رئيس منظمة الشفافية السودانية في إفادات جريئة لـ(المجهر)
د. الطيب مختار: بعض الدستوريين يجهضون الإرادة السياسية لمكافحة الفساد
الفساد لا يمكن مكافحته بالنداء الفردي لأنه عابر للقارات
مصادرة الصحف وإيقافها دون قرار قضائي وراء تذيل السودان لقائمة الفساد
حوار – وليد النور
منظمة الشفافية السودانية تم تسجيلها في مفوضية العون الإنساني كمنظمة تطوعية في العام 2007م، ولكنها مارست نشاطها فعلياً في أبريل من العام 2014م وهي مهتمة بتناول قضايا الفساد، وتعمل بالشراكة مع منظمة الشفافية العالمية وتعمل بالتنسيق مع بعض منظمات المجتمع المدني، وتدعو إلى محاربة الفساد وبسط الحريات وحقوق الإنسان، وقال رئيس المنظمة دكتور “الطيب مختار” في حوار مع (المجهر) إن السودان تقدم درجة واحدة خلال العام 2015م، مشيداً بفصل النيابة العامة عن الجهاز التنفيذي حتى تستطيع تنفيذ عملها دون أي ضغوط.
{ ما هو الجديد الذي ستضيفه مفوضية مكافحة الفساد التي أنشأت مؤخراً في ظل وجود قوانين سابقة (الثراء الحرام.. الشراء والتعاقد.. مكافحة الثراء الحرام والمشبوه)، والسودان لازال يتذيل قائمة الدول الأكثر فساداً ويحصل على 12 درجة من 100 درجة؟
– أولاً في السابق كانت النيابات تتبع للجهاز التنفيذي وهو ما ينتقص من صلاحياتها مثلاً (ببساطة جداً ممكن وكيل وزارة العدل أو النائب العام أو حتى الوزير إذا كان ينتمي لحزب سياسي باستطاعته إيقاف أي إجراء في النيابة، ولكن المفوضية ستكون مستقلة وحيادية ويمكنها تنفيذ كافة الإجراءات دون مضايقة من أي جهة.
{ إذن ما فائدة القوانين؟
– القوانين الموجودة ستكون مكملة لعمل المفوضية في مكافحة الفساد لاسيما أن “الأمم المتحدة” تطالب بقيام مفوضيات وليس مفوضية واحدة في كل دولة، ولا يوجد تداخل في الاختصاصات والتشريعات بين القوانين، لأن الفساد هو عابر للقارات والدول ومؤثر على الاقتصاد والأخلاق، وتتم إدارته عبر شبكات دولية تعمل في مكافحة أنحاء العالم، ولذلك ستعمل المفوضية مع نظيراتها في العالم.
{ ولكن ما هي الآليات التي تمتلكها المفوضية وتستطيع بها الحد من انتشار الفساد؟
– الفساد الآن لا يمكن مكافحته عن طريق أقبض هذا وهو ما يعرف (بالنداء الفردي)، هنالك طريقة جديدة تتم وفق إستراتيجية وبرامج ممنهجة، فالمفوضية تستطيع الحد من الفساد وخطورته عبر التشريعات والقوانين وتجفيف منابعه بسد الثغرات القانونية والإدارية.
{ التقييد والتضييق على الإعلام أحد مسببات الفساد حسب تقرير منظمة الشفافية العالمية؟
– إيقاف الصحف دون قرار قضائي من المؤشرات السالبة في مؤشر مدركات الفساد، ولذلك نطالب الحكومة أن تأخذ ما تكتبه الصحف عن الفساد مأخذ الجد في حالة يكون صحيحاً، وإذا كان غير صحيح فالقضاء هو الفيصل على ما يترتب من النشر الخطأ، لأن إغلاق الصحف ومصادرتها من الأسباب التي جعلت السودان في ذيل قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم.
{ ما هي التأثيرات العالمية على السودان من خلال تقرير مؤشر مدركات الفساد؟
– هذا التقرير ينتظره قادة العالم كله سنوياً من السياسيين والاقتصاديين والمستثمرين ورجال الأعمال والممولين وأجهزة الإعلام بمختلف مسمياتها، وكثير من القرارات الدولية الكبيرة تصدر على خلفية تقرير المؤشر.
{ وزير العدل السابق مولانا “محمد بشارة دوسة” اشتكى من الحصانات الممنوحة وأنها تعرقل سير العدالة؟
– لا توجد شفافية مع الحصانات.
{ وهل يؤثر ترتيب السودان المتأخر على مطالبته بإعفاء ديونه الخارجية؟
– نعم له تأثير كبير على إعفاء الدين الخارجي ولن يعفى إلا في حالة تقدم السودان درجات كبيرة في مجال مكافحة الفساد، لان تصنيفه المتأخر لا يشجع الدول الدائنة لإعفاء ديونها ولا المانحين، لأن القروض ستذهب إلى دولة فاسدة، وحتى القرارات السياسية ينظر متخذوها إلى تصنيف الدولة من الفساد.
{ ولكن هنالك قوانين لم تشرع بعد في السودان من بينها قانون حماية المبلغين؟
– نعم هذا من أوجه القصور التي يعاني منها السودان في مجال مكافحة الفساد على الرغم من تضمين حماية المبلغين في قانون مفوضية مكافحة الفساد، وكذلك إقرارات الذمة التي نص عليها في الدستور وموجودة منذ العام 2013م، ولكن لم تظهر نتائجها حتى الآن. وهنالك بعض التطور الملحوظ في السودان مثل تقرير المراجع العام وقانون مكافحة غسل الأموال الذي أجيز، وبموجبه رفعت مجموعة العمل الدولية اسم السودان من الحظر.
