"الحسن الميرغني".. يزاول نشاطه الرسمي من "القاهرة" وسط مؤشرات لعودته الوشيكة
“أحمد سعد” و”الفاتح تاج السر” يغادران إلى “القاهرة” بعد عودة “حسون”
تغييرات في مكتب “الميرغني” بالقصر الجمهوري.. تشمل مدير المكتب والسكرتير الخاص
الخرطوم ـــ محمد جمال قندول
توجه أمس (الثلاثاء) وفد من قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) في مقدمتهم وزير مجلس الوزراء القيادي “أحمد سعد عمر”، و”الفاتح تاج السر”، إلى “القاهرة” لمقابلة رئيس الحزب بالإنابة ومساعد أول رئيس الجمهورية “محمد الحسن الميرغني”، في شأن عدد من قضايا الحزب المتعلقة، وذلك في أعقاب وفد آخر زار “القاهرة” مؤخراً، والتقى بـ”الحسن”، غير أنه لم يرشح شيء بعد، بخصوص تلك الزيارة.
وتزامنت زيارة الوفد الأخير، مع عودة وفد من قيادات الحزب، بقيادة “طه على البشير”، قضى أسبوعاً في العاصمة البريطانية لأجل مقابلة السيد “محمد عثمان الميرغني” رئيس الحزب، لكنه لم يوفق في مهمته. وتتضارب الإفادات بشأن إخفاقه في مقابلة “الميرغني”.
وكان “محمد الحسن الميرغني”، قد غادر القصر الجمهوري مغاضباً، حسب تقارير صحفية، قبل أكثر من 5 أشهر لداعي العلاج ما بين “تايلاند” و”الإمارات” و”مصر”، حسب مصادر حزبه، قبل أن تتداول تسريبات بأنه غير راضٍ عن وضعه الرسمي، وأنه لم توكل إليه أية مهمات أو ملفات. وهو ما أعاد إلى الأذهان واقعة مغادرة شقيقه “جعفر الميرغني”، مساعد رئيس الجمهورية القصر للسبب نفسه، واستقراره منذ ذلك الوقت في “بريطانيا”.
وقد حل “الحسن” محل “جعفر” في القصر، مساعداً أول لرئيس الجمهورية، في إطار المشاركة التي ارتضاها الحزب (الاتحادي الديمقراطي)، والتي أثارت حالة من الخلاف والتصدع داخل الحزب، وكان من المقرر أن يكون موضوع المشاركة، أحد أجندة اللقاء الذي لم يتم بين الميرغني ووفد مجموعة أم بدة بقيادة “طه” والتي تعارض المشاركة ولها ملاحظات وربما تحفظات على قيادة “الحسن” للحزب.
غير أن مغادرة وفد الأمس لـ”القاهرة”، ربما يعد بمثابة إعلان صافرة عودة “محمد الحسن” للخرطوم، في ظل الأنباء التي تحدثت عن تعديلات واسعة بمكتبه بالقصر الجمهوري.
أجندة القضايا
وكان وفد آخر قد سبق وفد “أحمد سعد عمر” إلى “القاهرة” قبل أسبوع بقيادة وزير تنمية الموارد البشرية بولاية الخرطوم القيادي “أسامة حسون”.
ومن المتوقع أن يناقش الوفد الذي وصل “القاهرة” أمس مع رئيس الحزب بالإنابة عدداً من القضايا أبرزها سير أداء قيادات الحزب بالوزارات المختلفة، وتقييم الشراكة في الحكومة، وأداء الحزب في الفترة السابقة، والتعرف على موجهات عمل الحزب من أجل دعم الشراكة بالفترة المقبلة.
تحمل مؤشرات أجندة اللقاء تمسكاً بالمشاركة ورغبة في تفعيلها، ما يمكن اعتباره دلالة على عودة المياه إلى مجاريها، فيما يخص العلاقة بين الاتحادي الديمقراطي والمؤتمر الوطني الحاكم. وبالتالي قرب عودة “الحسن الميرغني” لمزاولة مهامه الرسمية. ويستفاد من مصادر مطلعة بأن “محمد الحسن” قد شرع فعلياً في تجهيز مكتبه بالقصر الجمهوري، بتعيين “الطيب طه” مديراً لمكتبه بجانب سكرتير خاص له.
بشريات عودة مرتقبة
لكن وزير تنمية الموارد البشرية والعمل والقيادي بالحزب “أسامة حسون” رأى في ترتيب “محمد الحسن” لمكتبه بالقصر أمراً عادياً، وأكد صحة التكهنات بعودة “الحسن”، ولكنه رهن تلك العودة بـ(انتهاء علاجه).
