لا يحسد عليه.
 { قلت إن الجهاز كان في وضع لا يحسد عليه؟
– نعم، لأنه كان بدون قيادة وكل قياداته أبعدت، وكان أصلاً من زمن “النميري” (ما مواكب) عملت تعديلات بنيوية وأصدرت قرارات إصلاح شامل، وخلال ثلاث سنوات استطعت إعادة العلاقات مع إثيوبيا.
 { نحكي شوية عن تلك الثلاث سنوات؟
–  كنت أركب طيارتي كل فترة وأقابل “ملس زناوي” الذي حكى لي سوء الأوضاع، وأن جماعته غاضبون جداً على السودان، وأن هناك شعوراً عدائياً، وذكر لي بالحرف: (أتعهد بحاجة واحدة وهي أنني لن أنسى السودان إطلاقاً)، وفي الثلاث سنوات لم يكن مسموحاً لي مقابلة سوى “ملس زناوي” وانفرجت الأحوال وقابلت نظيري رئيس المخابرات، ورتبنا زيارة السيد الرئيس وانتهت الأزمة.
 { ومصر؟
– كنا شغالين مع الراحل “عمر سليمان”، وكان ذلك زمن ظهور أزمة “حلايب”.
 { ومن الذي قام بترتيب وتنفيذ محاولة اغتيال “حسني مبارك”؟
– (دي المعارضة المصرية) وبعض من (الأولاد)، زاروا السودان وبعض الأسلحة نقلت عبر السودان، وهؤلاء الشباب أصلاً كانوا في أفغانستان.
 { لكن الراحل “الترابي” قال كلاماً واضحاً ومختلفاً أيضاً مما تقوله؟
– ما قاله “الترابي” قاله في أيام التوتر.
 { ونحن أبرياء؟
– وحن أبرياء وكل ما قيل هو (كلام فارغ) ومن قالوه (ديل ناس فارغين وبس).
 { زي قصص كتيرة عن اغتيالات لـ”الزبير” و”مجذوب” و”إبراهيم”؟
– (كلام خارم بارم).
 { لكن فعلاً كان يأتينا غرباء؟
– البلد كانت مليانة ما يسمى بالأفغان العرب وكانوا يعتقدون أن السودان أصبح جاذباً لهم وفيه ألق، وكانت من أولى مهامنا إخراجهم من البلد.
 { بصراحة نقلة “صلاح قوش” في جهاز المخابرات كانت نوعية وشجاعة بل وغير مسبوقة؟
– “صلاح قوش” حارب الإرهاب وكان متعاوناً جيداً مع أجهزة المخابرات الأمريكية، لكني لا أعرف، هل هو إنجاز أو ما إنجاز.
 { ولكنك تعرف أن التعاون مع أجهزة المخابرات الأمريكية ليس إنجازاً مشرفاً على الأقل؟
– الأمريكان اعترفوا بأن السودان أصبح متعاوناً في محاربة الإرهاب.
 { وأنت ماذا فعلت في جهاز المخابرات؟
– أنا أبعدوني بسرعة، وما قمت به في التدريب والتأهيل كان واضحاً.
 { حاورت كثيراً من السياسيين وكان أغلبهم يحصر المخابرات في جمع المعلومات للجهاز التنفيذي فقط؟
–  حسب الظروف السياسية وطبيعة النظام وطبيعة السلطة  السياسية نفسها، ففي الحروب الأهلية يجب أن يسيطر الجهاز على كل شيء من أجل الاستقرار والبقاء.
 { وهذا الجزء الأخير حدث (مش كدا)؟
– أنت رأيك شنو؟!
 { الفساد ملون بلون الإسلاميين (بكل أسف)؟
– الفساد ما عندو دين والبلد من خفيرها لوزيرها غارقة فيه، وصار الفساد مثل السرطان لا يفرز بلون واحد أو جماعة في الحكم أو جماعة أخرى.
 { كيف تبكي على نهاية الخدمة المدنية؟
– (80%) من إجراءاتها تتم خارج مكاتبها.
 { الكلام مبهم؟
– الكلام واضح. وأي زول لازم يعترف بالقضية دي.
 { ما تعليقك على كلام السيد الرئيس بأنه لن يكون رئيساً للسودان في 2020؟
– دا شيء طبيعي من أجل أسرته وصحته وحياته الخاصة، وحتى ما كويسة في حق الشعب (حواء دي والدة يا جماعة).
 { لم تذكر الدستور؟
– طبعاً الدستور واضح.
 { (في الحقيقة أنت شايت وين)؟
– أنا حالياً أشرف على خمس منظمات طوعية، تسد زمني بالكامل.
 { والمناصب؟
– نهائي ما عاوز منصب تاني.
 { بحكم السن؟
– دا مؤكد (بحكم السن والقدرة على الحركة).
 { ما هو (الغلط) داخل الإخوان بشكل تاريخي وبشكل عام؟
– الإسلاميون (ما فيهم أي غلط) كما ترسمه أنت في سؤالك، (بس يتمسكوا بالمنهج).
 { إيران قدمت خمسة رؤساء خلال (26) عاماً؟
– ولكن عندهم رمزية تحدد كل شيء، ونحن ما عندنا تلك الرمزية (آية الله)، وإذا ابتدرنا نظام رئيس مجلس وزراء سيكون نظاماً جيداً.
