مسألة مستعجلة
حوار بـ(الجد)
نجل الدين ادم
حوار بـ(الجد)، هنا لا أقصد الحوار الغلب شيخو، بل أقصد بها (الحوار الوطني)، الذي ستسدل لجانه الستار عنه اليوم بعد نحو (4) أشهر من الحوار العميق المتواصل داخل اللجان الست التي كلفت بمناقشة قضايا البلد كافة.
كنت حريصاً على السؤال بشكل دوري: (هل يوجد حوار حقيقي في هذه اللجان؟)، وكانت تأتيني الإجابة بالإيجاب، لكن هذا الإيجاب ما كان يشفي غليلي، لأنني أعرف أن المعارضة المسلحة رفضت المشاركة وكذلك الأحزاب المعارضة وعلى رأسها حزب الأمة القومي والحزب الشيوعي، لذلك كنت أعتقد أنه حوار منقوص، وهي قوى لا يستهان بها ولها مطالبها وقضاياها التي تتبناها وتريد لها أن تكون واقعاً في حكم البلد، وهي بالتأكيد معروفة وعلى رأسها إزاحة النظام الحاكم وتحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة.
لكن بمضي الحوار في مناقشاته الصريحة فقد طرحت قضايا ساخنة وأعمق، بل تجاوز المتحدثون مطالبات المعارضة التي لم تحضر إلى الحوار مقترحات أكثر جرأة. إحدى لجان الحوار أقترح أعضاؤها قيام حكومة انتقالية ومضى النقاش إلى التوصية بقيام حكومة وفاق وطني واقترحت في ذلك سقوف زمنية.. أيضاً تمت التوصية باستحداث منصب رئيس الوزراء وهي واحد من مطالب المعارضة ومضى حال اللجان إلى مناقشتها مقترحاً بالتطبيع مع إسرائيل، ودار نقاش كثيف دونما أي سقوفات، وقد فاجأت لجنة السلام الجميع بمقترح يطلب من دولة جنوب السودان إعادة النظر في وحدة البلدين وبحث الحوار في أمر علم السودان وإمكانية تغييره، وجملة من القضايا التي كان يطالب بها حتى حملة السلاح وجدت حظها في توصيات اللجان بعد أن تمت مناقشتها بصورة مستفيضة.
وحتى مطالب المعارضة بعدم رضاها عن المؤتمر الوطني كانت حاضرة، واللجان تقر مقترحاً بتشكيل حكومة انتقالية أو وفاق وطني رغم الشرعية التي نالها بالانتخابات وذلك من أجل تهيئة البلاد لمرحلة جديدة عبر انتخابات عامة جديدة يشارك فيها الجميع، لذلك ينتفي الحديث عن أن الحوار منقوص ونحن نطالع كل هذه التوصيات المهمة، رغم غياب المعارضة والهدف في النهاية من هذا الحوار هو حل مشكلات البلاد كافة وبتوافق أهل السودان دون استثناء.
ما قامت به لجان الحوار هو جهد كبير ومقدر ينصب في اتجاه الغايات التي ظل يطالب بها الجميع، وتبقت المرحلة المقبلة وهي الفيصل في ما قدمته من عصارة فكر وجهد لاعتماده عبر المؤتمر العام للحوار، حينها يمكننا القول إن الحوار ناقش القضايا كافة ووضع الحلول التي شملت ما ظلت تنادي به المعارضة، الفرصة ما تزال مواتية للمعارضة للحاق بركب هذا الحوار لإكمال المقترحات وما تعتقده صواباً في إطار الحل الشامل.. والله المستعان.