{ ماه ي الاتفاقيات الدولية والإقليمية الخاصة بمكافحة الفساد والسودان مصادق عليها؟
– السودان موقع على الاتفاقية الأفريقية لمكافحة الفساد، ولكنه لم يصادق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
{ هل هنالك قوانين لم تتم إجازتها وهي تساهم في مكافحة الفساد؟
– قانون حرية الحصول على المعلومات الذي يقبع في منضدة البرلمان منذ العام 2015م، وقانون مكافحة الفساد الذي أجيز في (يناير) الجاري، إذا تمت إجازته في الدورة السابقة للبرلمان لقفز السودان مركزاً متقدماً في تصنيف العام 2014م، وكذلك قانون النيابة العامة التي تفصلها من الجهاز التنفيذي.
{ ما هي التحديات التي تواجه السودان للخروج من الموقع المتأخر في مؤشر مدركات الفساد؟
– أولاً البرلمان عدل المادة (9) من قانون الإجراءات المالية والقوانين المصاحبة للموازنة لها التي كانت تمنع وزارة المالية من إدخال أي تعديلات على الموازنة بعد إجازتها من الهيئة التشريعية إلا بالرجوع إليها، وبتعديل المادة (9) جاءت هذه (الكارثة) لأن البرلمان بمحض إرادته منح سلطاته للجهاز التنفيذي (وما عارف هم الآن محتجين على شنو بعد تفريطهم في سلطتهم التي حولوها إلى الجهاز التنفيذي)، وهذا يؤكد عدم تحمل النواب لأمانة الشعب الذي انتخبهم من أجلها، فضلاً عن تنازلهم من الرقابة على الميزانية مما يجعلها غير شفافة ومغلقة على المكاتب والموظفين.
{ هل هنالك تصنيف للدول ولماذا السودان دائماً يأتي خلف الدول التي تعاني من اضطرابات مثل “الصومال” و”العراق” و”أفغانستان”؟
منظمة الشفافية تقسم الدول إلى ثلاث مجموعات، وهي دول حصل فيها تقدم، ودول ظلت كما هي، ودول ارتفع فيها مؤشر مدركات الفساد.
{ أين موقع السودان من المجموعات الثلاث؟
– السودان من الدول التي حدث فيها تطور في مجال مكافحة الفساد، لأن القياس في المؤشر يكون بالدرجات وليس الترتيب، وحصل السودان في العامين 2013 و2014م على 11 درجة من الدرجة الكاملة 100 درجة، وفي العام 2015م حصل على 12 درجة، وهذه الدرجة لها مقياس كبير في حساب مكافحة الفساد، لكن الصحف دائماً تهتم بالترتيب دون الدرجات.
{ ما الجديد الذي فعله السودان حتى تقدم درجة واحدة في العام 2015م؟
– من الأشياء التي منحت السودان نقطة إضافية هو قيام الانتخابات في العام 2015م بغض النظر عن سلبياتها أو ايجابيتها، لأن قيام الانتخابات يعني هنالك رغبة للتداول السلمي للسلطة، وهنالك دولة منحت خمس درجات فقط بقيام الانتخابات، ثم الإعلان عن قيام مفوضية لمكافحة الفساد وانطلاق فعاليات الحوار الوطني.
{ ما هي الجهات التي تستقي منها منظمة الشفافية العالمية معلوماتها قبل إصدار تقريرها؟
– عادة تصدر المنظمة تقريرها السنوي في الثالث والعشرين من (ديسمبر)، ولكن هذا العام تأخر إلى السادس والعشرين من (يناير)، وتعتمد المنظمة على تقارير البنك الدولي والتطور السياسي في كل بلد، بجانب التقارير الصحفية والإعلامية وتناولها لقضايا الفساد، فضلاً عن تقارير منظمات حقوق الإنسان، ومن رجال الأعمال فيما يتعلق بالرشوة للموظفين لتنفيذ بعض المهام، ثم الإعلام الحكومي الذي يعتمد على الايجابيات دون السلبيات، ثم الإعلام المستقل الذي يورد الايجابيات والسلبيات.
{ أين تقرير منظمة الشفافية السودانية؟
– منظمة الشفافية السودانية أصدرت تقريرها في الثالث والعشرين من (ديسمبر) العام المنصرم، وسلمت نسخة منه لمنظمة الشفافية العالمية ووزارة العدل، واعتمدت المنظمة في تقريرها على تقرير المراجع العام ونشراتها التي تصدرها لوسائل الإعلام، ثم مصادر خاصة والصحف والإعلام الرسمي والالكتروني، وكان تقرير محايد جداً.
{ ما هي العلاقة بين منظمة الشفافية السودانية والعالمية؟
– على الرغم من أن منظمة الشفافية العالمية لها أفرع عديدة منتشرة في كل العالم، ولكن منظمة الشفافية السودانية تعتبر شريكة لمنظمة الشفافية العالمية.
{ ما هي متطلبات توفر الشفافية؟
– هنالك بعض الممارسات من بعض الأجهزة التنفيذية والدستورية، مثلاً تنازل البرلمان عن صلاحياته إيقاف الصحف تهزم الإرادة السياسية لمكافحة الفساد، وما تم انجازه في العام 2015م شكل انطلاقة قوية للسودان للتقدم في مجال حقوق الإنسان لاسيما أن السودان يسعى للانفتاح على العام العربي والدولي.