تقارير

ضعف التوعية يلازم عملية التسجيل لاستفتاء دارفور

نيالا- عبد المنعم مادبو
تعدّ مرحلة التسجيل للاستفتاء الإداري لدارفور التي انطلقت بولايات دارفور الخمس في الثامن من فبراير الحالي وتستمر لمدة أسبوعين إحدى أهم مراحل الاستفتاء، وتباينت مواقف الأطراف المعنية بالاستفتاء، ففي الوقت الذي تصر فيه أطراف اتفاقية “الدوحة” لسلام دارفور- التي حملت بند الاستفتاء- على إجراء الاستفتاء في أبريل المقبل ترى بعض الأطراف ضرورة تأجيله لما بعد مخرجات الحوار الوطني، فيما تطالب جهات أخرى بإلغائه. لكن حسب ما يجري من ترتيبات وتأكيدات الحكومة على حرصها على إجراء الاستفتاء فإن الواقع يقول إن الاستفتاء سيقوم في موعده، وبدأت بناءً على ذلك الأحزاب السياسية في تنوير قواعدها بالخيارين المطروحين حسب نص الاتفاقية، الإبقاء على الوضع الراهن (ولايات دارفور الخمس) أو (ولايات في ظل أقليم واحد).
وفي السياق جاءت زيارة وفد مركزي من حزب المؤتمر الوطني الذي ضم رئيس قطاع التنظيم بالحزب وزير الحكم اللا مركزي دكتور “فيصل حسن إبراهيم” ورئيس مكتب سلام دارفور دكتور “أمين حسن عمر” ونواب المؤتمر الوطني بولايات دارفور للاطمئنان على التحضيرات الجارية لإجراء الاستفتاء قبل يوم من انطلاقة عمليات التسجيل، وعقد الوفد اجتماعاً مغلقاً لإحكام التنسيق بين مكاتب المؤتمر الوطني بولايات دارفور في الاستفتاء، ووصف رئيس مكتب سلام دارفور عضو وفد المؤتمر الوطني الذي زار جنوب دارفور قبل يوم من انطلاقة عملية التسجيل دكتور “أمين حسن عمر”، وصف مطالبات البعض بتأجيل الاستفتاء الإداري بـ(الحجج الواهية)، وقال إن مفوضية الاستفتاء هي الجهة المخول لها تحديد أن الوقت مناسب لإجراء الاستفتاء أم لا، وأكد حرص الحكومة على الاستفتاء وتسخير كل الإمكانيات والوسائل والآليات لإجرائه. وأشار رئيس مكتب سلام دارفور إلى أن الاستفتاء يختلف عن الانتخابات، فالأول يسمح للحكومة بالتدخل فيه بترحيل المواطنين إلى مراكز الاقتراع ودعوتهم للتصويت بشرط أن لا تدعوهم لخيار معين، وقال إن الحكومة تريد أن تحسم الاستفتاء بتصويت السواد الأعظم من أهل دارفور.
وذكر “أمين” خلال اجتماع مشترك لوفد حزبه مع الأحزاب السياسية بالولاية أن أهل دارفور أصبحوا بما ابتلوا به من مصائب أكثر وعياً بكل قضاياهم، وأشار إلى أن الوضع الإداري الذي ستؤول إليه دارفور بعد الاستفتاء سيؤثر على كل الوضع بالسودان، خاصة أن المشاركين في الحوار الوطني بقاعة الصداقة أجمعوا على الوضع الراهن، ثلاثة مستويات للحكم- على حد قوله- وقال: (يجب أن نقنع أهل دارفور بأهمية الاستفتاء لأنه معالجة لأحد ثلاثة أشياء أدت إلى التمرد بدارفور وهي التنمية والتمثيل في السلطة وحل الإقليم السابق)، بينما أجمعت الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة والمعارضة بالولاية على تمسكهم بخيار الولايات ما عدا حزب التحرير والعدالة القومي الذي قال نائب رئيسه بالولاية “عبد الله أبكر” إن رأي حزبه مع الولايات في ظل الإقليم الواحد لدارفور، وأكدت الأحزاب حرصها على إجراء الاستفتاء، وأشارت قيادات الأحزاب إلى أنها بدأت حملتها للتنوير بالاستفتاء ودعوة المواطنين للتسجيل والمشاركة في التصويت.
