أجل.. سأخونك به!!
{ الكون حالة من الدوران والتغيرات الحسيّة. الشمس هالة من الضوء تمتهن افتضاح الليلة، حين مرور النوم. القمر آية من آيات الله، يتقن الأدباء مدحها. والصمت متسع من اللا وعي يكبل زند القصيدة، ويجتر الستر على جسدها- بعد أن تعتليه الرغبة- ليمنع إنجاب الفضيحة على أزقة القلم المظلمة.
الليل مصباح تزدان به العيون الساهرات فيختفي ضوءه ويختنق لاحتشاد جمالها الفتاك.
{ والكتابة أنثى أدمنت مغازلة الورق..
{ أما أنت فإنك كوني وشمسي وقمري وصمتي وكتابتي وليلي!!
{ أنت كوني الذي تزداد تغيراته بعد اكتواء كل عبرة بنار الحزن..
{ أنت شمسي التي تمتهن افتضاح الدمع عند إنسان عيني.
{ أنت قمري الذي وشى به سحر الظلام، فاتكأ على حبال الليلة، وآثر الظهور حين اختفاء الظلام..
{ أنت صمتي الذي كبّل اللا وعي بقصيدة أنجبها البوح تدعى آدم.
{ أنت ليلي الذي سافر في كل البقاع ليغمرها بالضوء وخبأ ما جمع من الخوف لي وحدي.
{ وأنت رجل ملت مغازلته الحروف وتمردت عليه حين غفلة من الحواس!!
{ أدعي أنك لست معي وأكابر، أدعي فقط، ولكن الشوارع، والإشارات التي تمنح المارة إذن المرور، المياه التي بللت شفاه النيلين، وأشباه الحيارى، والمآذن، والنساء الذاهبات إلى الحقول، كل ذلك ينعتني بالكذب، لأنك تسكن تفاصيلي، لأنك مثل جنيّ غاضب، أبت نفسه إلا أن يستوطن في كل البقاع، ويخترق صفاء الروح، وينتقي بيته بعد أن تعاونت معه اللا رؤية واستدرجته نحو الجسد!!
فأرفع يمينك كلما ندهت مواقيت الحضور، وقل لكل الناس إني ها هنا الرجل الحضور، لك أن تقسم انه ليس في الكون قاطبة من يدانيك مرتبة، وأنا سأقسم على صدقك فاغتر بذلك.
وإن كان لأنثاك عيب، فهو الخوف من أن تغادرها، وإن كان لها هزيمة، فهي أن تظل بعيداً هكذا، فتقذفها الأشجار بالورق وتتغامز الرمال عليها حينما تمر وحدها هذه هزيمتي، وذلك عيبي!! وعيبي الآخر هو إني لم امتلك لوحة ولا مرسماً كي أخلِّد بذكرياتك للعيون، ولكني جئت افرغ ما بذاكرتي بمذكر آخر يجردني من آلامي وثوراتي وصمتي وكآبتي وفرحي، آخر غيرك يجردني من كل شيء.
إنه الورق
هذا عيبي أيضاً، فأنا أخونك معه!!
لا تلمني يا رفيق الدرب، فإني أجده دائماً هو الأقرب، فأبوح له بما أريد وما أريد، يمنحني حرية أن أمزقه، ويبتسم لي حتى عندما أدفع به نحو سلة المهملات.
وحده الورق الذي لا أخشى أن يغادرني يوماً..