مسألة مستعجلة
فتح الحدود مع الجنوب
نجل الدين ادم
أهم ما حملته أنباء الصحف يوم أمس (الخميس) كان قرار رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” وتوجيه بفتح الحدود مع دولة جنوب السودان بعد فترة قطيعة مكتومة بين البلدين.
القرار وجد ارتياحاً واسعاً من المواطنين سيما وأنه ينطوي على إيجابيات للبلدين، حيث كان لفتور العلاقات دور رئيسي في تعطيل المصالح المشتركة، وفي النهاية تضرر الطرفان حكومة وشعباً، وهذا الفتح يعني إزالة الموانع وانسياب التجارة وهو بمثابة فتح صفحة جديدة لتمتين العلاقات بين “الخرطوم” و”جوبا”.
أفضل ما في هذه العودة للعلاقات بين البلدين أنها جاءت تلقائية ومتوافقة، رئيس دولة جنوب السودان الفريق “سلفاكير ميارديت” استبق قرار رئيس الجمهورية بحديث إيجابي عن العلاقات واستبعد الدخول في حرب مع السودان، حيث توقف الجميع عند هذا الموقف باعتباره تطوراً إيجابياً نقل “جوبا” من حالة الاتهام المتوالي والمتكرر، إلى حالة السكون والرغبة في إصلاح ما أفسدته السياسات المغلوطة، وهذا ربما كان فتحاً لصدور قرار مكافئ من الرئيس “البشير”.
السودان بوصفه الدولة الأم التي خرجت من رحمها دولة جنوب السودان، يظل هكذا مهما حدث من شقاق، لأن أواصر العلاقات الأزلية لا تمحوها الحدود ولا الزمن، حيث إن تصاهراً وتزاوجاً بين الشعبين يجعل من العسير استدامة حالة الجفوة.
السودان وبما يحمله من صفات الأمومة والأبوية تجده في كل المحن التي تصيب دولة الجنوب، أول المتقدمين في صفوف إغاثة أهله، وقرار الرئيس بعدم التعامل مع الجنوبيين الفارين من جحيم الحرب في بلدهم كأجانب رغم انفصالهم، هو خير دليل على ذلك وقد أصر الرئيس برغم اعتراض المنظمة الدولية على عدم اعتبار الجنوبيين لاجئيين.
الآن الجنوبيون ورغم خيارهم الطوعي في تقرير مصيرهم وذهابهم إلى دولتهم، تجدهم منتشرين في كل ولايات السودان يجدون التعاون والتقدير من أهلهم وهذا مكسب كبير لم تسعَ قيادة دولة الجنوب إلى فهمه على النحو الصحيح والعمل على تطوير العلاقات، بل عهدوا إلى فتح جبهات الحرب مع فصائل جنوبية أخرى من بينهم نائب “سلفاكير” السابق الدكتور “رياك مشار”.
الجميع يعرف أن هناك عدداً من الملفات العالقة وهي بمثابة قنابل موقوتة إذا لم يتم تداركها والتعامل معها بحكمة، وعلى رأس ذلك الترتيبات، الملف الأمني ومزاعم الإيواء المتبادلة، بجانب ملف الحدود وأبيي وأخرى.
والآن الحكمة جاءت في وضع الرئيس فتح الحدود كأساس متين يمكن أن يتجاوز به الطرفان كافة العقبات التي تعترض الملفات العالقة.
وفتح الحدود يعني كما ذكرت انسياب التجارة وتبادل المنافع، فعندما تتحقق هذه الأهداف لن تكون هناك عقبات ولا إشكالات، وبموجب ما تحقق من مكاسب مشتركة سيسعى الطرفان لتذليلها مهما كانت معقدة لضمان استمرار المصالح.. والله المستعان.