وفي معسكر السلام جنوبي نيالا وقف الوفد المركزي للمؤتمر الوطني على استعدادات نازحي المعسكر للاستفتاء، الذين أكدوا استعدادهم للاستفتاء، وقال ممثلهم في اللقاء الجماهيري “آدم أبكر خميس” إنهم سيحققون تسجيل (80) ألف نازح للاستفتاء من جملة نازحي المعسكر البالغ عددهم (112) ألف نسمة.
وفي السياق، جرت عملية التسجيل بولايات دارفور وسط إقبال متوسط حسب تقديرات ضباط مراكز بولايتي جنوب ووسط دارفور. وأفاد رئيس اللجنة العليا للاستفتاء بجنوب دارفور “صديق الزين النور” أن الإقبال على مراكز التسجيل بالولاية كان جيداً في يومه الأول، مشيراً إلى أن عدد المسجلين بلغ (23,241) مواطناً على الرغم من أن هناك محليات لم تصل نتائج تسجيلها بسبب ضعف شبكات الاتصال وهي (شرق جبل مرة، السنطة، الردوم ونتيقة)، وقال “صديق” إن الأحداث التي تشهدها مناطق جبل مرة لم تؤثر على إجراءات لجنته الخاصة بالاستفتاء، وذكر أن هناك ثلاث مناطق وصل إليها ضباط المراكز لم يصلوها في فترة الانتخابات السابقة.
ووصف والي جنوب دارفور المهندس “آدم الفكي” الإقبال بالجيد وقال لـ(المجهر) إنه وقف خلال جولته في اليوم الأول على المراكز على مركزين بنيالا حققا تسجيل حوالي (ألف) مواطن بعد مرور ساعتين من بداية عملية التسجيل صباح (الاثنين) الماضي. وشكا المواطنون وبعض ضباط مراكز التسجيل من ضعف التوعية بعملية الاستفتاء ومواقع مراكز التسجيل له، وقال عدد من ضباط التسجيل بمدينة نيالا وبعض المحليات إنهم يواجهون مشكلة في التوعية عبر وسائل الإعلام، بجانب النقص في وسائل الحركة، وأفادت سجلات مركز (مدرسة خديجة) بحي المصانع أن عدد المسجلين في اليوم الأول كان ثلاثة أشخاص فقط، بينما بلغ عدد المسجلين حتى لحظة دخول (المجهر) إلى المركز في حوالي الواحدة ظهراً (ثمانية أشخاص)، وكشفت الاستطلاعات التي أجرتها (المجهر) بالأحياء وسوق نيالا الكبير عن عدم إلمام الناس بأبسط المعلومات الخاصة بالاستفتاء، كما جاء في حديث صاحب البقالة بحي المطار “عثمان الطيب” الذي قال إنه ليس لديه أية فكرة عن فتح مراكز للتسجيل وليس لديه فكرة حتى عن الاستفتاء وخياراته المطروحة، فيما ذكر “الطيب محمد” (معلم بمرحلة الأساس) ويسكن حي تكساس بنيالا أن معلوماته ضئيلة عن الاستفتاء ولا يدري أقرب مركز تسجيل إليه، لكنه يرى أن الوضع الإداري الراهن أفضل، وبرر ذلك بأنه لا يريد أن تكون دارفور في وضع يختلف عن بقية أنحاء البلاد. أما “محمد أحمد آدم” المعروف في حي المطار بـ(الجودي) فقد كان يعتقد أن الاستفتاء الغرض منه تقرير المصير وفصل دارفور عن السودان بالإضافة إلى أنه لم يجد أية معلومة عن المركز الذي سيسجل فيه، بينما يفضل المواطن “أحمد”- الذي فضل عدم إكمال اسمه- خيار الإقليم ويتم إلغاء الولايات تماماً، وقال إن في ذلك تقليل لهدر الموارد التي تذهب إلى الدستوريين في الولايات لكنه- والحديث لـ”أحمد”- إذا كان الاستفتاء يأتي بإقليم وداخله ولايات فالأفضل بالنسبة له خيار الولايات الحالي، ووافقه في ذلك المواطن “عبد الغني إبراهيم” الذي قال إنه كلما كثر عدد الدستوريين كلما كان ذلك ضغطاً على اقتصاد البلاد، وأشار “عبد الغني” إلى أن ما نصت عليه اتفاقية “الدوحة” في خيار (ولايات داخل إقليم) لم يكن واضحاً للمواطنين وقال إن في ذلك لبساً كبيراً يواجه المواطن.
