مسألة مستعجلة
“أمين” وتجربته مع “الترابي”
نجل الدين ادم
وقع الاختيار الأسبوع الماضي على الدكتور “أمين حسن عمر” ليحكي تجربته مع الراحل الدكتور “حسن الترابي” زعيم الإسلاميين المجدد من خلال السلسلة التي بدأها الاتحاد الوطني للشباب السوداني للتوثيق لمسيرة الرجل، إفادات دكتور “أمين” في منتدى (السبت) الماضي امتلأت بالدفء وقد غالبته العبرة وامتزج حديثه بالبكاء على فقد الأمة لهذا الرجل.
ميزة حديث “أمين” في المنتدى جاءت من أنه أحد تلاميذه المقربين، وقد شغل “أمين” منصب مدير المكتب التنفيذي لـ”الترابي” في وزارة العدل لأكثر من عامين، وكان يرافقه في لقاءات خارج أسوار الوزارة في اجتماعات الحزب وغيرها، والميزة الثانية والأهم أن الراحل “الترابي” عد “أمين حسن عمر” من ضمن قلقة قليلة صنفهم كمفكرين، وهذه لوحدها توضح قدر الأهمية التي يحظى بها “أمين”.
حكى “أمين” عن مقدرة الراحل “الترابي” على إنجاز ما حدده من هدف وإن تطاول الزمن، وعن حرصه على أن يكون الشباب هم القوة الضاربة وكيف كان يوليهم الاهتمام الأكبر، وذكر أن “الترابي” كان يعطي القيادات الحرية في إبداء رأيهم حتى لمن يخالفونهم الرأي، كان أهم ما أثاره “أمين” في إفاداته وهو يرد على استفسارات الحضور، هو موقف الراحل “الترابي” من إعدام زعيم الجمهوريين الراحل “محمود محمد طه” في عهد ثورة مايو، وعدم تأييده للحكم باعتبار أن هناك شبهات سياسية حول الحكم، وأن الأمر متعلق بفكر، “أمين” قال إن رأيه كان عكس شيخه “الترابي”، وإنه يرى في الحكم تطبيقاً لشرع الله، فرغم ذلك لم يخفِ “أمين” إعجابه بالراحل “محمود محمد طه” باعتبار أنه مفكر وكيف أنهم كانوا يحفظون أناشيد الجمهوريين عن ظهر قلب رغم مخالفتهم لهم في الرأي والفكر، “أمين” جسد في الإفادات فعلاً كيف أن الفكر يقوى وأن مكانة الفكر في أحيان كثيرة تطغى.
“أمين” تحاشى الحديث عن المفاصلة وتداعياتها لكي لا ينكأ الجراح وهذا ما فضله الكثيرون باعتبار أنها حقبة انتهت والآن يقبل الحزبان الوطني والشعبي، على مرحلة جديدة ينتظرها الشعب السوداني على أحر من الجمر.
سعدت بطريقة السرد المرتب للدكتور “أمين” وهو ينتقل من محطة إلى أخرى، وأتمنى من اتحاد الشباب أن يولي رغبة البعض في أن يواصل دكتور “أمين” إفاداته في مناحٍ وجوانب أخرى من حياة الراحل “الترابي” وأهميتها أن “أمين” اختار رغم حبه لشيخه “الترابي”، المعسكر الآخر وهو المؤتمر الوطني عند المفاصلة، ولكنه لم ينقطع عنه ويواصل معه لإحساس الاثنين بأن الفكر لا يعرف حدوداً ولا مساحات ولا اختلافاً سياسياً، فيبقى الفكر هو المسيطر.
مرة أخرى أتمنى أن نسعد بجلسة مؤانسة أخرى مع دكتور “أمين” لكي يحدث الناس عن امتداد تجربته.. والله المستعان.