وأكد “حسون” في حديثه لــ(المجهر) أمس (الاثنين) أن “محمد الحسن” مواصل لعمله بالرسمي من “القاهرة”، من خلال اتصالاته، بجانب إشرافه على كل ما يدور بالحزب داخل البلاد، من خلال الاتصالات اليومية بقيادات الحزب، هذا بجانب اتصاله مع لجنة تقييم أداء وزراء الحزب بالحكومة، والتي تنقل له بصورة دورية مؤشرات الأداء.
“حسون” لم يخف انزعاجه من اهتمام أجهزة الإعلام بما يدور في حزبه، وانتقد في حديثه تركيز الصحافة على حزبه في كل صغيرة وكبيرة، على حد قوله، وتساءل قائلاً: لماذا كل هذا التركيز على الحزب وأدائه خاصة، وأن الساحة تعج بالكثير من الأحزاب؟
غير أن القيادي الآخر بالحزب “ميرغني مساعد”، يشير بوضوح إلى انقضاء فترة الاغتراب لمساعد أول الرئيس، وأن هناك بشريات ستلوح في الأفق عقب مغادرة الوفد الذي ضم “أحمد سعد عمر” و”الفاتح تاج السر” إلى القاهرة، ومقابلتهم لرئيس الحزب الإنابة.
وأضاف مساعد خلال حديثه لــ(المجهر) بأن دلالات مغادرة الوفد الأخير تشير بوضوح إلى قرب عودة “محمد الحسن” إلى الخرطوم ومواصلة نشاطه بالقصر الجمهوري، بجانب إشرافه على عمل الحزب إلى حين عودة والده رئيس الحزب “محمد عثمان الميرغني” إلى الخرطوم. في الوقت ذاته أشار مساعد إلى أن عودة “محمد الحسن” ضرورية للغاية لحسم القضايا المعلقة بالحزب.
ويعيش الحزب (الاتحادي) العريق مؤخراً العديد من الأزمات وحالة من التشتت، بسبب غياب رئيس الحزب “محمد عثمان الميرغني” نتيجة أوضاعه الصحية، بالعاصمة البريطانية “لندن” منذ فترة ليست بالقصيرة، بجانب انقسام الحزب إلى مجموعات، بسبب الخلافات حول الموقف من المشاركة، ومن قيادة “الحسن الميرغني” للحزب كنائب لوالده.
المحلل السياسي البروفيسور “حسن الساعوري” يتفق مع التقديرات القائلة بقرب عودة نجل “الميرغني” خاصة بعد الأخبار التي تحدثت عن تجهيز مكتبه بالقصر الجمهوري، وهو ما يعد مرتكزاً رئيسياً لعودته.
غير أن “الساعوري” في حديثه لــ(المجهر) أشار إلى أن أسباب غيابه تتمحور في عدم قدرته على إدارة الحزب السياسية، بجانب خلافه مع رئاسة الجمهورية بقوله الشهير: “ما لقيت شغل”!، وانتقد “الساعوري” الأمر واعتبره دلالة فشل، مشيراً إلى أن السياسي يقتحم ويصنع العمل ولا ينتظر أن يقدم له.
أبعاد الغياب
الجدير بالذكر بأن “نجل الميرغني” ومساعد أول الرئيس “محمد الحسن الميرغني” غادر منذ أكثر من 5 أشهر إلى خارج البلاد لظروف وصفها في بداية مغادرته بأنها صحية وتتعلق بإصابة بقدمه، وظل متجولاً ما بين “تايلاند”، “أبو ظبي” و”القاهرة”، ومنذ تلك الفترة ظلت الأنباء تتأرجح ما بين مغادرته للاستشفاء وخروجه من الخرطوم غاضباً على (تهميشه) وعدم تكليفه بمهام كبيرة.
وتقلد “محمد الحسن” المنصب بعد شقيقه “جعفر” والذي شغل منصب مساعد للرئيس بالقصر، ولكنه ظل في حالة تسفار دائم غائباً عن القصر، رغم عدم تقديمه لدفوعات عن غيابه ليلحق به شقيقه “محمد الحسن” عقب مشاركة الحزب بالانتخابات التي أجريت في (أبريل) من العام الماضي.
واشتهر “محمد الحسن” بالساحة السياسية عقب إقالته لعدد من قيادات الحزب التاريخية بلغ عددهم (17)، فيما عرف بــ(المجزرة) إبان توليه مسؤولية قطاع التنظيم، وذلك بسبب رفض القيادات المفصولة مبدأ المشاركة في الحكومة.
عودة الوفود الاتحادية من “لندن” و”القاهرة”، والتي ستتوج بعودة “الحسن الميرغني”، من شأنها أن تزيد حراك الحزب في الداخل، خاصة حول المحاور الخلافية بين أجنحته المختلفة، ما قد يضيف جديداً للساحة السياسية.