 { لكن الشمولية شمولية؟
– المنصب كويس سيضيف تنوعاً.
 { بصراحة أي منصب (رئيس وزراء) كأنه مقاس الإمام وبس؟
– الإمام “الصادق” فقد سيطرته حتى على حزبه وأصبحت الإمامة بدون تلك النكهة الروحية الخاصة بأهلها، وزي ناس “مادبو” عادي يقولوا ليهو (أنت ذاتك شنو ما دام نحن الذين نأتي لك النواب).
 { في الإمام بريق لن ينتهي أبداً شئتم أم أبيتم؟
– نحن لا نتضرر من ذلك البريق.
 { سُرقت أموال وعملات أجنبية من بيتك وكان الكلام أكثر من مجرد سرقة أموال هائلة؟
– (سرقة بيتي دي زي الكلام حول اغتيال “غسان” بتاع مكتب الوالي السابق.. الناس تتونس بيها من فراغ تعيشه)
 { المهم ظلال خبر سرقة بيتك كانت (مزعجة شوية)؟
– أبداً والله، ما كانت مزعجة ولا حاجة، وببساطة كنت في العمرة سمعت بالسرقة وصليت ركعتين إن كان السارق بدافع الحاجة (أنا عافي منو).
 { لكن تنوع العملات هو مصدر الدهشة لدى الناس؟
– كلام فارغ.. أظنها شوية ليرات ودولارات وريالات غالباً ما تبقى معي مهملة لأنها بسيطة.
 { أسهل حاجة تنتقد حزب المؤتمر الوطني ولا أحد يرد عليك أو يشتكيك في اتهام؟
– هذه فعلاً ناحية إيجابية، وأكثر ما ضر المؤتمر الوطني وجود معارضة هزيلة ومشتتة وضعيفة.
 { لكنه ليس حزباً ديمقراطياً؟
– بل هو حزب ديمقراطي قومي وعندو مؤسسات ويعقد اجتماعه أسبوعياً.
 { “أمين حسن عمر” قال إن هناك قيادات ظهرت في المقدمة وسياق حديثه أنها غير مرغوب فيها؟
– (“أمين” دا بقي بيتكلم ساكت).
 { (إنتوا ليه ما بتحبوا الديمقراطية)؟
– الديمقراطية موجودة في حزبنا وعملنا انتخابات نزيهة.
 { انتخابات نزيهة؟
– أمريكا ذاتها ما فيها انتخابات نزيهة، ومن لا يملك المال لن يفوز.
 { بصراحة.. كم تبقى من بريق الإنقاذ الأولى؟
– (20%).
{ بأي لون تعيش الإنقاذ الحالية؟
– باللون الأصفر لون المرض والإنهاك (هذه حقيقة).
 { ووصفة العلاج من الدكتور “قطبي المهدي”؟
– أن نكون مسلمين كويسين وبس.. ودا كان فهمنا كدا من الأول.
 { كنت في الأول (غير)؟
– كان عندنا فرق فنية زي فرقة “نمارق” وبيننا فنانون تشكيليون ومسرحيون، وكنا نفهم الحياة العامة بأدوات ثقافية متقدمة ومن داخل حياتنا السودانية.
 { وين “نمارق”؟
– “نمارق” اختفت.. وقس على ذلك حجم الخسارات.
 { الجيل الأول (جيلكم) تقريباً اختفى من التفاعل والعطاء؟
– نعم، ويكفي أن تنظر لـ”علي عبد الله يعقوب” ومبادراته الثقافية، كان رجلاً ملهماً.
 { ما الذي خسرته طوال مسيرة العمل العام؟
– نحن ما بنعرف خسارة، هي تضحيات من أجل مبادئ.
 { يساري يجهرك ببريقه؟
– مافي والله.
 { المنصب في انتظارك؟
– لا.. لا.. بقيت ما فاضي لمنصب (وقلت ليك الكلام دا).
 { كنت كاتب بـ(الانتباهة) مع كتيبة دعم الانفصال؟
– أنا كنت قبل كدا صحفي لست سنوات بدولة الكويت، ولم أكتب في (الانتباهة) تحت لافتة منبر السلام العادل، بل كانت لي أفكاري ورؤيتي، وحينما غلب في نهاية أمرهم ذلك اللون تركت الكتابة فيها.
 { ظاهرة “حميدتي”؟
– هم أكثر من عرفوا التمرد لذلك تحمسوا ضده بتلك الطاقة وأدوا دوراً مهماً جداً في هزيمة التمرد.
 { دكتور “تجاني عبد القادر” قال إن النظام الحالي عبارة عن تحالف بين القبيلة والأمن والتجار؟
– (كلامو صاح) ودي فعلاً القوة الفاعلة.
 { وسط كل هذه الخسارات… هل أنت راضٍ عن نفسك؟
– أنا راضٍ عن نفسي تماماً.
 { ممكن نسألك.. سؤال “حسين خوجلي” لـ”سبدرات” عن تاريخك وهل ستبصق عليه إن كان سيئاً؟
– (ما مناسب لي).
 { المعارضة عاوزة تغيركم؟
– المعارضة.. (50) سنة سرقوا ونهبوا وكانوا كلهم عملاء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية