برلين ..أديس .. الخرطوم
.بدأت ببرلين (أمس( جولة مفاوضات غير رسمية كما تعارف عليها مؤخراً، بين الحكومة السودانية ومتمردي قطاع الشمال؛ جولة متممة لجولة غير رسمية سبقت في “أديس أبابا “انتهت بظهور” ياسر عرمان” على شاشة التلفزيون القومي وتعجل البعض بقولهم إن الحركة الشعبية ستلحق بالحوار الوطني وهو ما لم تثبت دقته حتى الآن؛ وكان واضحاً أن تعجلاً بالتصريحات قد أفسد أمراً وأضر بترتيب معين.
الجولة الجديدة تستضيفها (ألمانيا) والتي منذ نصف عام نشطت في الملف السوداني وتخصصت في قضية المنطقتين وبدت لها جهود في ترتيبات دعم الحوار الوطني ؛ اللافت في أمر هذه اللقاءات غير الرسمية ولقاء برلين تحديداً، أنه يفترض أن يكون قد انعقد مع ميقات تقديم رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة، خطابه وتقريره لمجلس السلم الأفريقي؛ ولسبب ما غير مفهوم لم يعد أحد يتحدث عن التقرير وهل تأجلت اجتماعات المجلس أم أنها ستنعقد بعد انقضاء لقاء برلين مما يعني أن الملتقى يفترض به أن يحمل جديداً.
سيكون محبطاً أن يخرج الطرفان بعد يومين أو ثلاثة للحديث عن الشفافية والنقاشات المعقمة والمعمقة؛ وأنهما اتفقا على وحدة السودان وتجاوز الحرب وغيرها من عبارات جميلة لكنها بلا رصيد عملي، ولهذا فالمطلوب التوصل إلى إجراءات فاعلة وذات أثر على واقع الناس في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ولا أقول دارفور التي تجاوزت الحرب وعبرت ظروف الاقتتال، إذ لم يعد التمرد موجوداً خلا جيوب صغيرة بمغيب شمس هذا اليوم ستكون قد نظفت تماماً.
أتوقع مقاومة ما من متمردي قطاع الشمال والذين رغم علمهم أن لا خيارات لهم، فإنهم سيجنحون للمماطلة وعينهم على مسار دارفور، لأنه ورغم القطيعة الظاهرية فإن تنسيقاً ما وإن كان بقدر أخف من السابق يجري ويتم؛ وإن حدث تحرك سريع الإيقاع في ملف دارفور، فالراجح أن عقداً عديدة ستحل في محور المنطقتين؛ لأني أعتقد أن تصلب المواقف حول الإغاثة من خارج الحدود وغيرها إنما هو تكتيك انسحاب مؤقت لحين معرفة مشهد الصورة الكلية.
حركات دارفور المتمردة ومتمردو قطاع الشمال جميعاً يرغبون في التوقيع لكن كل فريق في انتظار الذي سيقدم على الخطوة ؛ وعموماً بالتوفيق ..نريد السلام فقط فعجل يا ربي بالفرج.
الأوضاع المحلية والدولية وتطورات سياسية وعسكرية متعددة تجعل وبشكل واقعي خيارات المتمردين ضيقة؛ وهم مع هذا لا يتوقع أحد منهم استسلاماً بلا ثمار أو نقاط؛ وهو ما يلقي على الحكومة ووفدها واجب استحداث مقترحات بناءة تحقق أغراض السلام وفق مطلوبات الصحة وعدم استصحاب أي مخاطر، وإيجاد وضعية توفيقية لمطالبات المتمردين؛ بمعنى آخر يجب فتح الأفق وعدم الانغلاق في وضعية الرفض المطلق، لأن تحقيق السلام في الآخر سيحقق للحكومة أجواء إيجابية أكثر مائة مرة من التمرد والذي على العكس فإن السلام يحدث له المشاكل والانشقاقات.