المشهد السياسى
موسى يعقوب
الغلو الأمريكي: لماذا وإلى أين؟
منذ ثلاثة وثلاثين عاماً (1983) والقطب الأمريكي يواصل غلوه على جمهورية السودان وإلى يوم الأمس عندما عمل على حظر تصدير الذهب السوداني الذي صار مورداً اقتصادياً ينمو ويتطور ويرفد الموازنة العامة للبلاد ويجذب إليها المستثمرين.. رغم العقوبات والحصار الأحادي الذي فرضته “الولايات المتحدة”.. ولكن الوقفة (الشرسة) كما يقول الأستاذ “الهندي” التي وجدها المقترح الأمريكي من عدد من الأعضاء في مجلس الأمن جعلته يذهب مع الريح – كما يقولون..!
فلماذا هذا الغلو في الموقف الأمريكي ضد البلاد والعباد في السودان والذي وصل في 30 أغسطس 1998 إلى قصف مصنع (الشفاء للدواء) في الخرطوم بحري بالصواريخ، والمصنع قطاع خاص قصد به سد حاجة الإنسان والحيوان للدواء في السودان وخارج السودان.. فراح المصنع وراح معه عدد من الأفراد من المصنع والجوار السكني؟
ولما كانت عملية الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي أودت بالمركز العالمي للتجارة بـ”نيويورك” وجزءً من وزارة الدفاع بـ”واشنطن”، وهي عملية مؤسفة وكارثية الطابع، ظهر ما عرف بحرب بوش (الابن) على الإرهاب والتي كانت (كارثية) هي الأخرى.. ولها مردودات وعائدات عانت منها الشعوب والدول.. وأشهر هؤلاء جمهورية العراق على عهد الرئيس “صدام”..
والحرب على الإرهاب وهي التي لم تقم على أسس ومرتكزات، شملت (الإسلام).. وموارده التي تعود على الفقراء والمعسرين بالزكاة، فقد حسبت الإدارة الأمريكية يومئذٍ أن (الزكاة) قصد بها دعم الإرهاب والإرهابيين.. فكانت مراقبة ذلك ورصده في المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية ووضع النظم الحاكمة والمنظمات في قائمة الاتهام.
الحال كذلك، كان النظام الحاكم في السودان ورغم مساعيه ونجاحاته في تحقيق السلام والاستقرار والتنمية في البلاد قد وضعته الإدارات الأمريكية المتعاقبة في قائمة (العقوبات الاقتصادية.. والاتهام عبر المحكمة الجنائية الدولية التي قامت لذلك الغرض تحديداً..!) ولأسباب (هلامية) ومصطنعة.
فقضية الصراع والتمرد في (جنوب السودان) التي ولدت في خمسينيات القرن الماضي، حقق فيها النظام الحالي:
أولاً: اتفاق السلام في 5 يناير 2005 بعد مفاوضات طويلة بدأت بـ(أبوجا) وانتهت بـ(نيفاشا).
ثانياً: ووفاءً لما جاء في اتفاق سلام نيفاشا كان حق الانفصال وقيام جمهورية جنوب السودان في 2011م.
وبالنسبة للوضع في دارفور الذي أسست عليه اتهامات وإدعاءات الجنائية الدولية، فإن البلاد اليوم وقد تلاشت فيها أو كادت الحركات المتمردة (سلماً و(حرباً).. تنعم بالسلام والاستقرار إلى حد كبير.. وشعب دارفور اليوم عملاً بما جاء في (اتفاق الدوحة) يعمل من أجل (استفتاء إداري) يحقق فيه رغبته في أن تكون دارفور (إقليماً) أم (ولايات).
فهذا الذي يجري مع (الحوار الوطني والمجتمعي) الذي امتد لأربعة شهور تقريباً، يعني أن البلاد (جمهورية السودان) في حالة استقرار ورضا ديمقراطي إلى حد كبير.. ذلك أن مخرجات ذلك الحوار ستصبح خطة إستراتيجية لحكم البلاد وإدارتها.
والحال هكذا والقطب الأمريكي يسعى لتوطيد ومضاعفة العقوبات عبر إضافة منع تصوير الذهب إلى القائمة، يسأل العاقل:
لماذا الغلو الأمريكي.. وإلى أين؟!
لقد صارت الصورة في “دارفور” وغيرها واضحة، وأياً كانت المبررات والأسباب سياسية أم غيرها، فالسودان ورئيسه السيد المشير “البشير” يتمتعان اليوم برضا وقبول داخلي وخارجي، جعلا الأوضاع مستقرة ومستمرة رغم عصا العقوبات الأحادية الأمريكية والمقاطعة المعلنة والممارسة منذ وقت طويل.
فالسودان وعلاقاته ممتدة مع جواره الإقليمي الأفريقي والعربي وأبعد من ذلك، وصار مقراً لعدد من المنظمات والمؤتمرات واللقاءات، ينفي عنه ذلك تهمة (الإرهاب)، بل يجعله من المقاومين والرافضين للإرهاب.
وضعف المعارضة وهزالها رغم ديمقراطية الحراك وحريته يقول بأن النظام مستقر ولا يذهب إلا عبر صندوق اقتراع.. وشعبية الرئيس “البشير” ومقبوليته تقول بأن إدعاءات الجنائية الدولية عملية سياسية أطاح بها الواقع.
هذا كله بين يدي القارئ وأكثر يجعل العاقل كما قلت يسأل:
الغلو الأمريكي: لماذا.. وإلى أين..؟
لقد آن الأوان لأن يفحص القطب الأمريكي أوراقه ويبحث عن مصالحه ومصالح شعبه.. وإلا فهو الخاسر..!