وفي مركز (بلقيس) رفض ضابط التسجيل مد الصحيفة بالمعلومات الخاصة بالتسجيل بحجة أن القانون لا يسمح للصحفي بالاطلاع على سجلات مراكز التسجيل ما لم يحمل معه بطاقة معتمدة من اللجنة العليا، الأمر الذي لم توفره اللجنة للصحفيين والمراقبين بالولاية. وعندما حملنا قضية قلة الوعي بالاستفتاء ومسألة البطاقات إلى رئيس اللجنة العليا “صديق الزين” قال إن أمر التوعية هو مسؤولية الحكومة، وأوضح أنه طرح هذا الأمر على الوفد المركزي الذي زار الولاية برئاسة وزير الحكم اللا مركزي ورئيس مكتب سلام دارفور، وأضاف إنهم أفادوه بأنهم (سيعملون حملة إعلامية عبر الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون)، وأشار إلى أنهم اجتهدوا في هذا الأمر بتنظيم إعلام طائف بمحلية نيالا شمال بالتعاون مع اتحاد الطلاب بالولاية واتحاد المرأة ببلدية نيالا، ولفت إلى أن غياب إذاعة نيالا عن محليات الولاية كان له أثر كبير على عدم التمكن من توعية المجتمع، وذكر أنه تحدث مع حكومة الولاية في مسألة التوعية بالمحليات وقال: (هي مسؤولية الحكومة بصورة أساسية). أما فيما يلي بطاقات الصحفيين والمراقبين قال رئيس اللجنة العليا إن المفوضية المركزية لم تمدهم بتلك البطاقات، منوهاً إلى أنه في غضون يومين إذا لم تصلهم البطاقات فإنه سيضطر إلى إنزال توجيه للمراكز للتعامل مع الصحفيين بدون إبراز البطاقة المعتمدة من اللجنة.
وتشير المصادر إلى استخدام أساليب مختلفة في عملية إقناع المواطن بدارفور بالإقبال على التسجيل والتصويت لاحقاً، فمثلاً في شرق دارفور وصلت الرسالة إلى المواطنين بأن خيار الإقليم سيلغي ولايتهم ما جعلهم يتدافعون لمراكز التسجيل لحماية بقاء الولاية، بينما رأى المواطنون في محليات شرق ولاية شرق دارفور حسب المصادر أن إنشاء الولاية أتاهم بالمشكلة القبلية مع أشقائهم “الرزيقات” لذلك كانوا في بداية الأمر مع خيار الإقليم الذي سيذوب الولايات حسب فهم بعضهم، لكن تم استقطابهم بصورة أخرى مفادها أنه في حال دعم خيار الولايات فإن هناك اتجاهاً لمنحهم ولاية منفصلة تضم محليات شرق ولاية شرق دارفور وجزءاً من ولاية شمال دارفور، وبما أن الاستفتاء الإداري لدارفور أحد بنود اتفاقية سلام دارفور فإن البعض يخشى أن ينتج عنه مولود ينسف ما حققته اتفاقية “الدوحة” من سلام على الرغم من أن البعض يراه ناقصاً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية