رأي

مسألة مستعجلة

دفع دم قلبه فمنح دم ملوث !!
نجل الدين ادم
ليس خبراً عادياً أن تغلق السلطات الصحية بولاية الخرطوم أول أمس مستشفيين خاصين مشهورين وسط العاصمة، واحدة منها بسبب مخالفة تمثلت في ضبط (44) زجاجة دم فاسد مخلوط بدم صالح. الخبر الذي نشر أشار إلى عدة مخالفات لكن هذه المخالفة كوم وبقية المخالفات كوم آخر، إذ كيف يضمن أي مواطن حياته بعد هذه المعلومة الخطيرة وهو يقصد واحدة من هذه المستشفيات الخاصة مستشفياً وطالباً للعلاج؟!، فيدفع بسخاء ودون حساب،  ليخرج حاملاً للمرض.
 ونقل الدم الفاسد هذه التي أشار إليها المصدر الصحي ربما تعني تحرير شهادة وفاة ولو بعد حين، تخيلوا أن الخبر أشار إلى إقدام واحدة من هذين المستشفيين على خلط الدم الفاسد هذا مع دم صالح!.
والمؤسف حقاً في كل ذلك هو أن العقوبة التي حددت لقاء هذه المخالفات الغرامة (100) جنيه وإغلاق المستشفيين لأسبوعين، وفيما الإغلاق؟، هل لتعود ذات المستشفيات للعمل مرة أخرى وتقع في ذات المخالفة، وهل تكون عقوبة من يعرض حياة الناس للخطر والموت البطئ، فقط عقوبة الغرامة، وهنا يتداعى سؤال يا ترى كم من مواطن مات بسبب هذه المخالفة التي تم ضبطها دون أن يعلم أحد بالأسباب.
القضية يا سادتي أكبر بكثير مما وضع لها من جزاءات وحساب، القضية مسألة حياة أو موت، كان حري بإدارة المؤسسات العلاجية وهي مشكورة على هذا الإنجاز أن تقوم بعمل تحقيق في القضية لكشف كافة أركان هذه الجريمة، لتبين وتكشف كل من هو شريك في هذا الموت السريري من أعلى شخص إلى العامل الذي يعلم بتفاصيل هذا التجاوز ويسكت عنه. كان حري بوزارة الصحة بولاية الخرطوم والإدارة المعنية بهذا الأمر أن تقوم أولاً بإعلان تعليق عمل هذه المستشفيات دونما أي سقوفات زمنية حتى يتبين الأمر وتحدد المسؤولية. كان حرياً بها أيضاً أن تدون بلاغاً عاجلاً بهذا التجاوز طالما أن الجريمة ترقى لجناية القتل العمد أو شبه العمد.
تخيلوا أن تحدث هذه المخالفات في مستشفيات خاصة وذات إمكانيات عالية يدفع المريض لها دم قلبه لتمنحه دماً ملوثاً، إذاً ما بال المستشفيات الحكومية التي لا تتمتع بالإمكانيات التي تتمتع بها هذه المستشفيات.
هذه التجاوز الكبير والخطير ينبغي أن لا يمر كشأن أية مشكلة، ينبغي لوزارة الصحة أن تعيد القراءة لمسألة الرقابة والمتابعة، ينبغي أن تصدر من اللوائح الصارمة التي تمنع بل تحمي حياة الناس من هذا الإهمال المقصود، ينبغي أن تستحدث الوزارة أمناً رقابياً صحياً مقيماً يدقق في إجراءات عمل المستشفيات كافة، ويرصد جودة الخدمة والأداء ويمنح سلطة تمثيل السلطة الرقابية لتقديم أي متجاوز للمساءلة والمحاكمة كمان، مع ذلك أرجو أن أسمع من هذه المستشفيات ما يبدد مخاوفي ومخاوف الجميع، والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية